تذنيب
من أنواع البديع التي تشبه الكناية الإرداف، وهو أن يريد المتكلم معنى فلا يعبر عنه بلفظه الموضوع له، ولا بدلالة الإشارة، بل بلفظ يرادفه، كقوله تعالى:
وقضي الأمر . والأصل: وهلك من قضى الله هلاكه، ونجا من قضى الله نجاته، وعدل عن لفظ ذلك إلى الإرداف، لما فيه من الإيجاز والتنبيه على أن هلاك الهالك ونجاة الناجي كان بأمر آمر مطاع، وقضاء من لا يرد قضاؤه، والأمر يستلزم آمرا، فقضاؤه يدل على قدرة الآمر به وقهره، وأن الخوف من عقابه ورجاء ثوابه يحضان على طاعة الآمر، ولا يحصل ذلك كله من اللفظ الخاص. وكذا قوله:
واستوت على الجودي . حقيقة ذلك: جلست، فعدل عن اللفظ الخاص بالمعنى إلى مرادفه، لما في الاستواء من الإشعار بجلوس متمكن لا زيغ فيه ولا ميل، وهذا لا يحصل من لفظ الجلوس. وكذا:
فيهن قاصرات الطرف . عفيفات، وعدل عنه للدلالة على أنهن مع العفة لا تطمح أعينهن إلى غير أزواجهن، ولا يشتهين غيرهم. ولا يؤخذ ذلك من لفظ العفة. قال بعضهم: والفرق بين الكناية والإرداف أن الكناية انتقال من لازم إلى ملزوم. والإرداف من مذكور إلى متروك. ومن أمثلته أيضا:
ليجزي الذين أساءوا بما عملوا ويجزي الذين أحسنوا [ ص: 220 ] بالحسنى ، عدل في الجملة الأولى عن قوله "بالسوءى" مع أن فيه مطابقة كالجملة الثانية - إلى بما عملوا، تأدبا أن يضاف السوء إلى الله تعالى.