باب زكاة النقد أصل النقد لغة الإعطاء ، ثم أطلق على المنقود من باب إطلاق المصدر على اسم المفعول ، وللنقد إطلاقان : أحدهما على ما يقابل العرض والدين فشمل المضروب وغيره وهو المراد هنا .
والثاني على المضروب خاصة ، [ ص: 84 ] والناض له إطلاقان أيضا كالنقد .
والأصل في الباب قبل الإجماع مع ما يأتي قوله تعالى { والذين يكنزون الذهب والفضة } والكنز ما لم تؤد زكاته ، والنقدان من أشرف نعم الله تعالى على عباده إذ بهما قوام الدنيا ونظام أحوال الخلق ، لأن حاجات الناس كثيرة ، وكلها تنقضي بهما بخلاف غيرهما من الأموال ، فمن كنزهما فقد أبطل الحكمة التي خلقا لها كمن حبس قاضي البلد ومنعه أن يقضي حوائج الناس ( نصاب الفضة مائتا درهم ، ونصاب الذهب عشرون مثقالا ) بالإجماع ، وقدم الفضة على الذهب ; لأنها أغلب ، ويعتبر ذلك ( بوزن مكة ) تحديدا ، فلو نقص في ميزان ، وتم في أخرى فلا زكاة للشك وإن راج رواج التام ، ولا بعد في ذلك مع التحديد لاختلاف خفة الموازين باختلاف حذف صانعيها لخبر { nindex.php?page=hadith&LINKID=86582المكيال مكيال المدينة ، والوزن وزن مكة ، والمثقال لم يتغير جاهلية ولا إسلاما } وهو اثنان وسبعون شعيرة معتدلة لم تقشر وقطع من طرفيها ما دق وطال ، والمراد بالدراهم الإسلامية التي كل عشرة منها سبعة مثاقيل ، وكل عشرة مثاقيل أربعة عشر درهما وسبعان ، وكانت مختلفة في الجاهلية ، ثم ضربت على هذا الوزن في زمن عمر أو nindex.php?page=showalam&ids=16491عبد الملك بن مروان وأجمع عليه المسلمون .
قال الأذرعي كالسبكي : ويجب اعتقاد أنها كانت في زمنه صلى الله عليه وسلم لأنه لا يجوز الإجماع على غير ما كان في زمنه وزمن خلفائه [ ص: 85 ] الراشدين ، ويجب تأويل خلاف ذلك ، ووزن الدراهم ستة دوانق ، والدانق ثمان حبات وخمسا حبة ، ومتى زيد عليه ثلاثة أسباعه كان مثقالا ، ومتى نقص من المثقال ثلاثة أعشاره كان درهما .
قال بعض المتأخرين : ودرهم الإسلام المشهور اليوم ستة عشر قيراطا وأربعة أخماس قيراط بقراريط الوقت .
قال الشيخ : ونصاب الذهب بالأشرفي خمسة وعشرون وسبعان وتسع ، ومراده بالأشرفي فيما يظهر القايتباي ، وبه يعلم النصاب بما على وزنه من المعاملة الحادثة الآن ، على أنه حدث تغيير في المثقال لا يوافق شيئا مما مر فليتنبه لذلك ، ولا وقص فيهما كالمعشرات بل ما زاد على النصاب فبحسابه كما في المحرر ولو بعض حبة لإمكان التجزؤ بلا ضرر بخلاف المواشي
حاشية الشبراملسي
( باب زكاة النقد )
( قوله : ثم أطلق ) أي لغة أيضا ( قوله : وللنقد إطلاقان ) أي في عرف الفقهاء غرضه من هذه العبارة دفع اعتراض بعض الشراح بأن الأولى أن يقول باب الزكاة الذهب والفضة ليشمل التبر والقراضة والسبائك والنقد [ ص: 84 ] بناء على أنه اسم للمضروب خاصة ( قوله : والناض له إطلاقان أيضا ) أي من الذهب والفضة ( قوله : والكنز مال لم تؤد زكاته ) هذا تفسير مراد ، وإلا فالكنز لغة المال المدفون ، فكأنه شبه المال الذي تؤد زكاته بالمال المدفون الذي لا ينتفع به حال دفنه ( قوله بوزن مكة تحديدا ) أي يقينا ليظهر قوله فلو نقص إلخ .
[ فرع ] ابتلع نصابا ومضى عليه حول فهل تلزمه زكاته ؟ فيه نظر ، ولا يبعد أنه كالغائب فتجب فيه الزكاة ولا يلزم أداؤها حتى يخرج ، فلو تيسر إخراجه بنحو دواء فهل يلزمه لأداء الزكاة والإنفاق منه على ممونه وأداء دين حال طولب به ؟ فيه نظر ، ويتجه فيما لو تيسر إخراجه بلا ضرر أن يلزمه أداء الزكاة في الحال ، ولو قبل إخراجه كما في دينه الحال على موسر مقر ، وأن يلزمه إخراجه لنفقة الممون والدين ، فلو مات قبل إخراجه فقد يتجه أن يقال : إن كان تيسر له إخراجه بلا ضرر فتركه استحقت الزكاة عليه فتخرج من تركته ولا يشق جوفه ، وإن كان لم يتيسر له إخراجه كذلك لم يجب الإخراج من تركته ، بل إن خرج ولو بالتعدي بشق جوفه وجبت تزكيته وإلا فلا سم على حج .
قال شيخنا العلامة الشوبري : أقول : ابتلاعه قريب من وقوعه في البحر ، وقد صرحوا في المبيع قبل قبضه بأنه تلف فليكن هنا كذلك ، ويفرق بينه وبين الغائب بأنه يمكن التصرف فيه في الجملة وهو باق بيده ولا كذلك بعد الابتلاع انتهى .
أقول : قد يفرق بأن ما في البحر مأيوس منه عادة فأشبه التالف ، والذي ابتلعه يمكن خروجه بل هو قريب باستعماله الدواء بل يغلب خروجه ; لأنه ما لا تحيله المعدة فأشبه الغائب كما ذكر سم ( قوله وتم في أخرى ) عبارة المختار : الميزان معروف ا هـ ومقتضاه أنه مذكر ( قوله : والمراد بالدراهم الإسلامية ) أي الدراهم الإسلامية التي إلخ ( قوله : وكانت مختلفة في الجاهلية ) قال في شرح البهجة الكبير بعد مثل ما ذكر ما نصه : قال الرافعي : وسببه أن التعامل غالبا في عصره صلى الله عليه وسلم والصدر الأول بعده كان بالبغلي وهو ثمانية دوانق والطبري وهو نصفها فجمعه وقسما درهمين ا هـ .
ثم قال : والطبرية نسبة إلى طبرية قصبة الأردن بالشام ، وتسمى بنصيبين ، والبغلية نسبة إلى البغل لأنه كان عليها صورته ( قوله : ويجب اعتقاد أنها إلخ ) أي الدراهم الآن ( قوله : لأنه لا يجوز الإجماع على غير ما كان في زمنه ) أجيب بأنه بتقدير عدم وجودها لا يضر لما قيل إن الدراهم التي كانت موجودة أولا نوعان أحدهما وزنه ثمانية دوانق ، والآخر أربعة فخلط مجموع الدرهمين وقسم في زمن عمر فصار الدرهم ستة دوانق ، فيحمل ما في الحديث من أن النصاب مائتا درهم على أن كل مائة من [ ص: 85 ] نوع من النوعين اللذين كانا موجودين وهو يساوي المائتين من الدراهم الموجودة الآن ( قوله : وزن الدراهم ستة دوانق ) قال في المصباح : الدانق معرب وهو سدس درهم ، وهو عند اليونان حبتا خرنوب ، وأن الدرهم عندهم اثنتا عشرة حبة خرنوب ، والدانق الإسلامي حبتا خرنوب وثلثا حبة خرنوب ، فإن الدرهم الإسلامي ستة عشر حبة خرنوب وتفتح النون وتكسر ، وبعضهم يقول : الكسر أفصح وجمع المكسور دوانق وجمع المفتوح دوانيق بزيادة ياء ، قاله الأزهري .
وقيل كل جمع على فواعل ومفاعل يجوز أن يمد بالياء فيقال فواعيل ومفاعيل ( قوله : والدانق ثمان حبات ) أي فوزن الدرهم خمسون حبة وخمسا حبة ، وسبعه سبع حبات وخمس حبة ، فإذا زيد عليه ثلاثة أسباعه وهي إحدى وعشرون حبة وثلاثة أخماس حبة صار اثنين وسبعين وهي المثقال ( قوله : بقراريط الوقف ) وقيل أربعة عشر قيراطا ، والمثقال أربعة وعشرون قيراطا على الأول وعشرون على الثاني ا هـ حج .
( قوله : خمسة وعشرون ) أي أشرفيا ( قوله : ومراده بالأشرفي فيما يظهر القايتباي ) أي وهو أقل وزنا من الدينار المعروف الآن
حاشية المغربي
( باب زكاة النقد )
( قوله : لغة الإعطاء ) ظاهره ولو لغير المنقود فليراجع ( قوله : ثم أطلق على المنقود ) لعل المراد به ما يعطى من خصوص الذهب والفضة لا مطلق ما يعطى بدليل قوله بعد وللنقد إطلاق إذ هو كالصريح في أنه ليس له غير هذين الإطلاقين ، على أن الذي نقله في التحفة عن القاموس أنه لغة خاص بالدراهم لا غير [ ص: 84 - 85 ] قوله بقراريط الوقت ) وهي الأربعة والعشرون ( قوله وبه يعلم النصاب بما على وزنه ) عبارة التحفة : وبه يعلم النصاب بدنانير المعاملة الحادثة الآن