( ويباح تركه للمريض إذا وجد به ضررا ) شديدا وهو ما يبيح التيمم وإن تعدى بسببه بأن تعاطي ليلا ما يمرضه نهارا قصدا وفارق من شرب مجننا فإنه يلزمه قضاء الصلاة ، لأن ذلك فيه تسبب بما يؤدي للإسقاط وهذا ليس فيه تسبب إلا بما يؤدي إلى التأخير وهو أخف فلم يضيق فيه كذا قيل ونظر فيه بأن كلا منهما يلزمه القضاء في الحقيقة وشمل الضرر ما لو زاد مرضه أو خشي منه طول البرء لقوله تعالى { وما جعل عليكم في الدين من حرج } وعلى المريض من حيث خف مرضه بحيث لا يباح معه ترك الصوم أن ينوي قبيل الفجر ، فإن عاد له المرض كالحمى أفطر وإلا فلا ، إن علم من عادته أنها ستعود له عن قرب ، وأفتى الأذرعي بأنه يجب على الحصادين تبييت النية في رمضان كل ليلة ، ثم من لحقه منهم مشقة شديدة أفطر وإلا فلا ولو كان المرض مطبقا فله ترك النية من الليل .
فإن صام ففي انعقاده احتمالان ، أوجههما انعقاده مع الإثم ولمن غلبه الجوع أو العطش حكم المريض
حاشية الشبراملسي
( قوله : ويباح تركه ) وينبغي قياسا على ما تقدم في التيمم أنه لا يجوز له ذلك إلا بإخبار طبيب عدل مسلم وإلا فلا يباح له الترك ، وقد يفرق بقيام المرض وتأثيره في البدن فيدرك الألم الحاصل بالصوم المقتضي للفطر هنا بخلافه ، ثم فإن ألم الغسل الحاصل من الوضوء إنما يحصل بعده فاحتيج فيه للسؤال ( قوله : ونظر فيه ) وقد يجاب بأن لزوم القضاء للمجنون إذا تعدى إنما هو للتغليظ وإلا فأصل الجنون لا قضاء معه لانتفاء تكليفه ، بخلاف المرض فإن القضاء واجب عليه مطلقا .
وحاصل الفرق أنه فصل في المجنون بين التعدي بسبب الجنون وعدمه ، وعمم في وجوب القضاء على المريض بما مر ( قوله : حيث خف مرضه ) أي قبيل الفجر بخلاف ما لو أطبق مرضه أو كان وقت الفجر محموما فلا تجب عليه النية ( قوله بأنه يجب على الحصادين ) ومثلهم غيرهم من سائر العملة ( قوله : ثم من لحقه منهم مشقة شديدة ) أي سواء كان يحصد لنفسه أو بأجرة أو تبرعا وإن لم ينحصر الأمر فيه أخذا مما يأتي في المرضعة إن خاف على المال إن صام وتعذر العمل ليلا أو لم يغنه فيؤدي لتلفه أو نقصه نقصا لا يتغابن به ، هذا هو الظاهر من كلامهم وسيأتي في إنقاذ المحترم ما يؤيده خلافا لمن أطلق في نحو الحصاد المنع ولمن أطلق الجواز ا هـ حج .
وظاهره وإن لم تبح التيمم كما يفهم من قول حج : إن خاف على المال إن صام ، ويحتمل وهو الظاهر تقييد ذلك بمبيح التيمم فليراجع ( قوله : ولو كان المرض مطبقا ) أي أو كان محموما وقت الفجر ا هـ محلى ( قوله لترك الأكل ) أي في نهار رمضان مثلا ( قوله حرم عليه الصوم ) مفهومه أنه لو لم يخف الهلاك لكن خاف بطء البرء أو الشين الفاحش
[ ص: 186 ] أو زيادة المرض لم يحرم لكن تقدم مع ذلك حرمة استعمال الماء ، وعليه فقد يفرق بينهما بأن للماء بدلا تفعل به الصلاة في وقتها فمنع من استعماله المؤدي للضرر مع إمكان العدول عنه ، بخلاف الصوم فإن الإفطار يؤدي إلى تأخير العبادة عن وقتها وإن أمكن القضاء ، لكن في حاشية شيخنا الزيادي أنه متى خاف مرضا يبيح التيمم وجب الفطر ، ويصرح به قول حج بعد قول المصنف ويباح تركه للمريض : أي يجب عليه إذا وجد به ضررا شديدا بحيث يبيح التيمم .
( قوله : وهو ما يبيح التيمم ) هو مخالف في هذا للشهاب حج فإنه جعله شرطا لوجوب الفطر لا لمجرد إباحته ( قوله : ونظر فيه بأن كلا منهما يلزمه القضاء ) هذا النظر لا يلاقي غرض الفارق ، فإن غرضه أن من تعاطى ما يمرضه ليفطر لم نعامله بنقيض قصده ونلزمه الصوم بل أبحنا له الفطر .
ومن تعاطى المجنن ليسقط عنه قضاء الصلاة عاملناه بنقيض قصده وألزمناه القضاء ( قوله ثم من لحقه مشقة شديدة ) ظاهره وإن لم تبح التيمم ، ولعل الأذرعي يرى ما رآه الشهاب حج ، وقياس طريقة الشارح المتقدمة أنه لا بد من أنها تبيح التيمم ( قوله : إلا أن يخاف الزيادة ) .
[ ص: 186 ] قياس ما مر للشارح أن المراد زيادة المرض لا زيادة مجرد الوجع