ثم قال:
فصل ومما قبلها قد صورت ساكنة وطرفا إن حركت
كبدأ الخلق ونبئ يبدئ جئتم وأنشأتم يشأ واللؤلؤ
تكلم في هذا الفصل عن
الهمزة الساكنة متوسطة ومتطرفة، وعلى المتطرفة المتحركة التي قبلها متحرك، وجمع الأنواع الثلاثة في فصل واحد لاشتراكها في الحكم، فأخبر في البيت الأول مع إطلاق الحكم الذي يشير به إلى اتفاق شيوخ النقل بأن الهمزة تصور في الأنواع الثلاثة من جنس حركة ما قبلها، فإن كانت حركة ما قبلها فتحة صورت ألفا، أو ضمة صورت واوا، أو كسرة صورت ياء; لأنها إنما تخفف بإبدالها حرفا مجانسا لحركة ما قبلها، أما تخفيف الساكنة المتوسطة والمتطرفة بالإبدال فظاهر.
وأما تخفيف المتطرفة المتحركة به، فهو في حال سكونها للوقف الذي هو محل الاستراحة، ولتخفيف الهمز.
واعلم أن صور الهمزة الساكنة متوسطة ومتطرفة، والمتطرفة المتحركة خمس عشرة، وذلك; لأن الهمزة الساكنة بقسميها تقع بعد الحركات الثلاث فهذه ست، والمتحركة المتطرفة تتحرك بالحركات الثلاث وما قبلها كذلك، فيتصور فيها تسعة من ضرب ثلاثة في مثلها تضم إلى الست الأولى، فتكون خمس عشرة صورة وإلى تنوع ذلك أشار الناظم في البيت الثاني بتعديد الأمثلة من غير مراعاة ترتيب بل على حسب ما ساعده النظم، وترتيب ما حضر من أمثلتها مع إدراج أمثلة الناظم في نحو: "أنشأتم"، و: "جئتم"، و: "اللؤلؤ". ونحو:
إن يشأ ، و:
نبئ عبادي ، ونحو:
بدأ الخلق . و: "بادئ الرأي". في قراءة من همز: "بادي". ونحو:
نبأ الذين من قبلهم . و:
يخرج منهما اللؤلؤ . و:
يبدئ . و:
من نبإ المرسلين . و:
لكل امرئ . و: "كاللؤلؤ".
ومن الساكنة المفتوح ما قبلها الهمزة في نحو:
فأتوا فأذن .
وأتمروا ; لأنها وإن كان ما قبلها
[ ص: 165 ] في حكم المنفصل لكنه قام مقام همزة الوصل التي من بنية الكلمة، فأعطي له حكمها فصورت الهمزة الساكنة من جنس حركته كما صورت في نحو:
ائتوا . و:
اؤتمن . من جنس حركة همزة الوصل.
فإن قلت: لم قالوا: إن الهمزة في نحو:
بدأ و:
يخرج منهما اللؤلؤ . و:
لكل امرئ . صورت من جنس حركة ما قبلها، ولم يقولوا: صورت من جنس حركتها مع أنها متحدة مع ما قبلها في الحركة؟فالجواب: أنها لما صورت في نحو:
يبدئ ، ياء من جنس حركة ما قبلها قالوا: إنها صورت في نحو:
بدأ . و:
اللؤلؤ . و:
لكل امرئ ، من جنس حركة ما قبلها أيضا لتجري كلها على نسق واحد، وقول الناظم: "إن حركت"، شرط في قوله: "وطرفا" ولا مفهوم لهذا الشرط; لأن تمثيله بالساكنة المتطرفة يوضح أن شرط التحرك لا مفهوم له، وإنما ذكر لبيان المقصود حيث كانت الساكنة المتطرفة قد استفيد حكمها من الإطلاق السابق فلم تبق إلا المتطرفة المتحركة: وقوله: "ساكنة" حال من ضمير: "صورت"، و: "طرفا" بمعنى متطرفة عطف على ساكنة، ولا يحسن هذا العطف حتى يقدر مع ساكنة وصف تقديره ساكنة متوسطة ومتطرفة، وكأن الكلام على القلب، وأصله: ومتحركة إن طرفت فأحوجه النظم إلى قلب ذلك.