ثم قال:
وبعد فاعلم أن أصل الرسم ثبت عن ذوي النهى والعلم
الأكثر في: بعد أن تستعمل ظرف زمان، وقد تستعمل ظرف مكان، وهي هنا إما مبنية على الضم، على نية معنى المضاف إليه، وهو الجاري على الألسنة، أو بالنصب من غير تنوين على نية لفظه، وكلمة: وبعد يؤتى بها للانتقال من أسلوب إلى آخر، أي: من نوع الكلام إلى نوع آخر، والنوع المنتقل منه هنا البسملة وما بعدها، والمنتقل إليه هو ما ولي كلمة وبعد، والواو فيها نائبة عن: أما. وأما قائمة مقام مهما يكن من شيء؛ بدليل لزوم الفاء بعدها، والمذكور بعد الفاء جزاء الشرط، وبعد من متعلقاته على الأصح.
ثم إن بعضهم يقول: أما بعد، وهو السنة؛ فقد صح أنه -صلى الله عليه وسلم- خطب فقال: "أما بعد"، وكان يأتي بها في مراسلاته، وبعضهم يأتي بالواو بدل أما اختصارا، كما فعل الناظم.
وقوله: فاعلم؛ أي اجزم وتيقن أن أصل الرسم... إلخ.
والرسم لغة: الأثر، والمراد به هنا
مرسوم القرآن، أعني حروفه المرسومة، ومراده بأصل الرسم ما يعتمد في كيفياته عليه، ويرجع عند اختلاف المقارئ إليه، ومعنى ثبت: صح، والنهى جمع نهية بضم النون وهي العقل، سمي بذلك; لأنه ينهى عن القبيح، والمراد بذوي النهى والعلم الثابت عنهم أصل رسم القرآن الصحابة رضي الله عنهم.