ويشترط في الخف كونه قويا بحيث ( يمكن ) لقوته ( تتابع المشي فيه لتردد مسافر لحاجاته ) عند الحط والترحال وغيرهما مما جرت العادة به ، وإن كان لابسه مقعدا في مدة ثلاثة أيام ولياليها إن كان مسافرا سفر قصر ، ولحاجة يوم وليلة إن كان مقيما مع مراعاة اعتدال الأرض سهولة وصعوبة فيما يظهر ، والمراد بقوته أن يتأتى فيه ما ذكر وحده من غير مداس ، إذ لو اعتبر مع المداس لكان غالب الخفاف يحصل به ذلك ، فلا يجزئ رقيق يتخرق بالمشي عن قرب ، ولا ثقيل لا يمكن متابعة المشي عليه كضيق لا يتسع بالمشي عن قرب ، ومفرط سعة لأن اللبس إنما شرع لحاجة الاستدامة ، ولا تتأتى إلا فيما توفرت فيه الشروط المتقدمة .
لا يقال ساتر وما بعده أحوال مقيدة لصاحبها فمن أين يلزم الأمر بها ، إذ لا يلزم من الأمر بشيء الأمر بالمقيد له بدليل : اضرب هندا جالسة .
لأنا نقول : محل ذلك إذا لم تكن الحال من نوع المأمور به ولا من فعل المأمور كالمثال المذكور ، [ ص: 205 ] أما إذا كانت من نحو ذلك نحو حج مفردا وادخل مكة محرما فهي مأمور بها ، وما هنا من هذا القبيل
حاشية الشبراملسي
( قوله : كونه قويا ) الوجه اعتبار القوة من الحدث بعد اللبس ، لأن به دخول وقت المسح حتى لو أمكن تردد المقيم فيه يوما وليلة من وقت اللبس لا من وقت الحدث لم يكف م ر سم على بهجة .
وينبغي أن ضعفه في أثناء المدة لا يضر إذا لم يخرج عن الصلاحية في بقية المدة ( قوله : ولحاجة يوم إلخ ) ظاهره اعتبار حوائج السفر في حق المقيم .
وقال حج : تنبيه : أخذ ابن العماد من قولهم هنا لمسافر بعد ذكرهم له وللمقيم أن المراد التردد لحوائج سفر يوم وليلة للمقيم ، وسفر ثلاثة أيام لغيره ، والذي يتجه أن تعبيرهم بالمسافر هنا للغالب ، وأن المراد في المقيم تردده لحاجة إقامته المعتادة غالبا كما مر ، وأما تقدير سفره وحوائجه له واعتبار تردده لها فلا دليل عليه ولا حاجة إليه مع ما قررته فتأمله .
ثم رأيت في بعض هوامش الشارح من مناهيه ما نصه : قوله : ولحاجة يوم وليلة إن كان مقيما : أي حاجة المقيم من غير اعتبار حاجة المسافر ( قوله : إن كان مقيما ) هل يشترط صلاحيته للتردد فيه تلك المدة حتى في آخرها أم يكفي صلاحيته في الابتداء حتى ولو لم توجد آخرها ؟ فيه نظر ، والأقرب الثاني مع ملاحظة قوته لما بقي من المدة ( قوله : سهولة وصعوبة ) أي بأن تكون متوسطة بينهما ( قوله : ومفرط سعة ) أي ما لم يضق عن قرب ( قوله : لأنا نقول إلخ ) أقول : يجاب أيضا بأن هذا ليس من باب الأمر بشيء مقيد إذ لا أمر هنا ، وإنما هو من باب الإخبار وبيان شروط الشيء ، فإذا أخبر بأن شرطه اللبس في هذه الأحوال علم أن اللبس في غير هذه الأحوال لا يكفي فيه كما هو واضح فليتأمل ، وقوله : إذا لم تكن الحال إلخ ، بقي أنه من أين الأمر بهذه الأحوال في جميع المدة إلا أن يقال إنه المتبادر من ذلك [ ص: 205 ] فليتأمل ا هـ سم على منهج ( قوله : من هذا القبيل ) كأن قوله : إن الساتر وما بعده من نوع الخف ، وأنها أوصاف للخف المأمور بلبسه بعد الطهر ، لأن قوله وشرط الخف لبسه بعد طهر في معنى : ويجب لبس الخف بعد الطهر ليصح المسح عليه فليتأمل سم على منهج .
حاشية المغربي
[ ص: 204 ] قوله : لقوته ) الأصوب حذفه إذ المتن ليس قاصرا على ذلك ، وسيأتي ما أخرجه المتن ( قوله : ولا ثقيل ) هو وما بعده محترز المتن لولا قول الشارح لقوته فوجب حذفه كما مر ( قوله : فمن أين يلزم الأمر إلخ ) هذا السؤال [ ص: 205 ] والجواب فيه نظر لا يخفى