[ ص: 317 ] ثم شرع في ذكر شروط الخطبتين وهي تسعة فقال ( ويشترط كونها ) أي الخطبة والمراد بها الجنس الشامل للخطبتين كما أن المراد بهما أركانهما ( عربية ) لاتباع السلف والخلف ولأنها ذكر مفروض فاشترط فيه ذلك كتكبيرة الإحرام ، فإن أمكن تعلمها خوطب به الجميع فرض كفاية وإن زادوا على الأربعين ، فإن لم يفعلوا عصوا ولا جمعة لهم بل يصلون الظهر . وأجاب القاضي عن سؤال : ما فائدة الخطبة بالعربية إذا لم يعرفها القوم ؟ بأن فائدتها العلم بالوعظ من حيث الجملة ، ويوافقه قول الشيخين فيما إذا سمعوا الخطبة ولم يعرفوا معناها أنها تصح ، وإن لم يمكن تعلمها خطب واحد بلغته وإن لم يعرفها القوم ، فإن لم يحسن أحد منهم الترجمة فلا جمعة لهم لانتفاء شرطها . ويشترط على خلاف المعتمد الآتي قريبا كونها ( مرتبة الأركان الثلاثة الأولى ) على الترتيب المار ، فيبدأ بحمد الله ، ثم بالصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ثم بالوصية بالتقوى على ما صححه في الشرح الصغير ولم يصحح في الكبير شيئا ، وسيأتي في زيادة المصنف تصحيح عدم اشتراط ذلك ، ولا يشترط ترتيب [ ص: 318 ] بين القراءة والدعاء ولا بينهما وبين غيرهما .
حاشية الشبراملسي
( قوله : كما أن المراد بهما أركانهما ) يفيد أنه لو كان ما بين أركانهما بغير العربية لم يضر ، ويجب وفاقا ل م ر أن محله إذا لم يطل الفصل بغير العربي وإلا ضر لإخلاله بالموالاة كالسكوت بين الأركان إذا طال بجامع أن غير العربي لغو لا يحسب ، لأن غير العربي لا يجزئ مع القدرة على العربي فهو لغو انتهى سم على منهج . والقياس عدم الضرر مطلقا ، ويفرق بينه وبين السكوت بأن في السكوت إعراضا عن الخطبة بالكلية ، بخلاف غير العربي فإن فيه وعظا في الجملة فلا يخرج بذلك عن كونه من الخطبة [ فرع ] هل يشترط في الخطبة تمييز فروضها من سننها ؟ فيه ما في الصلاة في العامي وغيره من التفصيل المقرر عن فتاوى الغزالي وغيره انتهى سم على منهج ( قوله : فإن أمكن تعلمها ) أي ولو بالسفر إلى فوق مسافة القصر كما يعلم مما تقدم في تكبيرة الإحرام ( قوله : وإن لم يعرفها القوم ) قضيته أن الخطيب لو أحسن لغتين غير عربتين كرومية وفارسية مثلا وباقي القوم يحسن إحداهما فقط أن للخطيب أن يخطب باللغة التي لا يحسنونها ، ويؤيده قوله : وأجاب القاضي عن سؤال ما فائدة الخطبة بالعربية إلخ . ونقل عن الزيادي ما يوافقه ، وفيه نظر ، بل الظاهر أن الخطبة لا تجزئ إلا باللغة التي يحسنها القوم ، ولا يعارضه صحة الخطبة بالعربية بل وجوبها بها حيث أحسنها دونهم لأنها الأصل فوجبت مراعاته ، بخلاف غيرها من اللغات فحيث وجد لبعضها مرجح كفهم القوم لها قدم على غيره ويؤيد ذلك ما قاله الأذرعي على ما نقله عنه عميرة بناء على عدم اشتراط كونها بالعربية من قوله لعله إذا علم القوم ذلك اللسان ( قوله : فإن لم يحسن أحد منهم الترجمة ) أي عن شيء من أركان الخطبة كما تقدم عن سم في قوله : حتى لو لم يحسن الخطبة سقطت كالجمعة ( قوله ويشترط ) على خلاف المعتمد الآتي ولذا لم يعده شرطا ثانيا ( قوله : مرتبة الأركان الثلاثة ) . [ فرع ] أفتى شيخنا الرملي فيما لو ابتدأ الخطيب سرد الأركان مختصرة ثم أعادها مبسوطة كما اعتيد الآن كأن قال : الحمد لله والصلاة على رسول الله ، أوصيكم بتقوى الله ، الحمد لله الذي إلخ بأنه إن قصر ما أعاده بحيث لم يعد فصلا مضرا حسب ما أتي به أولا من سرد الأركان وإلا حسب ما أعاده وألغي ما سرده أولا . وأقول : كان يجوز أن يعتد بما أتى به أولا مطلقا : أي طال الفصل أم لا ، لأن ما أتى به ثانيا بمنزلة إعادة الشيء للتأكيد فهو بمنزلة تكرير الركن وذلك لا يؤثر ا هـ سم على منهج . ويؤخذ من هذا تقييد ما تقدم من عدم إجزاء الضمير ولو مع تقدم ذكره بما إذا لم يسرد الخطيب الأركان أولا وإلا أجزأ وهو ظاهر فاحفظه فإنه مهم ، وقوله بمنزلة إعادة الشيء للتأكيد يؤخذ منه أنه لو صرفها بغير الخطبة لم يعتد به .
[ فرع ] لو لحن في الأركان لحنا يغير المعنى أو أتى بمحل آخر كإظهار لام الصلاة هل يضر كما في التشهد [ ص: 318 ] ونحوه في الصلاة ؟ فيه نظر ا هـ سم على حج . والأقرب عدم الضرر في الثانية إلحاقا لها بما لو لحن في الفاتحة لحنا لا يغير المعنى ، ويفرق بينه وبين التشهد بأن التشهد ورد فيه ألفاظ بخصوصها لا يجوز إبدالها بغيرها ، كما لو أبدل النبي بالرسول فقوى شبهه بالفاتحة ، ولا كذلك الخطبة فإنه لم يشترط للصلاة فيها صيغة بعينها . وأما الأولى فالأقرب فيها الضرر لأن اللحن حيث غير المعنى خرجت الصيغة عن كونها حمدا مثلا وصارت أجنبية فلا يعتد بها ، ومن ثم جعل المغير للمعنى في الصلاة مبطلا لها سواء كان اللحن في الفاتحة أو غيرها .