معنى الوحي
يقال : وحيت إليه وأوحيت : إذا كلمته بما تخفيه عن غيره ، والوحي : الإشارة السريعة ، وذلك يكون بالكلام على سبيل الرمز والتعريض ، وقد يكون بصوت مجرد ، وبإشارة ببعض الجوارح .
والوحي مصدر ، ومادة الكلمة تدل على معنيين أصليين ، هما : الخفاء والسرعة ، ولذا قيل في معناه : الإعلام الخفي السريع الخاص بمن يوجه إليه بحيث يخفى على غيره ، وهذا معنى المصدر ، ويطلق ويراد به الوحي ، أي بمعنى اسم المفعول .
والوحي بمعناه اللغوي يتناول :
1- الإلهام الفطري للإنسان ، كالوحي إلى أم
موسى وأوحينا إلى أم موسى أن أرضعيه . .
2- والإلهام الغريزي للحيوان ، كالوحي إلى النحل
وأوحى ربك إلى النحل أن اتخذي من الجبال بيوتا ومن الشجر ومما يعرشون .
3- والإشارة السريعة على سبيل الرمز والإيحاء كإيحاء
زكريا فيما حكاه القرآن عنه :
فخرج على قومه من المحراب فأوحى إليهم أن سبحوا بكرة وعشيا . .
[ ص: 27 ] 4- ووسوسة الشيطان وتزيينه الشر في نفس الإنسان :
وإن الشياطين ليوحون إلى أوليائهم ليجادلوكم ،
وكذلك جعلنا لكل نبي عدوا شياطين الإنس والجن يوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول غرورا . .
5- وما يلقيه الله إلى ملائكته من أمر ليفعلوه :
إذ يوحي ربك إلى الملائكة أني معكم فثبتوا الذين آمنوا . .
ولغة القرآن الفاشية " أوحى " بالألف -ولم يستعمل مصدرها- وإنما جاء فيه مصدر الثلاثي :
إن هو إلا وحي يوحى . .
ووحي الله إلى أنبيائه قد عرفوه شرعا بأنه : كلام الله تعالى المنزل على نبي من أنبيائه . وهو تعريف له بمعنى اسم المفعول أي الموحى .
والوحي بالمعنى المصدري اصطلاحا : هو إعلام الله تعالى من يصطفيه من عباده ما أراد من هداية بطريقة خفية سريعة .
وعرفه الأستاذ
محمد عبده في رسالة التوحيد بأنه :
" عرفان يجده الشخص من نفسه مع اليقين بأنه من قبل الله بواسطة أو بغير واسطة ، والأول بصوت يتمثل لسمعه أو بغير صوت . ويفرق بينه وبين الإلهام ، بأن الإلهام : وجدان تستيقنه النفس فتنساق إلى ما يطلب على غير شعور منها من أين أتى ؟ وهو أشبه بوجدان الجوع والعطش والحزن والسرور “ .
وهو تعريف للوحي بالمعنى المصدري ، وبدايته وإن كانت توهم شبهه بحديث النفس أو الكشف ، إلا أن الفرق بينه وبين الإلهام الذي جاء في عجز التعريف ينفي هذا .
"