هو لغة سيلان الماء على الشيء وشرعا سيلانه على جميع البدن بالنية في غير غسل الميت بشرائط مخصوصة ، والأفصح الأشهر فيه لغة فتح الغين وضمها هو الجاري على ألسنة أكثر الفقهاء ، ويقال بالضم للماء الذي يغتسل به ، وبالكسر لما يغتسل به من سدر ونحوه ، ولا يجب فورا أصالة ولو على فاغتسل خلافا لابن العماد ، [ ص: 210 ]
والكلام أولا في موجباته وواجباته وسننه وما يتعلق به ، وقد بدأ منها بالأول فقال ( موجبه موت ) لما سيأتي في الجنائز ، وفيها أيضا أن الشهيد يحرم غسله ، والكافر لا يجب غسله ، والسقط الذي بلغ أربعة أشهر ولم تظهر أمارة حياته يجب غسله مع أنا لم نعلم سبق موت له فلا يرد عليه ذلك غير أنه لم يذكر هناك غسل السقط المذكور ، ولا يرد على عده الموجبات له تنجس جميع البدن أو بعضه مع الاشتباه ، لأن الواجب مطلق الإزالة من غير نظر لغسل بعينه حتى لو فرض كشط جلده حصل الغرض ، والموت عدم الحياة ويعبر عنه بمفارقة الروح الجسد ، وقيل عدم الحياة عما من شأنه الحياة .
وقيل عرض يضادها لقوله تعالى { خلق الموت والحياة } ورد بأن المعنى قدر والعدم مقدر
( قوله : في غير غسل الميت ) أما هو فلا يجب فيه النية بل يستحب فقط ( قوله : الأشهر ) صفة كاشفة مبينة للمراد بالأفصح هنا ، فإن معنى الفصاحة المقرر في عرفهم لا يظهر معناه هنا ( قوله : أكثر الفقهاء ) أي في الفعل الرافع للحدث ، أما إزالة النجاسة فالأشهر في لسانهم الفتح ( قوله : ولا يجب فورا أصالة ) خرج به ما لو ضاق وقت [ ص: 210 ] الصلاة عقب الجنابة أو انقطاع الحيض فيجب فيه الفور لا لذاته بل لإيقاع الصلاة في وقتها ( قوله : والكلام أولا في موجباته ) أي وثانيا في واجباته وهكذا ، ولو أسقط قوله أولا استغنى عن هذا التقدير ، وتعلم بداءته بالموجبات من قوله وقد بدأ بالأول . إلخ ( قوله : وما يتعلق به ) أي وفيما يتعلق بما ذكر : أي من الموجبات ( قوله : فلا يرد عليه ) تفريع على قوله وفيها أن الشهيد . إلخ لا على قوله مع أنا لم نعلم . إلخ ، لأن ذاك إنما يقتضي الإيراد لا عدمه ، ولعل الغرض من ذكره الرد على حج حيث جعله مستفادا من كون الموت موجبا حيث قال ما حاصله : إنه يحكم بموته لأن الموت عدم الحياة عما من شأنه الحياة وهذا شأنه الحياة ( قوله : غير أنه ) اعتذار عما يفهم من قوله ، وفيها أن السقط يجب غسله من أنه لم يذكره في المنهاج .
وحاصله أنه وإن لم يذكره لكنه مصرح به في كلامهم وهو كاف في عدم الوارد عليه هنا ( قوله : على عده الموجبات ) في نسخة حصره الموجبات له فيما ذكره تنجس إلخ ، وما في الأصل أولى لأن عبارته لا تفيد الحصر ( قوله : وقيل عدم الحياة ) ذكره في مقابلة قوله قبل عدم الحياة يقتضي أن الأول لا يشترط كونه من شأنه الحياة ، وقضية قوله ويعبر عنه الاشتراط إلا أن يقال : مراد صاحب هذا القيل أنه لا يشترط تحقق الحياة ، بل متى بلغ زمانا تحصل فيه الحياة لمثله ولم توجد عد ميتا بخلاف الأول ( قوله : وقيل عرض يضادها ) ظاهره أنه لا يشترط على القول الثاني سبق الحياة ، فيدخل السقط في الميت على الثاني دون الأول .
وفي التحفة ما يقتضي خلافه حيث جعل الموت على الأقوال الثلاثة صادقا على السقط ، لكن نظر فيه سم بالنسبة للأول بأن المفهوم من المفارقة سبق الوجود ، قال : إلا أن يكون المراد بها معنى العدم ، ويجعل قوله : عما من شأنه إلخ راجعا إليه أيضا ، لكن يلزم حينئذ اتحاد هذا مع الثاني ا هـ .
هذا وفي المقاصد إبقاء الأول على ظاهره ورد الثاني إليه وعبارته والموت زوالها : أي الحياة : أي عدم الحياة عما يتصف بها الفعل ، وهذا مراد من قال عدم الحياة عما من شأنه : أي عما يكون من أمره وصفته الحياة بالفعل فهو عدم ملكه لها كالعمى الطارق بعد البصر لا كمطلق العدم ( قوله : أيضا وقيل عرض إلخ ) جرى على رد هذا القول في المقاصد أيضا ، لكن في تفسير ابن عادل عن ابن الخطيب الحق أنه وجودي ، ويوافقه ما نقله الصفوي عن صاحب الود أن عدمية الموت كانت منسوبة إلى القدرية ففشت .
ا هـ .
هذا وفي حواشي السيوطي أن طائفة من أهل الحديث ذهبوا إلى أن الموت جسم والأحاديث والآثار مصرحة بذلك .
قال : والتحقيق أنه هذا الجسم الذي على صورته كبش كما أن الحياة جسم على صورة فرس لا يمر بشيء إلا حيي .
وأما المعنى القائم بالبدن عند مفارقة الروح فإنما هو أثره ، فإما أن يكون تسميته بالموت من باب المجاز لا الحقيقة أو باب المشترك ، وحينئذ فالأمر في النزاع قريب ا هـ .
باب الغسل [ ص: 210 ] قوله : أولا ) ينبغي إسقاطه ، وهو تابع فيه لشرح الإرشاد لكن ذاك عطف ما بعده بالفاء لترتب المذكورات في متن الإرشاد على هذا الوجه ، ولما لم تكن مرتبة في المنهاج كذلك عدل الشارح إلى الواو فلم يبق للفظة أولا موقع ( قوله : مع أنا لم نعلم سبق موت له ) وجه عدم وروده أنه في معنى الميت بدليل ذكرهم له في الجنائز ، وإليه أشار الشارح بقوله وفيها أيضا