( ولا تجبر سائر السنن ) أي باقيها بالسجود كأذكار الركوع والسجود على الأصل ; لأنها ليست في معنى الوارد ، فإن سجد لشيء منها عامدا بطلت صلاته ، إلا أن يعذر لجهله . وما استشكل به من أن الجاهل لا يعرف مشروعية سجود السهو ، ومن عرفه عرف محله رد بمنع هذا التلازم ; لأن الجاهل قد يسمع مشروعية سجود السهو قبل السلام لا غير فيظن عمومه لكل سنة ، وعدم اختصاصه بمحله المشروع . ( والثاني ) أي فعل المنهي عنه ( إن لم يبطل عمده ) الصلاة ( كالالتفات والخطوتين لم يسجد لسهوه ) كعمده غالبا لما يأتي في المستثنيات لعدم ورود السجود له ; ولأنه إذا كان عمده في محل العفو فسهوه أولى ( وإلا ) بأن أبطل عمده كركعة زائدة أو ركوع [ ص: 71 ] أو سجود ( سجد ) لسهوه { nindex.php?page=hadith&LINKID=86312 ; لأنه صلى الله عليه وسلم صلى الظهر خمسا وسجد للسهو } متفق عليه ، هذا ( إن لم تبطل ) الصلاة ( بسهوه ) فإن بطلت بسهوه ( ككلام كثير ) فإنه يبطلها ( في الأصح ) كما مر فلا يسجد لعدم كونه في صلاة ففي الأصح راجع للمثال ، وهو الكلام الكثير لا الحكم ، وهو قوله سجد ، فلو سكت عن المثال لكان أخصر وأبعد عن الإيهام إذ لا سجود مع الحكم بالبطلان .
واستثني من هذه القاعدة ما لو سجد للسهو ثم سها قبل سلامه فإنه لا يسجد في الأصح ، فلو سجد عمدا بطلت صلاته أو سهوا فلا ، وما لو حول المتنفل دابته عن صوب مقصده سهوا ثم عاد فورا فإنه لا يسجد للسهو على ما صححه المصنف في المجموع وغيره . والمعتمد كما مر في فصل الاستقبال أنه يسجد له ، وصححه الرافعي في شرحه الصغير وجزم به ابن المقري في روضه . وقال الإسنوي : إنه القياس ، وأفتى به الوالد رحمه الله تعالى .
حاشية الشبراملسي
( قوله : كأذكار الركوع والسجود ) أي ودعاء الافتتاح والسورة ، ويمكن الفرق بين هذه وبين القنوت والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم أو الآل بأن الاعتدال على صورة القيام المعتاد فطلب فيه ذكر يميزه عنه فكان مقصودا بالطلب لا تابعا ، والركوع والسجود لما كان كل منهما ليس على صورة الفعل المعتاد كانا عادتين مستقلتين والذكر فيهما تابع للمحل فضعفت رتبته عن القنوت فلم يطلب له السجود . ( قوله : إلا أن يعذر لجهله ) أي أو سهوه ا هـ حج . وقضية إطلاق الجهل أنه لا فرق بين قريب العهد بالإسلام وغيره ، وقيده الشوبري نقلا عن البغوي بقريب العهد بالإسلام وعبر به في العباب أيضا ، لكن لم ينقله عن أحد ، ولعل الأقرب ما اقتضاه كلام الشارح فإن مثل هذا مما يخفى فلا يفرق فيه بين قريب العهد بالإسلام وغيره ، ويؤيده ما يأتي للشارح بعد قول المصنف أو عاد له : أي للتشهد الأول جاهلا ، فكذا من قوله وإن كان مخالطا لنا ; لأن هذا مما يخفى على العوام ( قوله : عرف محله ) أي مقتضيه ا هـ حج . ثم قال : وأولت محله بما ذكر ; لأنه الذي نحن فيه وإلا لم يبق للإشكال وجه أصلا ، ثم رأيت [ ص: 71 ] شارحا فهمه على ظاهره ، وأجاب عنه بما لا يلاقي ما نحن فيه ا هـ . ( قوله : سجد ) أي غالبا أيضا لما يأتي فيما لو سها في سجود السهو أو نفل السفر ( قوله : واستثنى من هذه القاعدة ) وهي قول المصنف والثاني إن لم يبطل إلخ ( قوله : ثم سها ) أي بأن تكلم ناسيا مثلا ( قوله : قبل سلامه ) أي أو في السجود نفسه ( قوله : والمعتمد كما مر في فصل الاستقبال ) خلافا لحج حيث قال : واستثنى من هذه القاعدة ما لو حول المتنفل دابته عن صوب مقصده سهوا ثم عاد فورا فإنه لا يسجد لسهوه على المعتمد مع أن عمده مبطل ، ويفرق بينه وبين سجوده لجموحها وعودها فورا بأنه هنا مقصر لركوبه الجموح أو بعدم ضبطها ، بخلاف الناسي فخفف عنه مشقة السفر ، وإن قصر انتهى .
وقضية تخصيص الخلاف بهذه الصورة وأن السجود لجماح الدابة لا خلاف فيه وهو مناف لقول البهجة : أو بانحراف لا إليها ناسيا أو خطأ أو لجماحها سجد سهوا على الأصح إن قل الأمد ا هـ . وقرره شارحه بما يفيد جريان الخلاف في كل منهما ، ومنه قوله : وصححه الشيخان في الجماح ، لكنه قال بعد : وقال البغوي : يسجد في النسيان والخطأ دون الجماح . ا هـ . فما اقتضاه كلام حج أو على هذا الأخير .
حاشية المغربي
[ ص: 70 ] ( قوله : إلا أن يعذر لجهله ) أي بأن كان قريب العهد بالإسلام أو نشأ ببادية بعيدة عن العلماء ، ; لأن هذا هو مرادهم بالجاهل المعذور خلافا لما وقع في حاشية الشيخ ( قوله : عرف محله ) أي مقتضيه كما قاله الشهاب حج ، قال : وأولت محله بما ذكر ; لأنه الذي نحن فيه وإلا لم يبق للإشكال وجه أصلا ، ثم قال : ثم رأيت شارحا فهمه على ظاهره وأجاب عنه بما لا يلاقي ما نحن فيه ، إذ الكلام ليس في سجوده في غير محله وهو قبيل السلام بل في سجوده في محله ، لكن لنحو تسبيح [ ص: 71 ] الركوع فتعين ما ذكرته . ا هـ . ( قوله : واستثني من هذه القاعدة ) يعني قول المصنف وإلا سجد فهو استثناء من المفهوم وأما ما يستثنى من المنطوق وهو قوله : إن لم يبطل عمده لم يسجد لسهوه فسيأتي في المتن مع ما زاده الشارح عليه .