[ ص: 49 ] 54-
فتوبوا إلى بارئكم أي خالقكم.
فاقتلوا أنفسكم أي ليقتل بعضكم بعضا; على ما بينت في كتاب "المشكل" .
وقوله:
فتاب عليكم أي ففعلتم فتاب عليكم. مختصر .
55-
نرى الله جهرة أي علانية ظاهرا، لا في نوم ولا في غيره.
فأخذتكم الصاعقة أي الموت. يدلك على ذلك قوله:
ثم بعثناكم من بعد موتكم . والصاعقة تتصرف على وجوه قد ذكرتها في كتاب "المشكل" .
57-
الغمام السحاب. سمي بذلك لأنه يغم السماء أي يسترها وكل شيء غطيته فقد غممته. ويقال: جاءنا بإناء مغموم. أي مغطى الرأس.
وقيل له: سحاب بمسيره، لأنه كأنه ينسحب إذا سار .
المن يقال: هو الطرنجبين .
[ ص: 50 ] والسلوى طائر يشبه السمانى لا واحد له.
وما ظلمونا أي ما نقصونا.
ولكن كانوا أنفسهم يظلمون أي ينقصون.
والظلم يتصرف على وجوه قد بينتها في كتاب "المشكل" .
58- وقوله:
وقولوا حطة رفع على الحكاية. وهي كلمة أمروا أن يقولوها في معنى الاستغفار، من حططت. أي حط عنا ذنوبنا.
59-
فبدل الذين ظلموا قولا غير الذي قيل لهم أي قيل لهم: قولوا: حطة فقالوا: حطا سمقاتا، يعني حنطة حمراء. .
و (الرجز العذاب.
60-
ولا تعثوا من عثي. ويقال أيضا من عثا، وفيه لغة أخرى عاث يعيث. وهو أشد الفساد.
وكان بعض الرواة ينشد بيت
ابن الرقاع: لولا الحياء وأن رأسي قد عنا ... فيه المشيب لزرت أم القاسم
وينكر على من يرويه: "عسا". وقال: كيف يعسو الشيب وهو
[ ص: 51 ] إلى أن يرق في كبر الرجل ويلين، أقرب منه إلى أن يغلظ ويعسو أو يصلب؟ واحتج بقول الآخر:
*
وأنبتت هامته المرعزى
*
يريد أنه لما شاخ رق شعره ولان، فكأنه مرعزى [والمرعزى: نبت أبيض] .
61- ( والفوم ) فيه أقاويل: يقال: هو الحنطة، والخبز جميعا. قال
nindex.php?page=showalam&ids=14888الفراء هي لغة قديمة يقول أهلها: فوموا، أي: اختبزوا. ويقال: الفوم الحبوب.
ويقال: هو الثوم.
والعرب تبدل الثاء بالفاء فيقولون جدث وجدف. والمغاثير والمغافير . وهذا أعجب الأقاويل إلي; لأنها في مصحف
عبد الله: "وثومها" .
وباءوا بغضب أي رجعوا. يقال: بؤت بكذا فأنا أبوء به. ولا يقال: باء بالشيء.
62- " الذين هادوا " هم: اليهود.
والصابئين قال
nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة هم قوم يعبدون الملائكة، ويصلون [إلى] القبلة، ويقرءون الزبور.
[ ص: 52 ] وأصل الحرف من صبأت: إذا خرجت من شيء إلى شيء ومن دين إلى دين. ولذلك كانت
قريش تقول في الرجل إذا أسلم واتبع النبي صلى الله عليه وعلى آله -: قد صبأ فلان - بالهمز - أي خرج عن ديننا إلى دينه.
* * *
63- و
الطور الجبل. ورفعه فوقهم مبين في سورة الأعراف.
65-
اعتدوا منكم في السبت أي ظلموا وتعدوا ما أمروا به من ترك الصيد في يوم السبت.
فقلنا لهم كونوا قردة خاسئين أي: مبعدين . يقال: خسأت فلانا عني وخسأت الكلب. أي: باعدته. ومنه يقال للكلب: اخسأ، أي: تباعد.
* * *
66-
فجعلناها نكالا أي: قرية أصحاب السبت. نكالا أي عبرة لما بين يديها من القرى، وما خلفها ليتعظوا بها.
ويقال: لما بين يديها من ذنوبهم وما خلفها: من صيدهم الحيتان في السبت. وهو قول
nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة . والأول أعجب إلي.
68-
لا فارض أي: لا مسنة. يقال: فرضت البقرة فهي فارض، إذا أسنت. قال الشاعر:
[ ص: 53 ] يا رب ذي ضغن وضب فارض ... له قروء كقروء الحائض
أي ضغن قديم.
ولا بكر أي ولا صغيرة لم تلد، ولكنها
عوان بين تينك. ومنه يقال في المثل: "العوان: لا تعلم الخمرة" . يراد أنها ليست بمنزلة الصغيرة التي لا تحسن أن تختمر.
69-
صفراء فاقع لونها أي ناصع صاف.
وقد ذهب قوم إلى أن الصفراء: السوداء . وهذا غلط في نعوت البقر. وإنما يكون ذلك في نعوت الإبل. يقال: بعير أصفر، أي أسود. وذلك أن السود من الإبل يشوب سوادها صفرة. قال الشاعر:
تلك خيلي منه وتلك ركابي ... هن صفر أولادها كالزبيب
أي سود.
[ ص: 54 ] ومما يدلك على أنه أراد الصفرة بعينها - قوله
فاقع لونها والعرب لا تقول: أسود فاقع - فيما أعلم - إنما تقول: أسود حالك، وأحمر قاني، وأصفر فاقع .
* * *
71-
لا ذلول يقال في الدواب: دابة ذلول بينة الذل - بكسر الذال وفي الناس: رجل ذليل بين الذل. بضم الذال.
تثير الأرض أي تقلبها للزراعة. ويقال للبقرة: المثيرة.
ولا تسقي الحرث أي لا يسنى عليها فيستقى بها الماء لسقي الزرع .
مسلمة من العمل.
لا شية فيها أي: لا لون فيها يخالف معظم لونها - كالقرحة، والرثمة، والتحجيل وأشباه ذلك.
والشية: مأخوذة من وشيت الثوب فأنا أشيه وشيا. وهي من المنقوص. أصلها وشية. مثل زنة، وعدة.
* * *
72-
فادارأتم فيها اختلفتم. والأصل: تدارأتم. فأدغمت التاء في الدال، وأدخلت الألف ليسلم السكون للدال الأولى. يقال: كان بينهم
[ ص: 55 ] تدارؤ في كذا. أي اختلاف. ومنه قول القائل في رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كان شريكي فكان خير شريك: لا يماري ولا يداري" أي لا يخالف.
* * *
73-
فقلنا اضربوه ببعضها أي اضربوا القتيل ببعض البقرة. قال بعض المفسرين: فضربوه بالذنب. وقال بعضهم: بالفخذ فحيي.
74-
ثم قست قلوبكم أي: اشتدت وصلبت.
78-
ومنهم أميون لا يعلمون الكتاب إلا أماني أي لا يعلمون الكتاب إلا أن يحدثهم كبراؤهم بشيء، فيقبلونه ويظنون أنه الحق وهو كذب. ومنه قول
nindex.php?page=showalam&ids=7عثمان - رضي الله عنه -: "ما تغنيت ولا تمنيت" أي: ما اختلقت الباطل.
وتكون الأماني التلاوة. قال الله عز وجل:
وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي إلا إذا تمنى ألقى الشيطان [في أمنيته يريد إذا تلا ألقى الشيطان في تلاوته] .
[ ص: 56 ] يقول: فهم لا يعلمون الكتاب إلا تلاوة ولا يعملون به، وليسوا كمن يتلوه حق تلاوته: فيحل حلاله ويحرم حرامه، ولا يحرفه عن مواضعه.
* * *
79-
فويل للذين يكتبون الكتاب بأيديهم ثم يقولون هذا من عند الله أي يزيدون في كتب الله ما ليس منها; لينالوا بذلك غرضا حقيرا من الدنيا.
* * *
80-
وقالوا لن تمسنا النار إلا أياما معدودة قالوا: إنما نعذب أربعين يوما قدر ما عبد أصحابنا العجل.
قل أتخذتم عند الله عهدا أي أتخذتم بذلك من الله وعدا؟
* * *
83-
وإذ أخذنا ميثاق بني إسرائيل لا تعبدون إلا الله أي أمرناهم بذلك فقبلوه; وهو أخذ الميثاق عليهم.
وبالوالدين إحسانا أي وصيناهم بالوالدين إحسانا. مختصر كما قال:
وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا أي: ووصى بالوالدين .
* * *
84-
وإذ أخذنا ميثاقكم لا تسفكون دماءكم أي لا يسفك بعضكم دم بعض.
ولا تخرجون أنفسكم من دياركم أي لا يخرج بعضكم بعضا من داره ويغلبه عليها.
[ ص: 57 ] ثم أقررتم أي ثم قبلتم ذلك وأقررتم به.
وأنتم تشهدون على ذلك.
* * *
85-
ثم أنتم هؤلاء تقتلون أنفسكم وقد بينت معنى هذه الآية في المشكل .
تظاهرون تعاونون. والتظاهر: التعاون. ومنه قوله:
إن تتوبا إلى الله فقد صغت قلوبكما وإن تظاهرا عليه أي تعاونا عليه. والله ظهير أي: عون.
وأصل التظاهر من الظهر. فكأن التظاهر: أن يجعل كل واحد من الرجلين أو من القوم الآخر له ظهرا يتقوى به ويستند إليه.
* * *
87 -
وقفينا من بعده بالرسل أي: أتبعناه بهم وأردفناه إياهم وهو من القفا مأخوذ. ومنه يقال: قفوت الرجل: إذا سرت في أثره.
* * *
88-
قلوبنا غلف جمع أغلف. أي كأنها في غلاف لا تفهم عنك ولا تعقل شيئا مما تقول. وهو مثل قوله:
قلوبنا في أكنة مما تدعونا إليه يقال: غلفت السيف: إذا جعلته في غلاف، فهو سيف أغلف. ومنه قيل لمن لم يختن: أغلف.
[ ص: 58 ] ومن قرأه (غلف مثقل. أراد جمع غلاف. أي هي أوعية للعلم .
* * *
89-
وكانوا من قبل يستفتحون على الذين كفروا يقول: كانت اليهود إذا قاتلت أهل الشرك استفتحوا عليهم; أي استنصروا الله عليهم. فقالوا: اللهم انصرنا بالنبي المبعوث إلينا. فلما جاءهم النبي صلى الله عليه وسلم وعرفوه كفروا به. والاستفتاح: الاستنصار.
* * *
93-
وأشربوا في قلوبهم العجل بكفرهم أي: حب العجل.
96-
ولتجدنهم أحرص الناس على حياة يعني اليهود.
ومن الذين أشركوا يعني المجوس. وشركهم: أنهم قالوا بإلهين: النور والظلمة.
يود أحدهم لو يعمر ألف سنة أراد معنى قولهم لملوكهم في تحيتهم: "عش ألف سنة وألف نوروز" .
وما هو بمزحزحه من العذاب أن يعمر أي: بمباعده من العذاب طول عمره; لأن عمره ينقضي وإن طال; ويصير إلى عذاب الله.
[ ص: 59 ]
97-
قل من كان عدوا لجبريل من اليهود . وكانوا قالوا: لا نتبع
محمدا وجبريل يأتيه; لأنه يأتي بالعذاب.
فإنه نزله يعني: فإن
جبريل نزل القرآن
على قلبك
* * *