الاختلاف في الاحتجاج به
اختلف في الاحتجاج بهذه المفاهيم ، والأصح في ذلك أنها حجة بشروط ، منها :
أ- ألا يكون المذكور خرج مخرج الغالب - فلا مفهوم للحجور في قوله تعالى :
وربائبكم اللاتي في حجوركم ; لأن الغالب كون الربائب في حجور الأزواج .
ب- ومنها ألا يكون المذكور لبيان الواقع - فلا مفهوم لقوله :
ومن يدع مع الله إلها آخر لا برهان له به ; لأن الواقع أن أي إله لا برهان عليه ، وقوله : " لا برهان له به " صفة لازمة جيء بها للتوكيد والتهكم بمدعي إله مع الله لا أن يكون في الآلهة ما يجوز أن يقوم عليه برهان - ومثله قوله تعالى :
ولا تكرهوا فتياتكم على البغاء إن أردن تحصنا ، فلا مفهوم له يدل على إباحة إكراه السيد لأمته على البغاء إن لم ترد التحصن ، وإنما قال : إن أردن تحصنا ; لأن
[ ص: 247 ] الإكراه لا يتأتى إلا مع إرادة التحصن . وعن
nindex.php?page=showalam&ids=36جابر بن عبد الله قال : " كان
عبد الله بن أبي يقول لجارية له : اذهبي فابغينا شيئا ، وكانت كارهة ، فأنزل الله :
ولا تكرهوا فتياتكم على البغاء إن أردن تحصنا لتبتغوا عرض الحياة الدنيا ومن يكرهن فإن الله من بعد إكراههن غفور رحيم ،
nindex.php?page=hadith&LINKID=662363وعن nindex.php?page=showalam&ids=36جابر أيضا : " أن جارية لعبد الله بن أبي ، يقال لها " مسيكة " وأخرى يقال لها " أميمة " . فكان يريدهما على الزنا . فشكتا ذلك إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فأنزل الله : ولا تكرهوا فتياتكم . . . الآية .
والأمر في
الاحتجاج بمفهوم الموافقة أيسر ، فقد اتفق العلماء على صحة الاحتجاج به سوى الظاهرية . أما
الاحتجاج بمفهوم المخالفة فقد أثبته
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي nindex.php?page=showalam&ids=12251وأحمد ، ونفاه
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة وأصحابه .
واحتج المثبتون بحجج نقلية وعقلية .
فمن الحجج النقلية : ما روي أنه
nindex.php?page=hadith&LINKID=890529لما نزل قوله تعالى : استغفر لهم أو لا تستغفر لهم إن تستغفر لهم سبعين مرة فلن يغفر الله لهم ، قال النبي صلى الله عليه وسلم : " قد خيرني ربي ، فوالله لأزيدنه على السبعين " . . ففهم النبي -صلى الله عليه وسلم- أن ما زاد على السبعين بخلاف السبعين .
ومنها : ما ذهب إليه
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس -رضي الله عنهما- من منع توريث الأخت مع البنت استدلالا بقوله تعالى :
إن امرؤ هلك ليس له ولد وله أخت فلها نصف ما ترك ، حيث إنه فهم من توريث الأخت مع عدم الولد امتناع توريثها مع البنت ; لأنها ولد ، وهو من فصحاء العرب ، وترجمان القرآن .
ومنها : ما روي :
nindex.php?page=hadith&LINKID=64608 " أن nindex.php?page=showalam&ids=120يعلى بن أمية " قال nindex.php?page=showalam&ids=2لعمر : ما بالنا نقصر وقد أمنا : وقد قال الله تعالى : فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة إن خفتم ، [ ص: 248 ] ووجه الاحتجاج به أنه فهم من تخصيص القصر عند الخوف عدم القصر عند الأمن ، ولم ينكر عليه nindex.php?page=showalam&ids=2عمر ، بل قال : " لقد عجبت مما عجبت منه ، فسألت النبي -صلى الله عليه وسلم- عن ذلك ، فقال لي : " هي صدقة تصدق الله بها عليكم فاقبلوا صدقته “ ،
nindex.php?page=showalam&ids=120ويعلى بن أمية nindex.php?page=showalam&ids=2وعمر من فصحاء العرب ، وقد فهما ذلك ، والنبي -صلى الله عليه وسلم- أقرهما عليه .
ومن الحجج العقلية : أنه لو كان حكم الفاسق وغير الفاسق سواء في قوله :
يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبإ فتبينوا في وجوب التثبت في الخبر لما كان لتخصيص الفاسق بالذكر فائدة . وقس على ذلك سائر الأمثلة .
"