الحجة على إبطال " الصرفة " وهي مقالة المعتزلة
462- ثم إن هذه الشناعات التي تقدم ذكرها تلزم أصحاب " الصرفة " أيضا . وذاك أنه لو لم يكن عجزهم عن معارضة القرآن وعن أن يأتوا بمثله، لأنه معجز في نفسه، لكن لأن أدخل عليهم العجز عنه، وصرفت هممهم وخواطرهم عن تأليف كلام مثله . وكان حالهم على الجملة حال من أعدم العلم بشيء قد كان يعلمه، وحيل بينه وبين أمر قد كان يتسع له لكان ينبغي أن لا يتعاظمهم، ولا يكون منهم ما يدل على إكبارهم
[ ص: 391 ] أمره، وتعجبهم منه وعلى أنه قد بهرهم وعظم كل العظم عندهم بل كان ينبغي أن يكون الإكبار منهم والتعجب للذي دخل من العجز عليهم، ورأوه من تغير حالهم، ومن أن حيل بينهم وبين شيء قد كان عليهم سهلا، وأن سد دونه باب كان لهم مفتوحا ، أرأيت لو أن نبيا قال لقومه : " إن آيتي أن أضع يدي على رأسي هذه الساعة، وتمنعون كلكم من أن تستطيعوا وضع أيديكم على رءوسكم " وكان الأمر كما قال ، مم يكون تعجب القوم أمن وضعه يده على رأسه أم من عجزهم أن يضعوا أيديهم على رءوسهم .