( قلت : الأصح أنها ) بالدمشقي ( ثلثمائة واثنان وأربعون رطلا وستة أسباع رطل ، لأن الأصح أن رطل بغداد مائة وثمانية وعشرون درهما وأربعة أسباع درهم ، وقيل بلا أسباع وقيل وثلاثون ، والله أعلم ) بيانه أن تضرب ما سقط من كل رطل وهو درهم وثلاثة أسباع درهم في ألف وستمائة تبلغ ألفي درهم ومائتي درهم وخمسة وثمانين درهما وخمسة أسباع درهم يسقط ذلك من مبلغ الضرب الأول فيكون الزائد على الأربعين بالقسمة ما ذكره المصنف ، ولم يتعرض في المحرر لضبط الأوسق بالأرطال لا بالدمشقية ولا بالبغدادية ، بل عبر بقوله وهي بالمن الصغير ثمانمائة من وبالكبير الذي وزنه ستمائة درهم ثلثمائة من وستة وأربعون منا وثلثا من فاختصره المصنف بما سبق ، واستفيد من ذلك أن الرطل الدمشقي مساو للمن الكبير ، والمن الصغير رطلان بالبغدادي ، والنصاب تحديد كما صححاه للأخبار السابقة ، وكما في نصاب المواشي وغيرها ، والعبرة فيه بالكيل على الصحيح بما كان في زمنه صلى الله عليه وسلم كما في التجربة عن الأصحاب ، وإنما قدر بالوزن استظهارا ، أو إذا وافق الكيل ، والمعتبر في الوزن من كل نوع الوسط فإنه يشتمل على الخفيف والرزين ، فكيله بالإردب المصري كما قاله القمولي ستة أرادب وربع إردب ، وهو المعتمد بجعل القدحين صاعا كزكاة الفطر وكفارة اليمين ، وإن قال السبكي : إنه خمسة أرادب ونصف وثلث ، وأنه اعتبر القدح المصري بالمد الذي حرره فوسع مدين وسبعا تقريبا ، فالصاع [ ص: 73 ] قدحان إلا سبعي مد ،
وقدر كل خمسة عشر مدا سبعة أقداح ، وكل خمسة عشر صاعا ويبة ونصف وربع فثلاثون صاعا ثلاث ويبات ونصف فثلثمائة صاع خمسة وثلاثون ويبة وهي خمسة أرادب ونصف وثلث ، فالنصاب على قوله خمسمائة وستون قدحا وعلى الأول ستمائة .
( ويعتبر ) في الرطب والعنب بلوغه خمسة أوسق حالة كونه ( تمرا ) بمثناة ( أو زبيبا إن تتمر ) الرطب ( أو تزبب ) العنب لقوله صلى الله عليه وسلم { nindex.php?page=hadith&LINKID=86578ليس في تمر ولا حب صدقة حتى يبلغ خمسة أوسق } فاعتبر في التمر الأوسق ( وإلا ) أي وإن لم يتتمر الرطب ولم يتزبب العنب ( فرطبا وعنبا ) أي فيوسق رطبا وعنبا وتخرج الزكاة منهما في الحال ; لأن ذلك أكمل أحوالهما ، ويضم ما لا يجفف منهما إلى ما يجفف في إكمال النصاب لاتحاد الجنس ، وإنما لم يلحق ذلك بالخضراوات ; لأن جنسه مما يجف فألحق نادره بغالبه ، ومثل ما لا يجف أصلا ما جافه رديء أو احتيج لقطعه للعطش .
قال في العباب : أو لا يجف إلا لنحو ستة أشهر فيما يظهر ، وهو مأخوذ مما صرح به في الشرح الصغير حيث ، قال : ويشبه أن يلحق به ما إذا كانت مدة جفافه طويلة كسنة لقلة فائدته ، ويجب استئذان العامل في قطعه كما في الروضة ، فإن قطع من غير استئذانه أثم وعزر ، وعلى الساعي أن يأذن له خلافا لما صححه في الشرح الصغير من الاستحباب .
نعم إن اندفعت الحاجة بقطع البعض لم تجز الزيادة عليها ( والحب ) أي ويعتبر في الحب بلوغه خمسة أوسق حالة كونه ( مصفى من تبنه ) لأنه لا يدخر فيه ، ولا يؤكل معه ويظهر اغتفار قليل فيه لا يؤثر في الكيل ( وما ادخر في قشره ) ولم يؤكل معه ( كالأرز والعلس ) بفتح العين واللام نوع من الحنطة كما سيأتي ، والكاف في كلامه استقصائية إذ ليس ثم ما يدخر في قشره من الحبوب غير الشيئين اللذين ذكرهما ( فعشرة أوسق ) نصابه اعتبارا بقشره الذي ادخاره فيه أصلح له وأبقى بالنصف ، فعلم أنه لا يجب تصفيته من قشره ، وأن قشره لا يدخل في الحساب .
نعم لو حصلت الخمسة أوسق من دون العشرة اعتبرناه [ ص: 74 ] دونها كما بحثه ابن الرفعة وهو ظاهر ، وكلامهم جروا فيه على الغالب ، وكلام الشرح الصغير يدل لذلك ، ونقل الشيخان عن صاحب العدة أن قشرة الباقلا السفلى لا تدخل في الحساب ، لكن استغربه في المجموع وقال : إنه خلاف قضية كلام الجمهور ، والظاهر أن المذهب المنصوص الدخول ، قال الأذرعي : وهو كما قال والوجه ترجيح الدخول أو الجزم به ، وهو قضية كلام ابن كج إن لم يكن المنصوص وهو المعتمد ، ولا أثر للقشرة الحمراء اللاصقة بالأرز كما في المجموع عن الأصحاب
حاشية الشبراملسي
( قوله : وهو مصدر بمعنى الجمع ) أي والمراد هنا الموسوق بمعنى المجموع ( قوله : لأنه الرطل الشرعي ) أي الذي وقع التقدير به في زمن الصحابة واستقر عليه الأمر [ ص: 73 ] قوله وإلا فرطبا وعنبا ) قضيته امتناع إخراج البسر وعدم إجزائه .
نعم إن لم يتأت منه رطب فالوجه وجوب إخراج البسر وإجزائه م ر ا هـ سم على حج .
وقوله نعم إن لم يتأت منه رطب : أي غير رديء كما يؤخذ مما يأتي ( قوله : لأن ذلك أكمل ) قضيته أنه لا يقدر فيه الجفاف ، والظاهر أنه غير مراد ، وأن قوله لأن ذلك أكمل أحوالهما علة لإجزاء المخرج منها بتلك الصفة ، ولا يلزم منه عدم اعتبار الجفاف ، وحاصله أنه إذا تعذر الجفاف بالفعل لا يتعذر تقديره ، لا يقال : حيث لم يكن له جفاف فكيف يمكن تقديره .
لأنا نقول : يمكن اعتباره بالقياس إلى ما يتجفف من غيره ; لأن غاية الأمر أن ما لا يتجفف من قام به ما منع من التجفيف ، وهو لا يمنع أن يجيء منه مثل ما يجيء من غيره بفرض زوال المانع ( قوله : وهو مأخوذ ) ضبب بينه وبين قوله في العباب ( قوله ويجب استئذان العامل ) أي على المالك وهو راجع لما بعد الإثم ، هذا واضح فيما إذا كان ثم عامل ، وإلا وجب استئذان الإمام أو نائبه ، ولو فوق مسافة العدوي ( قوله : فإن قطع من غير استئذانه أثم وعزر ) أي ولا ضمان سم ( قوله نعم إن اندفعت الحاجة بقطع البعض ) أي فيما لو احتاج لقطعه لنحو عطش ( قوله : والكاف في كلامه استقصائية ) أي أنها دلت على أنه لم يبق سواهما ، وهي الواقعة في كلام الفقهاء وهم ثقات ( قوله : فعلم أنه لا يجب تصفيته ) في فتاوى الشهاب الرملي ما نصه : سئل الشهاب الرملي عمن عليه زكاة أرز شعير وضرب ذلك الواجب حتى صار أبيض فحصل منه نصف أصله مثلا ، ثم أخرجه عن الأرز الشعير هل يجزي أو لا ؟ فأجاب بأنه لا يجزي ما أخرجه عن واجبه ا هـ .
أقول : هذا قد ينافيه قول الشارح فعلم أنه لا تجب تصفيته إلخ فالقياس الإجزاء ، ويوجه بأن ما فعله هو الأصل في حقه ، وليس فيه تصرف على الفقراء في حقهم ، وإنما أسقط عنه تبييضه تخفيفا عليه ، وليس فيه تفويت على الفقراء بل فيه رفق بهم بتحمل المؤنة عنهم .
وبقي ما لو لم يضر به ، وشك فيما حصل عنده هل يبلغ خالصه [ ص: 74 ] خمسة أوسق أو لا هل تجب عليه الزكاة فيه أم لا ؟ فيه نظر ، والأقرب عدم الوجوب لأنه الأصل ، ولا يكلف إزالة القشر ليختبر خالصه هل يبلغ نصابا أو لا ، ولا يشكل ذلك بما لو اختلط إناء من ذهب وفضة وجهل الأكثر حيث كلف امتحانه بالسبك أو غيره مما ذكر ، ثم لأنه هناك تحقق الوجوب وجهل قدر الواجب ، بخلافه هنا فإنه شك في أصل الوجوب ( قوله والوجه ترجيح الدخول ) من كلام الأذرعي ( قوله : ولا أثر للقشرة ) خلافا لحج