"
النظم " و " الاستعارة " هما موضع الإعجاز
463- ونعود إلى النسق فنقول : فإذا بطل أن يكون الوصف الذي أعجزهم من القرآن في شيء مما عددناه لم يبق إلا أن يكون في " النظم " لأنه ليس من بعد ما أبطلنا أن يكون فيه إلا " النظم " و " الاستعارة " . ولا يمكن أن تجعل " الاستعارة " الأصل في الإعجاز وأن يقصر عليها، لأن ذلك يؤدي إلى أن يكون الإعجاز في آي معدودة في مواضع من السور الطوال مخصوصة . وإذا امتنع ذلك فيها، ثبت أن " النظم " مكانه الذي ينبغي أن يكون فيه . وإذا ثبت أنه في " النظم " و " التأليف " وكنا قد علمنا أن ليس " النظم " شيئا غير
[ ص: 392 ] توخي معاني النحو وأحكامه فيما بين الكلم، وأنا إن بقينا الدهر نجهد أفكارنا حتى نعلم للكلم المفردة سلكا ينظمها، وجامعا يجمع شملها ويؤلفها، ويجعل بعضها بسبب من بعض، غير توخي معاني النحو وأحكامه فيها، طلبنا ما كل محال دونه - فقد بان وظهر أن المتعاطي القول في " النظم " والزاعم أنه يحاول بيان المزية فيه، وهو لا يعرض فيما يعيده ويبديه للقوانين والأصول التي قدمنا ذكرها، ولا يسلك إليه المسالك التي نهجناها، في عمياء من أمره، وفي غرور من نفسه، وفي خداع من الأماني والأضاليل . ذاك لأنه إذا كان لا يكون " النظم " شيئا غير توخي معاني النحو وأحكامه فيما بين الكلم، كان من أعجب العجب أن يزعم زاعم أنه يطلب المزية في
[ ص: 393 ] النظم ثم لا يطلبها في معاني النحو وأحكامه التي " النظم " عبارة عن توخيها فيما بين الكلم .