فصل في بيان كيفية الإخراج لما مر وبعض شروط الزكاة ( إن اتحد نوع الماشية ) بأن كانت إبله كلها مهرية بفتح الميم نسبة إلى مهيرة ، أو مجيدية نسبة إلى فحل من الإبل يقال له مجيد بميم مضمومة وجيم وهي دون المهرية ، أو أرحبية نسبة إلى أرحب بالمهملتين وبالموحدة قبيلة من همدان ، أو بقره كلها جواميس أو عرابا ، أو غنمه كلها ضأنا أو معزا .
وسميت ماشية لرعيها وهي تمشي ( أخذ الفرض منه ) كأخذ المال المشترك فيؤخذ من المهور مهرية وهكذا .
نعم لو اختلفت الصفة مع اتحاد النوع ولا نقص فعامة الأصحاب كما في المجموع عن البيان أن الساعي يختار أنفعهما كما سبق في الحقاق وبنات اللبون .
لا يقال : ينافي الأغبط هنا ما يأتي أنه لا يؤخذ الخيار .
لأنا نقول : يجمع بينهما بحمل هذا على ما إذا كان جميعها خيارا ، لكن تعدد وجه الخيرية أو كلها غير خيار بأن لم يوجد فيها وصف الخيار الآتي وذاك على ما إذا انفرد بعضها بوصف الخيار دون باقيها فهو الذي لا يؤخذ ( فلو ) ( أخذ ) الساعي ( عن ضأن معزا أو عكسه ) ( [ ص: 56 ] جاز في الأصح بشرط رعاية القيمة ) فيجوز أخذ جذعة عن أربعين من المعز أو ثنية معز عن أربعين من الضأن باعتبار القيمة لاتفاق الجنس كالمهرية مع الأرحبية ، ولهذا يكمل نصاب أحدهما بالآخر .
والثاني المنع كالبقر مع الغنم .
وقيل يؤخذ الضأن عن المعز ; لأنه خير منه بخلاف العكس .
وكلامهم في توجيه الأول دال على جواز إخراج أحدهما عن الآخر جزما عند تساويهما في القيمة وقول الشارح ومعلوم أن قيمة الجواميس دون قيمة العراب فلا يجوز أخذها عن العراب بخلاف العكس ، ولم يصرحوا بذلك مبني على عرف زمنه ، وإلا فقد تزيد قيمة العراب الجواميس عليها بل هو غالب في زمننا ( وإن ) ( اختلف ) النوع ( كضأن ومعز ) من الغنم وأرحبية ومهرية من الإبل وجواميس وعراب من البقر ( ففي قول يؤخذ من الأكثر ) وإن كان الأغبط خلافه اعتبارا بالغلبة ( فإن استويا فالأغبط ) للمستحقين كما في اجتماع الحقاق وبنات اللبون ( والأظهر أنه يخرج ) المالك ( ما شاء ) من النوعين ( مقسطا عليهما بالقيمة ) رعاية للجانبين ( فإذا كان ) أي وجد ( ثلاثون عنزا ) وهي أنثى المعز ( وعشر نعجات ) من الضأن ( أخذ عنزا أو نعجة بقيمة ثلاثة أرباع عنز وربع نعجة ) وفي عكس الصورة بقيمة ثلاثة أرباع نعجة وربع عنز ، ولو كان له من الإبل خمس وعشرون خمس عشرة أرحبية وعشرة مهرية أخذ منه على الأظهر بنت مخاض أرحبية أو مهرية بقيمة ثلاثة أخماس أرحبية وخمس مهرية ، وقول الشارح : ولو كان له من البقر العراب ثلاثون ، ومن الجواميس عشر أخذ منه على القول الأول مسنة من العراب ، وعلى الثاني فيما يظهر مسنة منها بقيمة ثلاثة أرباع مسنة منها وربع جاموسة ، بناه على طريقته المتقدمة ، والخيرة للمالك كما أفاده كلام المصنف لا للساعي ، فمعنى قولنا أخذ : أي أخذ [ ص: 57 ] ما اختاره المالك ، وكذا يقال في الإبل والبقر .
حاشية الشبراملسي
( فصل ) في بيان كيفية الإخراج
( قوله : وبعض شروط الزكاة ) إنما قال ذلك لأنه تقدم من شروطها كونها نعما وكونها نصابا ( قوله : مهرية بفتح الميم ) أي وسكون الهاء كما يؤخذ من القاموس ( قوله : مجيد بميم مضمومة وجيم ) أي مفتوحة .
ويقال مجيدية بفتح الميم وكسر الجيم منسوبة إلى المجيد : أي الكريم من المجد وهو الكرم كما في شرح الروض .
( قوله : أو أرحبية ) لم يبين مرتبتها ، وقد يشعر قوله في المجيدية أنها دون المهرية أن الأرحبية أرفع منها ( قوله : أخذ الفرض منه ) أي من نوعه لا من غير خصوص المال المشترك ، ويدل على أن هذا هو المراد قوله فيؤخذ من المهرية مهرية : أي حصلها من غير ماله ( قوله : المال المشترك ) أي بين المالك والفقراء ( قوله : أن الساعي يختار أنفعهما ) أي أنفع الموصوفين بالصفة المختلفة .
وينبغي أن يأتي هنا نظير ما تقدم فيما لو دلس الساعي أو قصر من عدم الحسبان إلخ ( قوله فلو أخذ عن ضأن معزا ) بيان لمفهوم ما لو اتحد ولو عبر بالواو كان أظهر ، وفي حج ما نصه : فإن قلت : [ ص: 56 ] ما وجه تفريع فلو على ما قبله المقتضي لعدم الإجزاء مطلقا ؟ قلت : وجهة النظر إلى أن قوله منه إنما ذكر لكونه الأصل كما تقرر لا لانحصار الإجزاء فيه ا هـ : أي وليس فيه ما يدفع السؤال الذي ذكرناه .
[ فائدة ] قال في المجموع : والمعز بفتح العين وإسكانها اسم جنس واحده ماعز والأنثى ماعزة والمعزى والمعيز بفتح الميم والأمعوز بضم الهمزة بمعنى المعز ا هـ شرح البهجة الكبير .
وعبارة القاموس : المعز بالفتح والتحريك والمعيز والأمعوز والمعاز ككتاب والمعزى ، ويمد خلاف الضأن من الغنم والماعز واحد المعز للذكر والأنثى .
وعبارة المصباح : المعز اسم جنس لا واحد له من لفظه ، وهي ذات الشعر من الغنم الواحدة شاة وهي مؤنثة ، وتفتح العين وتسكن وجمع الساكن أمعز ومعيز مثل عبد وأعبد وعبيد ، والمعزى ألفها للإلحاق لا للتأنيث ، ولهذا تنون في التنكير ، والذكر ماعز والأنثى ماعزة ( قوله : جاز في الأصح ) هذه الصورة ليست من اختلاف النوع الآتي في قوله وإن اختلف إلخ ; لأن ما هنا مفروض فيما إذا كان الكل من الضأن ، وأخذ عنه من المعز أو عكسه ( قوله كالمهرية مع الأرحبية ) تعليل الأصح بما ذكر يقتضي أنه متفق عليه ، وعبارةالمحلي بعد حكاية الخلاف ، وقولهم في توجيه الأول كالمهرية مع الأرحبية يدل على جواز أخذ إحداهما عن الأخرى جزما حيث تساويا في القيمة ا هـ .
ولم يتعرض لبقية أنواع الإبل فهل هي من المتفق عليه ، أو من المختلف فيه كالضأن والمعز راجعه ، ولعله أفردها بالذكر لحكاية الأصح ومقابله فيها ( قوله : وكلامهم في توجيه الأول ) عبر بذلك ; لأنه لم يتقدم في كلامه ما يفيده ( قوله : إخراج أحدهما عن الآخر جزما ) أي فيؤخذ به ما لم يوجد ما يخالفه ( قوله : وهي أنثى المعز ) تقدم عن شرح البهجة أن أنثى المعز ماعزة وعليه فالمعيز والماعزة مترادفان ( قوله : بناه على طريقته ) [ ص: 57 ] أي من أن قيمة الجواميس دون قيمة العراب فلا تؤخذ عنها
حاشية المغربي
[ ص: 55 ] ( فصل ) في بيان كيفية الإخراج ( قول المصنف فلو أخذ عن ضأن معزا أو عكسه [ ص: 56 ] جاز في الأصح ) لا يخفى أن الصورة أن ماشيته متحدة كما هو فرض كلامه ، فماشيته إما ضأن فقط أو معز فقط ، فيجوز إخراج المعز عن الأولى والضأن عن الثانية ، وليس هذا من اختلاف النوع الآتي خلافا لما وقع في حاشية الشيخ