[ ص: 504 ] ومن سورة السجدة= فصلت [41]
971 - قال :
كتاب فصلت آياته [3]
فـ"الكتاب" خبر المبتدإ ، أخبر أن التنزيل
كتاب ، ثم قال :
فصلت آياته قرآنا عربيا [3]
شغل الفعل بـ"الآيات" حتى صارت بمنزلة الفاعل فنصب "القرآن".
972 - وقوله :
بشيرا ونذيرا [4]
حين شغل عنه، وإن شئت جعلت نصبه على المدح ؛ كأنه حين ذكره أقبل على مدحه؛ فقد ذكرنا قرآنا عربيا بشيرا ونذيرا، أو : ذكرناه قرآنا عربيا، وكان فيما مضى من ذكره دليل على ما أضمر .
973 - / وقال :
ومن بيننا وبينك حجاب [5]
معناه - والله أعلم - : وبيننا وبينك حجاب، ولكن دخلت " من" للتوكيد.
974 - وأما من نصب :
سواء للسائلين [10]
[ ص: 505 ] فجعله مصدرا ، كأنه قال: "استواء" ، وقد قرئ بالجر، وجعل اسما للمستويات، أي: في أربعة أيام تامة.
975 - وأما قوله:
خلق الأرض في يومين [9]
ثم قال :
أربعة أيام [10]
فإنما يعني : أن هذا ، مع الأول؛ أربعة أيام، كما تقول : "تزوجت أمس امرأة، واليوم ثنتين" ، وإحداهما التي تزوجتها أمس، قال :
ووصينا الإنسان بوالديه [سورة العنكبوت: 8] ، يقول: "بخير".
976 - وقال :
وزينا السماء الدنيا بمصابيح وحفظا [12]
كأنه قال : "وحفظناها حفظا"؛ لأنه حين قال: "زيناها بمصابيح" ؛ قد أخبر أنه نظر في أمرها وتعاهدها؛ فذا يدل على الحفظ ؛ كأنه قال: "وحفظناها حفظا".
[ ص: 506 ] 977 - وقال :
في أيام نحسات [16]
وهي لغة من قال : "نحس" ، و :
نحسات لغة من قال : "نحس".
978 - وقال :
قالوا أنطقنا الله الذي أنطق كل شيء [21]
فجاء اللفظ بهم مثل اللفظ في الإنس لما خبر عنهم بالنطق والفعل ، كما قال :
يا أيها النمل ادخلوا مساكنكم [سورة النمل : 18] لما عقلن وتكلمن صرن بمنزلة الإنس في لفظهم، قال الشاعر:
(299) فصبحت والطير لم تكلم جابية طمت بسيل مفعم
979 - وقال :
لا تسمعوا لهذا القرآن والغوا فيه [26]
أي: لا تطيعوه، كما تقول : "سمعت لك" وهو - والله أعلم - على وجه "لا تسمعوا القرآن"، وقال :
والغوا فيه ، لأنها من "لغوت يلغى" مثل : "محوت يمحى" ، وقال بعضهم :
والغوا فيه ، وقال : "لغوت تلغو" ؛ مثل:
[ ص: 507 ] "محوت تمحو" ، وبعض العرب يقول: "لغي يلغى" ، وهي قبيحة قليلة . ولكن "لغي بكذا وكذا" ؛ أي: أغري به ، فهو يقوله ويصنعه.
980 - وقال :
ذلك جزاء أعداء الله النار [28]
رفع على الابتداء ، لأنه تفسير للجزاء.
981 - وقال :
ألا تخافوا [30]
يقول: بأن لا تخافوا.
982 -
نزلا [32]
لأنه شغل " لكم " [31] بـ
ما تشتهي أنفسكم [31] حتى صارت بمنزلة الفاعل وهو معرفة .
وقوله :
نزلا ينتصب على "نزلنا نزلا" ، نحو قوله :
رحمة من ربك [سورة الكهف: 82].
983 - وقال
ولا تستوي الحسنة ولا السيئة [34]
[ ص: 508 ] وقد يجوز، لأنك تقول: "لا يستوي عبد الله ولا زيد" إذا أردت: لا يستوي عبد الله وزيد" ؛ لأنهما جميعا لا يستويان. وإن شئت قلت: "إن الثانية زائدة"، تريد: لا يستوي عبد الله وزيد؛ فزيدت [لا] توكيدا؛ كما قال :
لئلا يعلم أهل الكتاب [سورة الحديد: 39] ، أي: لأن يعلم، وكما قال :
لا أقسم بيوم القيامة / [ سورة القيامة: 1].
984 - / وقال :
إن الذين كفروا بالذكر لما جاءهم [41]
فزعم بعض المفسرين أن خبره :
أولئك ينادون من مكان بعيد [44]
وقد يجوز أن يكون على الأخبار التي في القرآن ، يستغنى بها ، كما استغنت أشياء عن الخبر إذ طال الكلام ، وعرف المعنى نحو قوله :
ولو أن قرآنا سيرت به الجبال [سورة الرعد: 31] ، وما أشبهه.
وحدثني شيخ من أهل العلم قال: "سمعت
nindex.php?page=showalam&ids=16748عيسى بن عمر يسأل
عمرو بن عبيد ":
إن الذين كفروا بالذكر لما جاءهم ؛ أين خبره؟ " . فقال
عمرو : "معناه في التفسير ،
إن الذين كفروا بالذكر لما جاءهم ؛ كفروا به ؛
وإنه لكتاب عزيز [41] فقال
عيسى : "جاءت يا
أبا عثمان ".
985 - وقال :
ولو جعلناه قرآنا أعجميا لقالوا لولا فصلت آياته أأعجمي وعربي [44]
[ ص: 509 ] يقول: هلا فصلت آياته :
أأعجمي يعني القرآن ، و " عربي " : يعني النبي صلى الله عليه وسلم ، وقد قرئت غير استفهام وكل جائز في معنى واحد.
986 - وقال :
وظنوا ما لهم من محيص [48]
أي: فاستيقنوا، لأن
ما ههنا حرف وليس باسم ، والفعل لا يعمل في مثل هذا؛ فلذلك جعل الفعل ملغى.