[ ص: 300 ] - 21 -
قصص القرآن
الحادثة المرتبطة بالأسباب والنتائج يهفو إليها السمع ، فإذا تخللتها مواطن العبرة في أخبار الماضين كان حب الاستطلاع لمعرفتها من أقوى العوامل على رسوخ عبرتها في النفس ، والموعظة الخطابية تسرد سردا لا يجمع العقل أطرافها ولا يعي جميع ما يلقى فيها ، ولكنها حين تأخذ صورة من واقع الحياة في أحداثها تتضح أهدافها ، ويرتاح المرء لسماعها ، ويصغي إليها بشوق ولهفة ، ويتأثر بما فيها من عبر وعظات ، وقد أصبح أدب القصة اليوم فنا خاصا من فنون اللغة وآدابها ، والقصص الصادق يمثل هذا الدور في الأسلوب العربي أقوى تمثيل ، ويصوره في أبلغ صورة : قصص القرآن الكريم .
معنى القصص
القص : تتبع الأثر . يقال : قصصت أثره : أي تتبعته ، والقصص مصدر ، قال تعالى :
فارتدا على آثارهما قصصا ، أي رجعا يقصان الأثر الذي جاءا به . وقال على لسان
أم موسى :
وقالت لأخته قصيه ، أي تتبعي أثره حتى تنظري من يأخذه . والقصص كذلك : الأخبار المتتبعة ، قال تعالى :
إن هذا لهو القصص الحق ، وقال :
لقد كان في قصصهم عبرة لأولي الألباب ، والقصة : الأمر ، والخبر ، والشأن ، والحال .
وقصص القرآن : أخباره عن أحوال الأمم الماضية ، والنبوات السابقة ، والحوادث الواقعة - وقد اشتمل القرآن على كثير من وقائع الماضي ، وتاريخ الأمم ، وذكر البلاد والديار ، وتتبع آثار كل قوم ، وحكى عنهم صورة ناطقة لما كانوا عليه .