وقوله :
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي أغرك مني أن حبك قاتلي
وأنك مهما تأمري القلب يفعل
فالبيت الأول فيه ركاكة جدا ، وتأنيث ورقة ، ولكن فيها تخنيث !
ولعل قائلا أن يقول : إن كلام النساء بما يلائمهن من الطبع أوقع وأغزل ؟
وليس كذلك ؛ لأنك تجد الشعراء في الشعر المؤنث لم يعدلوا عن رصانة قولهم .
والمصراع الثاني منقطع عن الأول ، لا يلائمه ولا يوافقه . وهذا يبين لك إذا عرضت معه البيت الذي تقدمه .
وكيف ينكر عليها تدللها ، والمتغزل يطرب على دلال الحبيب وتدلله ؟
والبيت الثاني قد عيب عليه ، لأنه قد أخبر أن من سبيلها أن لا تغتر بما يريها من أن حبها يقتله ، وأنها تملك قلبه فما أمرته فعله ، والمحب إذا أخبر عن مثل هذا صدق .
[ ص: 169 ] وإن كان المعنى غير هذا الذي عيب عليه ، وإنما ذهب مذهبا آخر ، وهو : أنه أراد أن يظهر التجلد - فهذا خلاف ما أظهر من نفسه فيما تقدم من الأبيات ، من الحب والبكاء على الأحبة ، فقد دخل في وجه آخر من المناقضة والإحاطة في الكلام .
ثم قوله : " تأمري القلب يفعل " معناه تأمريني . والقلب لا يؤمر . والاستعارة في ذلك غير واقعة ولا حسنة .
* *