[ ص: 284 ] - 19 - أقسام القرآن :
يختلف الاستعداد النفسي عند الفرد في تقبله للحق وانقياده لنوره ، فالنفس الصافية التي لم تدنس فطرتها بالرجس تستجيب للهدى ، وتفتح قلبها لإشعاعه ، ويكفيها في الانصياع إليه اللمحة والإشارة . أما النفس التي رانت عليها سحابة الجهل ، وغشيتها ظلمة الباطل فلا يهتز قلبها إلا بمطارق الزجر ، وصيغ التأكيد ، حتى يتزعزع نكيرها ، والقسم في الخطاب من أساليب التأكيد التي يتخللها البرهان المفحم ، والاستدراج بالخصم إلى الاعتراف بما يجحد . .
تعريف القسم وصيغته
والأقسام : جمع قسم - بفتح السين- بمعنى الحلف واليمين ، والصيغة الأصلية للقسم أن يؤتى بالفعل " أقسم " أو " أحلف " متعديا بالباء إلى المقسم به . ثم يأتي المقسم عليه ، وهو المسمى بجواب القسم ، كقوله تعالى :
وأقسموا بالله جهد أيمانهم لا يبعث الله من يموت .
فأجزاء صيغة القسم ثلاثة :
1- الفعل الذي يتعدى بالباء .
2- والمقسم به .
3- والمقسم عليه .
ولما كان
القسم يكثر في الكلام ، اختصر فصار فعل القسم يحذف ويكتفى
[ ص: 285 ] بالباء ثم عوض عن الباء بالواو في الأسماء الظاهرة كقوله تعالى :
والليل إذا يغشى ، وبالتاء في لفظ الجلالة كقوله :
وتالله لأكيدن أصنامكم ، وهذا قليل ، أما الواو فكثيرة .
والقسم واليمين واحد : ويعرف بأنه : ربط النفس بالامتناع عن شيء أو الإقدام عليه ، بمعنى معظم عند الحالف حقيقة أو اعتقادا . وسمي الحلف يمينا ; لأن العرب كان أحدهم يأخذ بيمين صاحبه عند التحالف . "