هذا باب من المجاز
28- أما قوله:
(ثم استوى إلى السماء فسواهن) وهو إنما ذكر سماء واحدة، فهذا لأن ذكر "السماء" قد دل عليهن كلهن. وقد زعم بعض المفسرين أن "السماء" جميع مثل "اللبن". فما
[ ص: 62 ] كان لفظه لفظ الواحد ومعناه معنى الجماعة جاز أن يجمع فقال: (سواهن) فزعم بعضهم أن قوله:
(السماء منفطر به) جمع مذكر كـ "اللبن". ولم نسمع هذا من العرب والتفسير الأول جيد. وقال
يونس :
(السماء منفطر به) ذكر كما يذكر بعض المؤنث؛ كما قال الشاعر: [
عامر بن جوين الطائي ] :
(31) فلا مزنة ودقت ودقها ولا أرض أبقل إبقالها
وقوله: [
الأعشى ] :
(32) فإما تري لمتي بدلت فإن الحوادث أودى بها
وقد تكون "السماء" يريد به الجماعة، كما تقول: "هلك الشاة والبعير" يعني: كل بعير وكل شاة. وكما قال:
(خلق سبع سماوات ومن الأرض مثلهن) أي: من الأرضين.
وأما قوله:
(استوى إلى السماء) فإن ذلك لم يكن من الله تبارك وتعالى لتحول، ولكنه يعني فعله كما تقول: "كان الخليفة في أهل
العراق يوليهم، ثم تحول إلى أهل
الشام " إنما يريد تحول فعله.