ويضاف إلى الرؤية كما قال الأذرعي وإكمال العدد ظن دخوله بالاجتهاد عند الاشتباه على أهل ناحية حديث عهدهم بإسلام أو أسارى وهل الأمارة الظاهرة الدلالة في حكم الرؤية مثل أن يرى أهل القرية القريبة من البلد القناديل قد علقت ليلة الثلاثين من شعبان بمنابر المصر كما هو العادة ؟ الظاهر نعم وإن اقتضى كلامهم المنع ، ومثل ذلك العلامات المعتادة لدخول شوال من إيقاد النار على الجبال أو سمع ضرب الطبول ونحوها مما يعتادون فعله لذلك ، فمن حصل له به الاعتقاد الجازم وجب عليه الفطر كما يجب عليه الصوم في أوله عملا بالاعتقاد الجازم فيهما كذا أفتى به الوالد رحمه الله تعالى وإن أفتى الشيخ بعدم جواز الفطر بذلك متمسكا بأن الأصل بقاء رمضان وشغل الذمة بالصوم حتى يثبت خلافه شرعا ، ويمكن حمله على من لم يحصل له بذلك الاعتقاد الجازم ، وممن أفتى بالأول ابن قاضي عجلون والشمس الجوجري . ومما عمت به البلوى تعليق القناديل ليلة ثلاثين شعبان فتبيت النية اعتمادا عليها ثم تزال ويعلم بها من نوى ثم يتبين نهارا أنه من رمضان .
وقد أفتى الوالد رحمه الله بصحة صومه بالنية المذكورة لبنائه على أصل صحيح ولا قضاء عليه ، فإن نوى عند الإزالة تركه لزمه قضاؤه وفهم من كلامه عدم وجوبه بقول المنجم بل لا يجوز نعم له أن يعمل بحسابه ويجزيه عن فرضه على المعتمد وإن وقع في المجموع عدم إجزائه عنه ، وقياس قولهم إن الظن [ ص: 151 ] يوجب العمل أن يجب عليه الصوم وعلى من أخبره وغلب على ظنه صدقه ، وأيضا فهو جواز بعد حظر ، ولا ينافي ما مر لأن الكلام فيه بالنسبة للعموم . والحاسب وهو من يعتمد منازل القمر وتقدير سيره في معنى المنجم وهو من يرى أن أول الشهر طلوع النجم الفلاني ولا اعتبار بقول من ادعى رؤيته صلى الله عليه وسلم وأنه أخبره في النوم بأن غدا من رمضان ولا يصح الصوم به إجماعا لا لشك في رؤيته وإنما هو لعدم ضبط النائم .
حاشية الشبراملسي
( قوله : وسمي رمضان من الرمض إلخ ) عبارة المصباح في مادة ج م د : ويحكى أن العرب حين وضعت الشهور وافق الوضع الأزمنة ، فاشتق للشهور معان من تلك الأزمنة ثم كثر حتى استعملوها في الأهلة وإن لم توافق ذلك الزمان فقالوا رمضان لما أرمضت الأرض من شدة الحر ، وشوال لما شالت الإبل بأذنابها للطروق ، وذو القعدة لما ذللوا القعدان للركوب ، وذو الحجة لما حجوا ، والمحرم لما حرموا القتال أو التجارة ، والصفر لما غزوا وتركوا ديار القوم صفرا ، وشهر ربيع لما أربعت الأرض وأمرعت ، وجمادى لما جمد الماء ، ورجب لما رجوا الشجر ، وشعبان لما أشعبوا مثل العود ا هـ .
وقال حج بعد ما ذكره الشارح : كذا قالوه وهو إنما يأتي على الضعيف أن اللغات اصطلاحية ، أما على أنها توقيفية : أي وهو المعتمد : أي أن الواضع لها هو الله تعالى وعلمها جميعها لآدم عند قول الملائكة لا علم لنا فلا يأتي ذلك .
( قوله : كما سمي الربيعان ) أي بذلك .
( قوله : حبس ) أي والحابس له الحاكم ( قوله بل ثبت ذكره ) إنما يتم به الرد على من أطلق كراهته بدون شهر أما من قيد كراهته بانتفاء القرينة الدالة على أن المراد به الشهر فلا يتم الرد عليه بما ذكر لوجود القرينة الدالة على المراد .
( قوله : أو رؤية الهلال ) لو رآه حديد البصر دون غيره فالظاهر أنه لا يثبت به العموم وهل يثبت في حق نفسه مر ، وقد يقال إن كفى العلم بوجوده بلا رؤية ثبت برؤية حديد البصر بلا توقف ، ويفرق بينه وبين الجمعة بنحو أن لها بدلا حيث لا يلزم بسماع حديد السمع أحدا حتى السامع كما هو ظاهر كلامهم وفيه نظر ا هـ سم على حج .
أقول : والأولى أن يفرق بأن الجمعة تسقط بالعذر ووجوب السعي إليها إذا سمع النداء حديد السمع فيه مشقة لبعد المكان الذي يسمع منه ففرق فيه بين حديد السمع ومعتدله لوجود المشقة في السعي عند سماع حديد السمع ، ولا كذلك هنا فإن المدار فيه على رؤية الهلال وقد رئي ، فلا فرق بين حديد البصر وغيره عند رؤيته ، وعلى هذا فالقياس على ما لو أخبره شخص بوجوده ووثق به من لزوم الصوم ثبوته هنا على العموم ; لأنه يحصل الظن بوجوده فليراجع [ ص: 150 ]
( قوله : أو علم القاضي ) أي حيث كان يقضي بعلمه بأن كان مجتهدا كما ذكره الشارح في باب القضاء فإذا شهد برمضان وكذا بشهر نذر صومه عدل عند القاضي كفي في وجوب صومه فهو بطريق الشهادة لا بطريق الرواية فلا يكفي عبد ولا امرأة .
( قوله : ويضاف إلى الرؤية ) أي في ثبوت رمضان .
( قوله : وإن اقتضى كلامهم المنع ) عبارة حج : ومخالفة جمع في هذه غير صحيحة لأنها أقوى من الاجتهاد المصرح فيه بوجوب العمل به .
( قوله : أو سمع ضرب الطبول ) أي وهذه عادة أهل مكة .
( قوله : ويمكن حمله ) أي ما قال الشيخ ( قوله : ولا قضاء عليه ) قال سم : ما لم يعلم بأنها أزيلت للشك في دخول رمضان أو لتبين عدم دخوله ، ويوجه بأن علمه بذلك متضمن لرفض النية السابقة حكما ورفضها ليلا يبطلها ، لكن التقييد بقوله ما لم يعلم مخالف لقول الشارح ويعلم بها من نوى ، فلعل ما قاله سم تعقب لعبارة ليس فيها التقييد بما ذكر .
( قوله : نعم له أن يعمل بحسابه ) قال سم على حج : سئل الشهاب الرملي عن المرجح من جواز عمل الحاسب بحسابه في الصوم هل محله إذا قطع بوجوده ورؤيته أم بوجوده وإن لم يجوز رؤيته ، فإن أئمتهم قد ذكروا للهلال ثلاث حالات : حالة يقطع فيها بوجوده وبامتناع رؤيته . وحالة يقطع [ ص: 151 ] فيها بوجوده ورؤيته . وحالة يقطع فيها بوجوده ويجوزون رؤيته . فأجاب بأن عمل الحاسب شامل للمسائل الثلاثة ا هـ .
( قوله : فهو جواز بعد حظر ) أي منع فيصدق بالوجوب ( قوله : لعدم ضبط النائم ) زاد حج : وفيه وجه بالوجوب ككل ما يأمر به ولم يخالف ما استقر في شرعه ، لكنه شاذ فقد حكى عياض وغيره الإجماع على الأول : أي وهو عدم العمل بقوله فلا يعمل به من حيث إنه أخبر صلى الله عليه وسلم به ، ثم إن كان له وجه مجوز للعمل به لكونه نفلا مندرجا تحت ما أمره به الشارع أو جوزه جاز العمل به وإلا فلا .
حاشية المغربي
[ ص: 149 - 150 ] قوله : أو علم القاضي ) لا محل له هنا على أنه يلزم على عطفه على ما قبله فساد لا يخفى لاقتضائه أنه أمر ثالث غير الإكمال والرؤية ، فالصواب ذكره بعد قول المصنف الآتي وثبوت رؤيته بعدل ، وكذا يقال في قوله الآتي ويثبت الشهر بالشهادة على الشهادة ( قوله ويعلم بها ) أي بإزالتها احترازا عما لو أزالوها بعد نومه أو نحوه ، فهذا غير ما بحثه الشهاب سم فيما إذا علم سبب إزالتها وأنه عدم ثبوت الشهر من أنه يضر لأنه يتضمن رفض النية خلافا لما وقع في حاشية الشيخ ( قوله : فإن نوى عند الإزالة تركه ) خرج به ما إذا حصل له تردد عند الإزالة ولم ينو الترك فلا يضره ذلك لما سيأتي في كلامه من أن النية بعد عقدها لا يبطلها إلا رفضها أو الردة ( قوله : نعم له أن يعمل بحسابه ) أي الدال على وجود الشهر وإن دل على عدم إمكان الرؤية كما هو مصرح به في كلام والده ، وهو في غاية الإشكال لأن الشارع إنما أوجب علينا الصوم بالرؤية لا بوجود الشهر ، ويلزم عليه أنه إذا دخل الشهر في أثناء النهار أنه يجب الإمساك من وقت دخوله ، ولا أظن الأصحاب يوافقون على ذلك ، وقد بسطت القول على ذلك في غير هذا [ ص: 151 ] المحل