2-
جمع القرآن في عهد أبي بكر رضي الله عنه :
قام أبو بكر بأمر الإسلام بعد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وواجهته أحداث جسام في ارتداد جمهرة العرب ، فجهز الجيوش وأوفدها لحروب المرتدين ، وكانت غزوة أهل
اليمامة سنة اثنتي عشرة للهجرة تضم عددا كبيرا من الصحابة القراء ، فاستشهد في هذه الغزوة سبعون قارئا من الصحابة ، فهال ذلك
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب ، ودخل على
[ ص: 121 ] nindex.php?page=showalam&ids=1أبي بكر -رضي الله عنه- وأشار عليه بجمع القرآن وكتابته خشية الضياع ، فإن القتل قد استحر يوم
اليمامة بالقراء - ويخشى إن استحر بهم في المواطن الأخرى أن يضيع القرآن وينسى ، فنفر
nindex.php?page=showalam&ids=1أبو بكر من هذه المقالة وكبر عليه أن يفعل ما لم يفعله رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وظل
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر يراوده حتى شرح الله صدر
nindex.php?page=showalam&ids=1أبي بكر لهذا الأمر ، ثم أرسل إلى
nindex.php?page=showalam&ids=47زيد بن ثابت لمكانته في القراءة والكتابة والفهم والعقل ، وشهوده العرضة الأخيرة ، وقص عليه قول
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر - فنفر
nindex.php?page=showalam&ids=47زيد من ذلك كما نفر
nindex.php?page=showalam&ids=1أبو بكر من قبل ، وتراجعا حتى طابت نفس
nindex.php?page=showalam&ids=47زيد للكتابة ، وبدأ
nindex.php?page=showalam&ids=47زيد بن ثابت في مهمته الشاقة معتمدا على المحفوظ في صدور القراء ، والمكتوب لدى الكتبة ، وبقيت تلك الصحف عند
nindex.php?page=showalam&ids=1أبي بكر ، حتى إذا توفي سنة ثلاث عشرة للهجرة صارت بعده إلى
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر ، وظلت عنده حتى مات - ثم كانت عند
nindex.php?page=showalam&ids=41حفصة ابنته صدرا من ولاية
nindex.php?page=showalam&ids=7عثمان حتى طلبها
nindex.php?page=showalam&ids=7عثمان من
nindex.php?page=showalam&ids=41حفصة .
عن
nindex.php?page=showalam&ids=47زيد بن ثابت قال : " أرسل إلي
nindex.php?page=showalam&ids=1أبو بكر مقتل أهل اليمامة ، فإذا
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب عنده ، فقال
nindex.php?page=showalam&ids=1أبو بكر : إن
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر أتاني فقال : إن القتل قد استحر يوم اليمامة بقراء القرآن ، وإني أخشى أن يستحر القتل بالقراء في المواطن فيذهب كثير من القرآن ، وإني أريد أن تأمر بجمع القرآن ، فقلت
nindex.php?page=showalam&ids=2لعمر : كيف نفعل شيئا لم يفعله رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قال :
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر : هو والله خير ، فلم يزل يراجعني حتى شرح الله صدري لذلك ، ورأيت في ذلك الذي رأى
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر - قال
nindex.php?page=showalam&ids=47زيد : قال :
nindex.php?page=showalam&ids=1أبو بكر : إنك شاب عاقل لا نتهمك ، وقد كنت تكتب الوحي لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- .
فتتبع القرآن فاجمعه ، فوالله لو كلفوني نقل جبل من الجبال ما كان أثقل مما أمرني به من جمع القرآن ، قلت : كيف تفعلان شيئا لم يفعله رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قال : هو والله خير ، فلم يزل
nindex.php?page=showalam&ids=1أبو بكر يراجعني حتى شرح الله صدري للذي شرح الله له صدر
nindex.php?page=showalam&ids=1أبي بكر nindex.php?page=showalam&ids=2وعمر ، فتتبعت القرآن أجمعه من العسب واللخاف وصدور الرجال ، ووجدت آخر سورة التوبة مع
أبي خزيمة الأنصاري ، لم أجدها مع غيره
لقد جاءكم رسول من أنفسكم 1 ، حتى خاتمة براءة ، فكانت
[ ص: 122 ] الصحف عند
nindex.php?page=showalam&ids=1أبي بكر حتى توفاه الله ، ثم عند
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر حياته ، ثم عند
nindex.php?page=showalam&ids=41حفصة بنت عمر “ .
وقد راعى
nindex.php?page=showalam&ids=47زيد بن ثابت نهاية التثبت ، فكان لا يكتفي بالحفظ دون الكتابة ، وقوله في الحديث : " ووجدت آخر سورة التوبة مع
أبي خزيمة الأنصاري لم أجدها مع غيره " لا ينافي هذا ، ولا يعني أنها ليست متواترة ، وإنما المراد أنه لم يجدها مكتوبة عند غيره ، وكان
nindex.php?page=showalam&ids=47زيد يحفظها ، وكان كثير من الصحابة يحفظونها كذلك ، لأن
nindex.php?page=showalam&ids=47زيدا كان يعتمد على الحفظ والكتابة معا ، فكانت هذه الآية محفوظة عند كثير منهم ، ويشهدون بأنها كتبت ، ولكنها لم توجد مكتوبة إلا عند
أبي خزيمة الأنصاري .
أخرج
ابن أبي داود من طريق
يحيى بن عبد الرحمن بن حاطب قال : " قدم
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر فقال : من كان تلقى من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- شيئا من القرآن فليأت به ، وكانوا يكتبون ذلك في الصحف والألواح والعسب ، وكان لا يقبل من أحد شيئا حتى يشهد شهيدان " وهذا يدل على أن
nindex.php?page=showalam&ids=47زيدا كان لا يكتفي بمجرد وجدانه مكتوبا حتى يشهد به من تلقاه سماعا ، مع كون
nindex.php?page=showalam&ids=47زيد كان يحفظ ، فكان يفعل ذلك مبالغة من الاحتياط ، وأخرج
ابن أبي داود أيضا من طريق
nindex.php?page=showalam&ids=17245هشام بن عروة .
عن أبيه : أن
nindex.php?page=showalam&ids=1أبا بكر قال
nindex.php?page=showalam&ids=2لعمر nindex.php?page=showalam&ids=47ولزيد : اقعدا على باب المسجد فمن جاءكما بشاهدين على شيء من كتاب الله فاكتباه " ورجاله ثقات مع انقطاعه ، قال
ابن حجر : " وكأن المراد بالشاهدين : الحفظ والكتاب " وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14467السخاوي في " جمال القراء " : " والمراد أنهما يشهدان على أن ذلك المكتوب كتب بين يدي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أو المراد أنهما يشهدان على أن ذلك من الوجوه التي نزل بها القرآن " قال
أبو شامة : " وكان
[ ص: 123 ] غرضهم أن لا يكتب إلا من عين ما كتب بين يدي النبي -صلى الله عليه وسلم- لا من مجرد الحفظ ، ولذلك قال في آخر سورة التوبة : " لم أجدها مع غيره " أي لم أجدها مكتوبة مع غيره لأنه كان لا يكتفي بالحفظ دون الكتابة “ .
وقد عرفنا أن القرآن كان مكتوبا من قبل في عهد النبي -صلى الله عليه وسلم- ولكنه كان مفرقا في الرقاع والأكتاف والعسب . فأمر
nindex.php?page=showalam&ids=1أبو بكر بجمعه في مصحف واحد مرتب الآيات والسور وأن تكون كتابته غاية من التثبيت مشتملة على الأحرف السبعة التي نزل بها القرآن ، فكان
nindex.php?page=showalam&ids=1أبو بكر -رضي الله عنه-
أول من جمع القرآن بهذه الصفة في مصحف ، وإن وجدت مصاحف فردية عند بعض الصحابة ، كمصحف
nindex.php?page=showalam&ids=8علي ، ومصحف
nindex.php?page=showalam&ids=34أبي ، ومصحف
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود ، فإنها لم تكن على هذا النحو ، ولم تنل حظها من التحري والدقة ، والجمع والترتيب ، والاقتصار على ما لم تنسخ تلاوته ، والإجماع عليها ، بمثل ما نال مصحف
nindex.php?page=showalam&ids=1أبي بكر ، فهذه الخصائص تميز بها جمع
nindex.php?page=showalam&ids=1أبي بكر للقرآن ، ويرى بعض العلماء أن
تسمية القرآن بالمصحف نشأت منذ ذلك الحين في عهد
nindex.php?page=showalam&ids=1أبي بكر بهذا الجمع ، وعن
nindex.php?page=showalam&ids=8علي قال : " أعظم الناس أجرا في المصاحف
nindex.php?page=showalam&ids=1أبو بكر ، رحمة الله على
nindex.php?page=showalam&ids=1أبي بكر ، هو
أول من جمع كتاب الله " .
وهذا الجمع هو المسمى بالجمع الثاني . .
"