دليل الحيران على مورد الظمآن

المارغني - إبراهيم بن أحمد المارغني

صفحة جزء
ثم قال:


مع المثنى وهو في غير الطرف كرجلان يحكمان واختلف


لابن نجاح فيه ثم الداني     قد جاء عنه في تكذبان

أخبر عن أبي عمرو بحذف ألف المثنى، أي: الألف التي يختص بها المثنى، ولا توجد في المفرد؛ وهي التي تكون علامة لرفعه، أو تكون ضمير اثنين بشرط أن تقع تلك الألف في غير الطرف بأن تكون حشوا، أي: وسطا، ثم مثل: ب: "رجلان يحكمان" مشيرا بتعدد المثال إلى أن المثنى هنا نوعان، اسم ك: "رجلان، وفتيان"، و: "يداك"، و: "فذانك"، و: "هذان" و: "اللذان"، وفعل ك: "يحكمان"، "وما يعلمان من أحد" و: "يأتيانها منكم"، و: "تكذبان"، وإطلاق اسم المثنى على الفعل مجاز، واحترز بقوله: "وهو في غير الطرف من الألف المتطرف في المثنى، فإنه ثابت اتفاقا نحو: إنا رسولا ربك تبت يدا أبي لهب وكلا منها رغدا حتى يقولا إنما نحن فتنة .

ثم أخبر أن أبا داود نقل الخلاف بين المصاحف في ألف المثنى مطلقا، وأن أبا عمرو إنما نقل الخلاف بينها في ألف: "تكذبان" من المثنى، وفي تمثيل الناظم ب: "رجلان" فائدة زائدة على ما تقدم من الإشارة إلى التنويع، وهي أن ألف المثنى الواقعة بعد اللام ك: "رجلان" و: "أضلنا" مندرجة في المثنى لا في مبحث الألف المعانق الآتي.

واعلم أن مما يندرج في المثنى: "مدهامتان"، ونضاختان"، و: "برهانان" باعتبار الألف الثانية منها؛ إذ هي ألف المثنى.

وأما الألف الأولى من: "مدهامتان" و: "نضاختان"، فلم يتعرض الناظم إلى حكمها، والعمل على إثباتها، وقد قدمنا عند قوله: "حيث أصابعهم والبرهان" أن العمل على حذف الأولى من: "برهانان".

والظاهر [ ص: 69 ] اندراج "اثنان" من قوله تعالى: اثنان ذوا عدل منكم في المثنى وإن كان غير مثنى حقيقي، بل هو ملحق به; لأن باب الجمع السالم تساوى فيه الحقيقي مع ما الحق به كما تقدم فليكن المثنى كذلك، نعم يخرج من قوله: "مع المثنى" "كلاهما"، و: "جاءانا"، لنصه على كل واحد منهما بعينه، وقد كان الأنسب ذكرهما هنا.

والعمل عندنا على حذف ألف المثنى بنوعيه حيث وقع في القرآن، وعلى حذف ألف: "اثنان"، إلا جميع ما وقع في سورة "الرحمن" من لفظ: "تكذبان" وهو: أحد وثلاثون موضعا، فالعمل عندنا على إثباته، وسيذكر ما به العمل في: "كلاهما"، و: "جاءانا".

تنبيه: حكى في التنزيل إجماع المصاحف على حذف ألف: "الأوليان"، فكان على الناظم أن يستثنيه من الخلاف، وقوله مع "المثنى" ظرف في محل الحال من "باطل"، وجملة: "وهو في غير الطرف" حال من المثنى، وقوله: "اختلف" بالبناء للنائب والضمير في قوله: "جاء" يعود على الخلاف المفهوم من اختلف.

التالي السابق


الخدمات العلمية