فصل في بيان ما يحصل به إدراك الجمعة وما لا تدرك به وجواز الاستخلاف وعدمه وما يجوز للمزحوم وما يمتنع من ذلك وبدأ بالقسم الأول فقال ( من ) ( أدرك ركوع الثانية ) من الجمعة مع الإمام الذي يحسب له ذلك الركوع لا كالمحدث كما مر وأتم معه الركعة ( أدرك الجمعة ) حكما لا ثوابا كاملا فلا تدرك بما دون الركعة لأن إدراكها يتضمن إسقاط ركعتين ، سواء قلنا الجمعة ظهر مقصورة أم صلاة بحيالها ، والإدراك لا يفيد إلا بشرط كماله .
ألا ترى أن المسبوق إذا أدرك الإمام ساجدا لم يدرك الركعة ; لأنه إدراك ناقص .
فقول الشارح واستمر معه إلى أن يسلم جرى على الغالب وليس بقيد ، وذكره توطئة لقول المصنف ( فيصلي بعد [ ص: 346 ] سلام الإمام ركعة ) جهرا لإتمامها وعلم من ذلك أنه لو فارقه في التشهد كان الحكم كذلك ، وقول الشارح بعد قول المصنف أدرك الجمعة : أي لم تفته لمقابلة قول المتن بعده وإن أدركه بعده فاتته ، وأيضا فدفع به ما قد يتوهم من ظاهر قوله أدرك الجمعة من أنه لا يحتاج مع ذلك إلى شيء يتمها به ، وتقييد ابن المقري أخذا من كلام الأذرعي إدراك الجمعة بإدراك الركعة بما إذا صحت جمعة الإمام ليس بقيد كما صرح به الإسنوي وغيره ، بل متى أدرك معه ركعة وأتى بأخرى أدرك الجمعة ولو خرج منها الإمام ، كما أن حدثه لا يمنع صحتها لمن خلفه على ما مر ، لكن يمكن حمل كلام ابن المقري على ما لو تبين عدم صحتها لانتفاء ركن من أركانها أو شرط من شروطها ، كما لو تبين كونه محدثا ، فإن ركعة المسبوق حينئذ غير محسوبة ; لأن المحدث لعدم صحة صلاته لا يتحمل عن المسبوق الفاتحة ، إذ الحكم بإدراك ما قبل الركوع بإدراك الركوع خلاف الحقيقة ، وإنما يصار إليه إذا كان الركوع محسوبا من صلاة الإمام ليتحمل به عن الغير ، والمحدث غير أهل للتحمل كما مر وإن صحت الصلاة خلفه ، وبهذا التقرير علم صحة كلامه .
وعلم مما تقرر أن قوله ركوع الثانية مثال ، فلو صلى مع الإمام الركعة الأولى وفارقه في الثانية حصلت له الجمعة كما شمل ذلك تعبير المحرر ، ولو شك في سجدة منها فإن لم يسلم إمامه سجدها وأتمها جمعة وإلا سجدها وأتم ظهرا ، وإذا قام لإتمام الجمعة وأتى بالثانية وذكر في تشهده ترك سجدة منها سجدها وسجد للسهو ، أو من الأولى ، أو شك فاتت الجمعة وحصل له ركعة من الظهر .
حاشية الشبراملسي
[ ص: 345 ] فصل في بيان ما يحصل به إدراك الجمعة وما لا تدرك به ( قوله : لا كالمحدث ) أي لعدم تحمله القراءة عن المأموم ، وكالمحدث من به نجاسة خفية ( قوله : إدراك الجمعة ) أي بشرط بقاء العدد إلى تمام الركعة فلو فارقه القوم بعد الركعة الأولى ثم اقتدى به شخص وصلى معه ركعة لم تحصل له الجمعة لفقد شرط وجود الجماعة في هذه الصورة كما يؤخذ مما قدمه في الشروط .
( قوله : لأن إدراكها ) أي الجمعة ( قوله : أم صلاة بحيالها ) أي وهو الراجح ، ولعل وجه الإسقاط على هذا أن الظهر هو الأصل في كل يوم وفي يوم الجمعة لم يجب الظهر بشرط إدراك الجمعة فحيث لم يدركها فكان الأصل باق ، وقوله : بحيالها بكسر الحاء المهملة : أي انفرادها .
قال في المصباح : حال حيلة بكسر الحاء : أي قبالته ، وفعلت كل شيء على حيلة : أي بانفراده ( قوله : إلا بشرط كماله ) أي وأقل ما يحصل به الكمال ركعة ( قوله : وخبر من أدرك من الجمعة ركعة إلخ ) دفع ما قد يوهمه الأول من أن الاقتصار على الركعة كاف .
( قوله : قاله في المجموع ) لعله إنما اقتصر عليه لكونه الرواية وإلا فيجوز فيه فتح الياء وكسر الصاد وهو الظاهر من التعدية بحرف الجر ، فإن صلى يتعدى بنفسه وكأنه ضمن معنى يضم ( قوله : لأنا نمنعه ) خلافا لحج ( قوله : أن يدرك الرجل ) أي الرجل الإمام ( قوله : جرى على الغالب ) [ ص: 346 ] خبر قوله : فقول الشارح ، وقوله : ليس بقيد خبر ثان ( قوله : لإتمامها ) أي الجمعة وهو علة يصلي ( قوله : وعلم من ذلك أنه لو فارقه ) شمل ذلك ما لو كانت المفارقة ببطلان صلاة الإمام ، وهو ظاهر ; لأن المراد بالمفارقة زوال القدوة ( قوله : ولو خرج منها ) غاية ( قوله : لا يمنع صحتها لمن خلفه على ما مر ) أي من كونه زائدا على الأربعين ( قوله : كما تبين كونه ) أي الإمام ( قوله : فإن لم يسلم إمامه سجدها ) مفهومه أنه لو شك هل أتى بأصل السجود أو جلس مع الإمام من الاعتدال ليس له أن يأتي بالسجدتين
وقضية قول شرح الروض هل سجد مع الإمام سجد وأتمها إلخ خلافه ( قوله : ترك سجدة منها ) أي الثانية ( قوله : وسجد للسهو ) أي ويتم الجمعة ( قوله : فاتت الجمعة وحصل له ركعة ) ومعلوم أنه لا بد من السجود .
وهو فرع يفيد أن تلبسه مع الإمام بالتشهد لا يمنع عوده للسجود ، فليضم إلى ما تقدم في باب صلاة الجماعة .
وأقول : قد يتوهم أن هذا مخالف لنظائره من نحو ما لو ركع مع الإمام ثم شك في الفاتحة أو تذكرها ، وليس كذلك فيما يظهر لأن ذلك إذا تحقق الانتقال عن محل ما تركه وهذا لم يتيقن ذلك فتأمله ا هـ سم على منهج .
حاشية المغربي
[ ص: 344 - 345 ] فصل في بيان ما يحصل به إدراك الجمعة ( قوله : وما يمتنع من ذلك ) هو تابع في هذا التعبير للشهاب حج لكن ذاك لم يذكر للقسمين قبل هذا مقابلا وأشار بقوله : وما يمتنع من ذلك إلى مقابل الأقسام الثلاثة ، وعبارته فما تدرك به الجمعة وما يجوز الاستخلاف فيه وما يجوز للمزحوم وما يمتنع من ذلك والشارح لما ذكر القسمين الأولين مقابلا صار قوله : وما يمتنع من ذلك قاصرا على القسم الأخير مع تسامح في العبارة ( قوله : لأن إدراكها ) أي الجمعة ( قوله : إلا بشرط كما له ) وهو إدراك الركعة لاشتمالها على معظم أفعال الصلاة ( قوله : إنما تدرك بالسلام ) يعني بالاستمرار مع الإمام إلى سلامه [ ص: 346 ] قوله : وبهذا التقرير علم صحة كلامه ) أي ابن المقري ، وقوله : وعلم مما تقرر أن قوله : أي المصنف .