( ويسن ) السجود ( للقارئ ) حيث كانت قراءته مشروعة ولو صبيا : أي مميزا فيما يظهر ، أو امرأة بحضرة رجل أجنبي إذ حرمة رفع صوتها بها عند خوف الفتنة إنما هو لعارض لا لذات قراءتها ; لأن قراءتها مشروعة في الجملة أو خطيبا أمكنه من غير كلفة على منبره أو أسفله ولم يطل الفصل أو مصليا إن قرأ في قيام ( والمستمع ) وهو من قصد السماع ، والأوجه في قارئ وسامع ومستمع لها قبل صلاته التحية أنه يسجد ثم يصليها ; لأنه جلوس قصير لعذر فلا تفوت به فإن أراد الاقتصار على أحدهما فالسجود أفضل للاختلاف في وجوبه ، وشمل ذلك ما لو كان القارئ كافرا [ ص: 96 ] أو ملكا أو جنيا كما قاله البلقيني والزركشي ، ولا سجود لقراءة جنب وسكران وساه ونائم وما علم من الطيور كدرة ونحوها ولا لقراءة في جنازة أو بغير العربية أو في نحو ركوع ; لعدم مشروعيتها ، وسواء أسجد القارئ أم لا ، وشمل كلامه ما لو قرأ آية بين يدي مدرس ليفسر له معناها فيسجد لذلك كل من القارئ ومن سمعه ; لأنها قراءة مشروعة بل هي أولى من قراءة الكافر .
( قوله : ولو صبيا ) لم يقل أو كافرا لعدم تأتي السجود منه ، لكن ينبغي أنه لو قرأ وهو كافر ثم أسلم عقب قراءته وتطهر فورا سن السجود في حقه ( قوله : أي مميزا ) هذا تقييد إنما يحتاج إليه في السجود من غير القارئ ، أما هو فمعلوم أن غير المميز لا يتأتى منه سجود لعدم صحته منه ( قوله : أو أسفله ) أي إذا لم يكن في النزول كلفة وإلا سن تركه كما أفاده كلامه في شرح الروض . ا هـ سم على منهج ( قوله : وإن قرأ في قيام ) أي بخلاف ما لو قرأ في الركوع أو نحوه فلا يسجد لقراءته لعدم مشروعيتها ثم ( قوله : ويسن للقارئ والمستمع ) أي ولو لبعض الآية كأن سمع بعضها واشتغل بكلام عن استماع البعض الآخر ولكن سمع الباقي من غير قصد السماع ، وبقي ما لو اختلف اعتقاد القارئ والسامع ، وينبغي أن كلا منهما يعمل باعتقاد نفسه إذ لا ارتباط بينهما .
[ فائدة ] . وقع السؤال في الدرس عما لو قرأ الميت آية سجدة هل يسجد السامع له أم لا ؟ ويمكن الجواب عنه بأن الظاهر الأول ; لأن كرامات الأولياء لم تنقطع بموتهم ، فلا مانع أن يقرأ الميت قراءة تامة حسنة ليلتذ بها وإن لم يكن مكلفا فليس هو كالساهي والجماد ونحوهما ، وأما لو مسخ وقرأ آية سجدة فينبغي أن يقال إن كان الحاصل مسخ صفة سجد لقراءته ; لأنه آدمي حقيقة ، وإن كان مسخ ذات فلا ; لأنه إما حيوان أو جماد وكل منهما لا يسجد لقراءته ( قوله : لأنه جلوس قصير ) وعليه فلو تكرر سماعه لآية السجدة من قارئ أو أكثر احتمل أن يسجد لما لا تفوت معه التحية ويترك لما زاد ، ويحتمل تقديم السجود ، وإن فاتت به التحية ، وهو الأقرب أخذا من قوله فإن أراد الاقتصار على أحدهما فالسجود أفضل ( قوله : وشمل ذلك ما لو كان القارئ كافرا ) أي ولو جنبا معاندا ; لأنه مكلف بالفروع ولا يعتقد حرمة القراءة مع ما ذكر . ا هـ سم على منهج نقلا عن الشارح .
وينبغي أن مثله الجنب فيسجد لقراءته ، ولو كان جنبا ; لأنا لا نعلم حرمة القراءة عليهم مع الجنابة وبتقدير أنهم مخاطبون بها فيجوز أنهم لم يعلموا بالحكم فلا يتحقق [ ص: 96 ] النهي في حقهم ، وقال ابن حجر بعد قوله وكافر : أي رجي إسلامه كما هو ظاهر ( قوله : ولا سجود لقراءة جنب ) أي مسلم مكلف : أي فلو فعلها لا تنعقد ، أما الصبي فيسجد لقراءته ، ولو كان جنبا لعدم نهيه عن القراءة لا حقيقة ولا حكما ومن ثم لم يمنعه وليه منها ، فلو اغتسل الجنب غسلا لا يقول به السامع أو فعل ما يحصل الجنابة عند nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي دون غيره فهل العبرة بعقيدة السامع فلا يسجد حيث كان شافعيا يرى بقاء الجنابة أو حصولها أو بعقيدة القارئ ؟ فيه نظر ، والظاهر أن العبرة بعقيدة القارئ ; لأنه لا يرى التحريم ، ويؤيده السجود لقراءة الكافر الجنب حيث عللوه بأن قراءته مشروعة لعدم اعتقاده حرمتها ، ويحتمل أن كل واحد منهما يعمل بعقيدة نفسه وهو الأقرب ( قوله : وسكران ) أي وإن لم يتعد . ا هـ حج ، وهو ظاهر إطلاق الشارح ( قوله : لعدم مشروعيتها ) أي ; لأن القراءة في نحو الركوع مكروهة ، وهذا بخلاف ما لو قرأ في الثالثة والرابعة من الرباعية فإنه يسجد ; لأن قراءته فيهما مشروعة لعدم النهي عن القراءة فيهما ، وإن لم تكن مطلوبة ، وفرق بين عدم الطلب وطلب العدم ، ويعلل في الساهي والنائم إلخ بعده القصد ( قوله : ليفسر له معناها ) أي والقارئ على الشيخ لتصحيح قراءته أو للأخذ عنه حج ( قوله : فيسجد ) خلافا لحج ( قوله : لتقرير معناها ) ويؤخذ من هذا أن مثله المستدل بالآية فيسجد وهو ظاهر لوجود هذه العلة في المستدل وفي كلام ابن قاسم على حج خلافه وفيه وقفة ( قوله : وتتأكد ) أي السجدة ، وقوله له : أي للمستمع قال ابن قاسم على المنهج وينبغي كما بحثه م ر أنه لو سمع قراءة في السوق سجد وإن كرهت بأن ألهي القارئ ; لأن الكراهة لخارج لا لذات القراءة .
وقوله فليتأمل لعل وجه الأمر بالتأمل أن السجود لما ذكر يشكل على المنع منه للقراءة في الركوع وفي صلاة الجنازة ، فإن علة المنع ثم كراهة القراءة في نحو الركوع ، وهي موجودة هنا ( قوله : فالأولى له عدم الاقتداء ) وهل يجوز للقارئ أن يقتدي فيها بالسامع ؟ فيه نظر ، ويظهر لي الجواز . ا هـ سم على منهج . ومع ذلك فالأولى عدم الاقتداء كعكسه ; لأنه ليس مما تشرع فيه الجماعة ( قوله : من قراءة مشروعة ) أي حيث اتحد القارئ على ما مر ( قوله : للخبر المار ) هو قوله : كان يقرأ علينا إلخ .
حاشية المغربي
[ ص: 95 ] : ( قوله : مشروعة ) يؤخذ من الأمثلة الآتية وغيرها أن المراد بمشروعيتها أن تكون مقصودة ليخرج قراءة الطيور والساهي والسكران ونحوهم ، وأن تكون مأذونا فيها شرعا ليخرج قراءة الجنب ونحوه فليحرر ( قوله : كافرا ) وإن كان معاندا لا يرجى إسلامه كما نقله الشهاب سم عن الشارح [ ص: 96 ] قوله : وسكران ) أي لا تمييز له