[ ص: 372 ] كتاب البيع هو لغة : مقابلة شيء بشيء ، قال الشاعر :
ما بعتكم مهجتي إلا بوصلكم ولا أسلمها إلا يدا بيد
وشرعا : عقد يتضمن مقابلة مال بمال بشرطه الآتي لاستفادة ملك عين أو منفعة مؤبدة ، وهو المراد بالترجمة هنا ، وقد يطلق على قسيم الشراء فيحد بأنه نقل ملك بثمن [ ص: 373 ] على وجه مخصوص والشراء بأنه قبوله على أن لفظ كل يقع على الآخر ، والأصل في الباب قبل الإجماع آيات كقوله تعالى { وأشهدوا إذا تبايعتم } وقوله تعالى { وأحل الله البيع } وأظهر قولي إمامنا رضي الله عنه أن هذه الآية عامة تتناول كل بيع ، إلا ما خرج لدليل فإنه صلى الله عليه وسلم نهى عن بيوع ولم يبين الجائز ، والثاني أنها مجملة والسنة مبينة لها وأحاديث كخبر { nindex.php?page=hadith&LINKID=86736سئل النبي صلى الله عليه وسلم أي الكسب أطيب ؟ فقال : عمل الرجل بيده وكل بيع مبرور } أي لا غش فيه ولا خيانة . رواه nindex.php?page=showalam&ids=14070الحاكم وصححه
وخبر { nindex.php?page=hadith&LINKID=12424إنما البيع عن تراض } وأفرد لفظه ; لأن إفراده هو الأصل إذ هو مصدر فسقط القول بأنه فعل ذلك لإرادته نوعا منه وهو بيع الأعيان إذ إرادة ذلك تعلم من إفراده السلم ، وسيأتي في الإجارة بيع المنافع .
والنظر أولا في صحته ، والذي يتجه أنها تقارن آخر اللفظ المتأخر وأن انتقال الملك يقارنها ثم لزومه ثم حكمه قبل القبض [ ص: 374 ] ثم في ألفاظ تطلق فيه ثم في التخالف ثم في معاملة العبيد ، وقد رتبها على هذا الترتيب مبتدئا منها بالكلام على الأركان وهي عاقد ومعقود عليه وصيغة .
وكثيرا ما يعبر المصنف بالشرط مريدا به ما لا بد منه فيشمل الركن كما هنا ، وقدمها على العاقد والمعقود عليه إذ ليس المقصود تقدم ذات العاقد إلا بعد اتصاف كونه عاقدا ، وهو إنما يكون كذلك بعد إتيانه بالصيغة ، وهذا أولى مما أجاب به الشارح بأن تقديمها لكونها أهم للخلاف فيها ( شرطه ) الذي لا بد منه لوجود صورته الشرعية في الوجود .
ولو في بيع ماله لولده محجوره وعكسه أو بيعه مال أحد محجوريه للآخر ، وكذا في البيع الضمني لكن تقديرا كأعتق عبدك عنى بألف فيقبل فإنه يعتق به كما سيذكره في الظهار لتضمنه البيع فلا يرد عليه هنا وهل يأتي في غير العتق كتصدق بدارك عنى على ألف بجامع أن كلا قربة ، أو يفرق بأن تشوف الشارع إلى العتق أكثر فلا يقاس غيره به ؟ كل محتمل وميل كلامهم إلى الثاني أكثر [ ص: 375 ] ( الإيجاب ) من البائع وهو صريحا ما يدل على التمليك بعوض دلالة ظاهرة ، مما اشتهر وكرر على ألسنة حملة الشرع وستأتي الكتابة وسواء أكان هازلا أم لا لقوله تعالى { إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم } مع الخبر الصحيح { nindex.php?page=hadith&LINKID=12424إنما البيع عن تراض } والرضا أمر خفي لا اطلاع لنا عليه ، فجعلت الصيغة دليلا على الرضا فلا ينعقد بالمعاطاة وهي أن يتراضيا ولو مع السكوت منهما .
واختار المصنف كجمع انعقاده بها في كل ما يعده الناس بها بيعا وآخرون في محقر كرغيف .
أما الاستجرار من بياع فباطل اتفاقا : أي حيث لم يقدر الثمن كل مرة على أن الغزالي سامح فيه أيضا بناء على جواز المعاطاة ، وعلى الأصح لا مطالبة بها في الآخرة : أي من حيث المال ، [ ص: 376 ] بخلاف تعاطي العقد الفاسد إذا لم يوجد له مكفر كما هو ظاهر للرضا .
أما في الدنيا فيجب على كل رد ما أخذه إن كان باقيا وبدله إن تلف ويجري خلافها في سائر العقود المالية ثم الصريح هنا ( كبعتك ) ذا بكذا وهذا مبيع منك بكذا أو أنا بائعه لك بكذا كما بحثه الإسنوي وغيره وأفتى به الوالد رحمه الله تعالى قياسا على الطلاق ( وملكتك ) ووهبتك كذا بكذا فالواو في كلام المصنف بمعنى أو ، وكونهما صريحين في الهبة إنما هو عند عدم ذكر ثمن وفارق أدخلته في ملكك حيث كان كناية باحتمال الملك الحسي وشريت وعوضت وفعلت ورضيت واشتر مني وكذا بعني ولك علي وبعتك ولي عليك أو على أن لي عليك أو على أن تعطيني كذا إن نوى به الثمن ، واستفيد من كاف الخطاب أنه [ ص: 377 ] لا بد من إسناد البيع إلى جملة المخاطب ولو كان نائبا عن غيره ، فلو قال بعت ليدك أو نصفك أو لابنك أو موكلك لم يصح ، والفرق بين هذا ونحو الكفالة واضح .
نعم لا يعتبر الخطاب في مسألة المتوسط كقول شخص للبائع بعت هذا بكذا فيقول نعم ، أو بعت ومثلها جير أو أجل أو إي بالكسر ويقول للآخر اشتريت فيقول : نعم ، أو اشتريت لانعقاد البيع بوجود الصيغة ، فلو كان الخطاب من أحدهما للآخر لم يصح كما اعتمده الوالد رحمه الله تعالى خلافا لظاهر كلام الحاوي ومن تبعه إذ المتوسط قائم مقام المخاطبة ولم توجد ، وظاهر أنه لا يشترط في المتوسط أهلية البيع لأن العقد لا يتعلق به ، ولو قال اشتريت منك هذا بكذا فقال البائع : نعم أو قال بعتك فقال المشتري : نعم صح كما ذكره في الروضة في النكاح استطرادا ، وإن خالف في ذلك الشيخ في الغرر وعلله بأنه لا التماس فلا جواب ، ولو باع ماله لولده محجوره لم يتأت هنا خطاب بل يتعين بعته لابني وقبلته له ، وعلم من كاف التشبيه عدم انحصار الصيغ فيما ذكره ، فمنها صارفتك في بيع النقد بالنقد وقررتك بعد الانفساخ ووليتك وأشركتك ( والقبول ) من المشتري وهو صريحا ما دل على التمسك دلالة قوية كما مر ( كاشتريت وتملكت وقبلت ) وفعلت [ ص: 378 ] وأخذت وابتعت وصارفت وتقررت بعد الانفساخ في جواب قررتك وتعوضت في جواب عوضتك وقد فعلت في جواب اشتر منى ذا بكذا كما جزم به الرافعي في النكاح وفي جواب بعتك كما نقله الإسنوي عن زيادات العبادي ، ومع صراحة ما تقرر يصدق في قوله لم أقصد بها جوابا ، أي بل قصدت غيره .
نعم الأوجه اشتراط أن لا يقصد عدم قبوله سواء أقصد قبوله أم أطلق هذا إن أتى به بلفظ الماضي كما أشعر به التصوير ، فلو قال أقبل أو أشتري أو أبتاع فالأوجه أنه كناية ومثله في ذلك الإيجاب
حاشية الشبراملسي
[ ص: 372 ] كتاب البيع ( قوله مقابلة شيء بشيء ) زاد بعضهم على وجه المعاوضة ليخرج به مثل ابتداء السلام ورده وعيادة المريض فإن فيه مقابلة شيء بشيء لكن لا على وجه المعاوضة ، لكن يرد على هذا قول الشاعر : ما بعتكم إلخ .
فإنه قد يدل على أن المعاوضة لا تشترط إلا أن يقال : لما كان انقياده إليهم يصيره كرقيقهم نزل ذلك منزلة المعاوضة ( قوله : وشرعا عقد يتضمن إلخ ) أي يقتضي انتقال الملك في المبيع للمشتري وفي الثمن للبائع ، ومنه تعلم أن قول المنهج : هو شرعا مقابلة مال بمال فيه مسامحة ، إذ العقد ليس نفس المقابلة لكن يستلزمها .
قال سم على منهج : فلعل المراد عقد يتضمن مقابلة شيء بشيء ، وفيه بعد بالنسبة للمعنى اللغوي .
أقول : ولعل هذا حكمة إسقاط الشارح العقد من المعنى اللغوي وذكره في المعنى الشرعي ( قوله : بشرطه ) أي بشروطه الآتية ; لأنه مفرد مضاف فيعم ( قوله : لاستفادة ) علة لقوله مقابلة ( قوله : ملك عين ) كالثياب ( قوله : أو منفعة ) وكذا يعتبر التأبيد في العين لإخراج القرض ، ولعله استغنى عنه بقوله بشرطه ، ولك أن تقول التأبيد حاصل في القرض لجواز انتفاع المقترض به لا إلى غاية ، ورجوع المقرض فيه فسخ له وهو إنما يرفع العقد من حينه لا من أصله ، فأشبه ما لو اطلع البائع على عيب في الثمن المعين فرده وفسخ العقد ، ولم يخرج به البيع عن كونه مفيدا لذلك الملك على التأبيد إلا أن يقال : الفسخ لا ينفذ بدون سبب يقتضيه ، بخلاف الرجوع في القرض فإنه جائز ما دام المقرض في يد المقترض ( قوله : مؤبدة ) كحق الممر إذا عقد عليه بلفظ البيع ( قوله وهو ) أي العقد ( قوله : وقد يطلق على قسيم الشراء ) وقد يطلق أيضا على الانعقاد أو الملك الناشئ عن العقد كما في قولك فسخت البيع ، إذ العقد الواقع لا يمكن فسخه ، وإنما المراد فسخ ما ترتب عليه حج ا . هـ . سم على منهج ( قوله : فيحد بأنه ) أي البيع ( قوله : نقل ملك ) أي قبول ذلك [ ص: 373 ] النقل ففي الكلام مضاف محذوف ( قوله : على وجه مخصوص ) يرد عليه أن هذا القيد لا مفهوم له إذ التمليك بالثمن لا يكون إلا بيعا ، والجواب أنه أشار به إلى ما يعتبر شرعا فهو لبيان الواقع لا للاحتراز ، أو أنه استعمل الثمن في مطلق العوض فيكون احترازا عن غيره من نحو الإجارة ( قوله : بأنه قبوله ) أي نقله ( قوله : يقع على الآخر ) أي فيطلق البيع على التملك والشراء على التمليك ( قوله : والأصل في الباب ) أي الدليل على صحته وجوازه ( قوله : وأحل الله البيع ) بين بهذه الآية الحل ( قوله : ولم يبين الجائز ) أي فدل عدم بيانه على أن الأصل في البيوع الحل وهو .
مقتضى الآية ( قوله : والثاني أنما مجملة ) أي فلا يستدل بها إلا بعد البيان ( قوله : وكل بيع إلخ ) قضيته استواؤهما في الأفضلية وهو كذلك بالنسبة لغيرهما وغير الزراعة أما بالنسبة لأنفسهما فهما متفاوتان فإن أفضل طرق المكاسب الزراعة وإن لم يباشرها بيده ثم عمل الرجل بيده ثم التجارة ( قوله أي لا غش ) تفسير لمبرور وليس من الحديث ( قوله ولا خيانة ) عطف مغاير ; لأن الغش ما يشتمل عليه المبيع مما يقتضى خروجه عما يظنه البائع ، والخيانة كأن يخبر بزيادة في الثمن كاذبا وككتمان العيب عن المشتري ، زاد المناوي : أو معناه مقبول في الشرع بأن لا يكون فاسدا أو مقبول عند الله بأن يكون مثابا عليه ( قوله : إذ هو مصدر ) رده سم بأن المعنى المصدري ليس مرادا هنا ، وإنما المراد اللفظ الذي ينعقد به البيع ، ويمكن الجواب عنه بأنه لما كان مصدرا في الأصل كان الأصل فيه الإفراد ( قوله : إنها تقارن آخر اللفظ ) وتترتب عليه الزوائد الحاصلة بعد ذلك ومقابله أنها عقبه .
وقيل يتبين بآخره حصوله من أوله ، وتجري هذه الأقوال في كل ما سببه قول كبقية صيغ العقود والحلول والأمر والنهي ا . هـ .
حج .
قال الرافعي : وأجروه في السبب الفعلي ا هـ حج أيضا ، والسبب الفعلي كالرضاع ( قوله : يقارنها ) أي الصحة غالبا [ ص: 374 ] فلا يرد ما لو باع بشرط الخيار للبائع وحده فإن الملك لا ينتقل إلا بعد انقضاء الخيار على الأظهر الآتي ( قوله : في ألفاظ تطلق ) أي تحمل ( قوله : وقدمها ) أي الصيغة ( قوله : وهذا أولى ) وجه الأولوية أن رعاية الخلاف بمجرده تقتضي استحقاقه التقدم من حيث ذاته وهو غير صحيح لما ذكره الشارح ( قوله : الذي لا بد منه ) هذا اختيار لأحد شقين ذكرهما الرافعي في ترديد له في المراد بكونهما شرطين ، ثانيهما أن المراد بالشرط أنه ما لا بد من تصوره لتصور البيع ، وقد بسط الكلام عليه شيخنا الزيادي في حاشيته نقلا عن شرح البهجة ( قوله : ولو في بيع ماله لولده ) قد يشمل سفيها طرأ سفهه بعد بلوغه رشيدا إذا كان القاضي أباه أو جده وهو متجه ، وكذا إذا كان غيرهما وأذن لهما في التصرف وهو محتمل سم على حج ، لكن هذه الثانية قد يخرجها قول الشارح محجوره لأنه محجور القاضي ( قوله : محجوره ) هذا في الأب والجد ، ويتجه أن الأم إذا كانت وصية كذلك كما دل عليه كلام شرح الروض في باب الحجر ا هـ سم على حج ودخل في محجوره الطفل والسفيه والمجنون ( قوله : وكذا في البيع الضمني لكن تقديرا إلخ ) ببعض الهوامش إلحاق التدبير بالعتق ، وفيه وقفة بأن التدبير تعليق عتق بالموت والوكيل في التعليق لا يصح لأنه ملحق باليمين ( قوله : كأعتق عبدك عني بألف ) بقي ما لو قال بعنيه وأعتقه فقال أعتقته عنك هل يصح أو لا ؟ فيه نظر ، والأقرب الثاني لعدم مطابقة القبول للإيجاب ، وهل يعتق في هذه الحالة على المالك ويلغو قوله : عنك أم لا ؟ فيه نظر ، والأقرب الثاني ( قوله : فلا يرد عليه ) أي البيع الضمني لقوله وكذا في البيع إلخ فلا إيراد ولا استثناء كما فعل بعضهم ( قوله : وميل كلامهم إلى الثاني أكثر ) معتمد ، وسيأتي له في الظهار أنه لو قال لغيره أطعم ستين مسكينا كل مسكين مدا من الحنطة عن كفارتي ونواها بقلبه ففعل أجزأه في الأصح ، ولا يختص بالمجلس والكسوة كالإطعام قاله الخوارزمي انتهى : وقد يقال : إن ذلك ليس من البيع الضمني لعدم اشتراط لفظ يدل على التمليك من مالك الطعام والكسوة ا هـ سم على حج .
ولعدم اشتراط رؤية ما أمره بالتصدق به بل هذا مثل ما لو أمر الأسير غيره باستنقاذه أو بعمارة داره وشرط له الرجوع بما صرف وهو أنه قرض حكمي [ ص: 375 ] ومع ذلك فيه شيء ( قوله : الإيجاب من البائع ) الإيجاب من أوجب بمعنى أوقع ومنه قوله تعالى { فإذا وجبت جنوبها } وقد يتوقف في قوله ومنه إلخ ; لأن المراد في الآية بالوجوب السقوط ، والمراد هنا إيجاد الشيء وتحصيله لا سقوطه .
وفي المصباح ووجب الحائط ونحوه وجبة سقط ، وأوجبت البيع بالألف فوجب ولا يبين مدلوله ، لكن ذكره بعد ووجب الحائط يدل على أن معناه غير السقوط الذي منه فإذا وجبت جنوبها إذ المراد من سقوط الحائط انهدامه وزواله ، ومن إيجاب البيع تحصيله في الوجود الخارجي وهو مقتض لزوال ملك البائع عن المبيع وزوال ملك المشتري عن الثمن المعين اللهم إلا أن يقال : جعله منه لمجرد المناسبة في السقوط ، فقوله : بعتك كأنه أسقط ملكه عن المبيع ، وقوله : اشتريت أسقط به ملكه عن الثمن ، وقد يقال الأقرب جعله من وجب بمعنى ثبت فإنه يقال لغة : وجب الشيء وجبة سقط ، ووجب الشيء وجوبا ثبت ( قوله : وهو ) أي الإيجاب ( قوله : بعوض ) لم يذكرها حج ، ولعله ; لأن ذكر العوض شرط للاعتداد بالصيغة لا لصراحتها ، وقوله : بعتك دال على التمليك دلالة ظاهرة ( قوله : مما اشتهر ) أي مأخذ الصراحة ( قوله : وسواء أكان هازلا أم لا ) هل الاستهزاء كالهزل ؟ فيه نظر ، ويتجه الفرق الآن في الهزل قصد اللفظ لمعناه غير أنه ليس راضيا ، وليس من الاستهزاء قصد اللفظ بمعناه ، ويؤيده أن الاستهزاء يمنع الاعتداد بالإقرار ا هـ سم على حج ( قوله : لقوله تعالى ) علة لاشتراط الإيجاب ووجه الدلالة فيما أنه اقتصر فيها على مجرد التراضي ، والمراد ما يدل عليه فيشمل الهزل وغيره ( قوله : واختار المصنف ) أي من حيث الدليل ( قوله : في كل ما ) أي عقد ، وقوله : بها : أي بتلك الألفاظ كما يدل عليه قول الشيخ في شرح قول الروض في كل ما : أي بكل ما انتهى ، ووجه الدلالة أنه جعل في بمعنى الباء المفيدة لكون مجرورها هو سبب الانعقاد ، وعليه فالأقوال الثلاثة متباينة ، ولا تتقيد المعاطاة بالسكوت بل كما تشمله تشمل غيره من الألفاظ الغير المذكورة في كلامهم للصريح والكناية ( قوله : بها ) أي المعاطاة ( قوله : فباطل اتفاقا ) أي من الشافعية ( قوله : حيث لم يقدر الثمن إلخ ) أي ولم يكن مقداره معلوما للعاقدين باعتبار العادة في بيع مثله فيما يظهر ، فلو قدر من غير صيغة عقد كان من المعاطاة المختلف فيها ( قوله : على أن الغزالي سامح فيه ) أي الاستجرار ( قوله : وعلى الأصح لا مطالبة بها ) أي بسبب المعاطاة : أي بما يأخذه كل من العاقدين بالمعاطاة إلخ .
قال حج في الزواجر : وعقد المعاطاة من الكبائر ، وفي كلام بعضهم أنه صغيرة وأنه المعتمد خلافا لحج .
[ فرع ] وقع السؤال في الدرس عما لو وقع بيع بمعاطاة بين مالكي وشافعي ، هل يحرم على المالكي ذلك لإعانته الشافعي على معصية في اعتقاده أم لا ؟ فيه نظر . والجواب عنه أن الأقرب الحرمة كما لو لعب الشافعي مع الحنفي الشطرنج حيث قيل يحرم على الشافعي لإعانته الحنفي على معصية في اعتقاده ، ومع ذلك هذا إنما يرجع فيه [ ص: 376 ] لمذهب المالكي هل يقول بحرمة ذلك عليه أم لا ؟ ثم رأيت سم على حج في الدرس الآتي قال ما نصه : فرع : باع شافعي لنحو مالكي ما يصح بيعه عند nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي دونه من غير تقليد منه nindex.php?page=showalam&ids=13790للشافعي ينبغي أن يحرم ، ويصح ; لأن nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي معين له على المعصية وهو تعاطي العقد الفاسد ، ويجوز للشافعي أن يأخذ الثمن عملا باعتقاده رم ( قوله : بخلاف تعاطي العقد الفاسد ) أي في المعاطاة ( قوله : كما هو ظاهر للرضا ) قضيته أن غيرها من العقود الفاسدة كذلك انتهى .
سم على حج .
لكن قضية قول حج للرضا وللخلاف فيها أن ما اتفق على فساده فيه المطالبة ( قوله : وبدله إن تلف ) وهو المثل في المثلي وأقصى القيم في المتقوم ، وعبارة سم على منهج : ثم المقبوض بعقد المعاطاة كالمقبوض بعقد فاسد ( قوله : كبعتك ) قال حج : وظاهر أنه يغتفر من العامي فتح التاء في التكلم وضمها في التخاطب ; لأنه لا يفرق بينهما ، ومثل ذلك إبدال الكاف ألفا ونحوه ا هـ سم على منهج وظاهره ولو مع القدرة على الكاف من العامي ومفهومه أنه لا يكتفى بها من غير العامي ، وظاهر أن محله حيث قدر على النطق بالكاف ( قوله : وأفتى به الوالد ) أي بما بحثه الإسنوي من قوله وهذا مبيع إلخ ( قوله : ووهبتك ) أي بخلاف ما رادفها كأعمرتك كما يأتي من أنه ليس صريحا ولا كناية ( قوله : وكونهما ) أي ملكتك ووهبتك ( قوله : وفارق ) أي ما ذكر من ملكتك لأنه المحتاج للفرق دون وهبتك ( قوله : وشريت ) عطف على كلام المصنف فهو من الصريح ( قوله : ورضيت ) ظاهره الاكتفاء بذلك ولو مع تقدم لفظ البائع وفيه خفاء بالنسبة لفعلت ورضيت في الحالة المذكورة ، بخلاف ما لو تأخرا عن لفظ المشتري ، وعليه فيمكن تصويره بنحو رضيت أو فعلت بيع هذا منك بكذا ( قوله : وبعتك ) ومثله هو لك بكذا على أحد احتمالين ثانيهما وهو المعتمد أنه كناية ، وعلى الأول يفرق بينه وبين جعلته لك الآتي بأن الجعل ثم محتمل وهنا لا احتمال انتهى حج .
ونازع سم في قوله وهنا إلخ ، وقضيته إقرار كونه كناية وهو ظاهر [ ص: 377 ] قوله : فلو قال بعت ليدك لم يصح ) أي ما لم يرد بالجزء الكل ا هـ سم على حج ( قوله : والفرق بين هذا ونحو الكفالة واضح ) أي حيث قالوا : إن تكفل بجزء لا يعيش بدونه كالرأس صح ، وإلا فلا ، وذلك ; لأن إحضار ما لا يعيش بدونه متعذر بدون باقيه حيا ( قوله : ونحو الكفالة ) اقتصر في غير هذا المحل على الكفالة فلينظر ما أراده هنا بنحو الكفالة ، وقد يقال : أراد أن مثل الكفالة ضمان إحضار الرقيق ونحوه من سائر أعيان الحيوانات ( قوله : فلو كان الخطاب من أحدهما للآخر ) كأن قال بعتني هذا بكذا فقال : نعم فلا ينافي ما سيأتي من قوله ، ولو قال اشتريت منك إلخ لوجود الصيغة من المبتدئ ثم بخلافه هنا .
وعبارة سم على منهج : نعم ينبغي أن يعتبر ما يربطها بالمشتري ، فلو قال : بعتني هذا بكذا فقال : نعم فقال : اشتريت صح ، فلو قال بعت هذا بكذا فقال نعم فقال اشتريت قد يتجه عدم الصحة وفاقا لمر لعدم ربط بعت بالمشتري فليتأمل جدا : أي بخلاف بعتني المتقدم فإن فيه ربط بالمشتري حيث أوقع البيع على ضميره بخلافه في هذه ( قوله : أهلية البيع ) كصبي ومجنون لهما نوع تمييز ا هـ سم على حج عن رم ( قوله : وإن خالف في ذلك الشيخ في الغرر ) أي شرح البهجة الكبير ( قوله : لم يتأت هنا خطاب ) أي بخلاف غيره فلا يتعين فيه الخطاب ولا عدمه ( قوله : وقبلته له ) .
[ فرع ] قال بعت مالي لولدي وله أولاد ونوى واحدا ينبغي أن يصح ويرجع إليه في تعيينه مر ا هـ سم على منهج ( قوله : ووليتك ) أي ابتداء ( قوله : والقبول ) قال في الأنوار : ولو اختلفا في القبول فقال أوجبت ولم تقبل وقال المشتري قبلت صدق بيمينه ا هـ سم على منهج وحج ( قوله : وهو صريحا ) أي حال كونه إلخ ( قوله : على التملك ) أي بعوض ( قوله : كما مر ) أي مما كرر واشتهر على ألسنة حملة الشرع ( قوله : وقبلت ) قضيته الاكتفاء بما ذكر ، وإن لم يذكر العوض تنزيلا على ما قاله البائع ، وقضية المحلي خلافه حيث قال : فيقول اشتريته به انتهى فليتأمل .
وسيأتي للشارح أنه يجب ذكر الثمن من المبتدئ وسكت عن المبيع ، فقضيته أنه لا بد من ذكره منهما ولعل ما هنا أقرب للعلة المذكورة ( قوله : وفعلت ) أي جوابا لقول البائع بعتك ويغني عنه قوله : الآتي وقد فعلت في جواب إلخ [ ص: 378 ] قوله : قررتك وتعوضت ) قضيته أن ذلك لا يكفي بعد الانفساخ في جواب بعتك ونحوه وهو قريب ( قوله : في جواب عوضتك ) ليس بقيد بل هو مجرد تصوير وكذا قوله : في جواب اشتر مني ( قوله : بل قصدت غيره ) أي فلو قال أطلقت حمل على القبول ( قوله : نعم الأوجه إلخ ) هذا صريح في أنه ليس كناية وإنما هو صريح يقبل الصرف وقد يخالفه ما قرره الشارح في فصل أركان النكاح بعد قول المصنف ولو قال زوجتك فقال قبلت لم ينعقد على المذهب مما نصه ، وفي قول : ينعقد بذلك لأنه ينصرف إلى ما أوجبه الولي فإنه كالمعاد لفظا كما هو الأصح في نظيره من البيع ، وفرق الأول بأن القبول وإن انصرف إلى ما أوجبه البائع إلا أنه من قبيل الكنايات والنكاح لا ينعقد بها بخلاف البيع
حاشية المغربي
[ ص: 372 ] كتاب البيع ( قوله : عقد يتضمن مقابلة مال بمال إلخ ) فيه أمور : الأول أن قوله مال بمال يشمل غير المتمول ; الثاني أنه يخرج عنه المنفعة المؤبدة لأنها لا تسمى مالا كما سيأتي في الأيمان ، فهذا مع قوله بعد أو منفعة مؤبدة كالمتنافي إلا أن يقال إن الأيمان مبناها غالبا على العرف ، فالمنفعة هنا من الأموال فليراجع : والثالث أن قوله بشرطه الآتي فيه أن الشروط لا دخل لها في التعاريف المقصود بها بيان الماهية ، الرابع أن قوله لاستفادة ملك عين إلخ هو فائدة البيع فلا دخل له في أصل تعريفه ، وقد سلم من جميع هذه الإيرادات قول بعضهم : عقد معاوضة مالية تفيد ملك عين أو منفعة على التأبيد ( قوله وقد يطلق ) أي مطلق لفظ البيع لا البيع المذكور في الترجمة ففيه شبه استخدام .
[ ص: 373 ] قوله : إذ إرادة ذلك تعلم إلخ ) فيه تسليم أن المراد هنا خصوص بيع الأعيان ويرد عليه المنافع المؤبدة .
فإن قلت : مراده بالأعيان ما يقابل ما في الذمة فيشمل المنافع .
قلت يرد هذا قوله بعد وسيأتي في الإجارة بيع المنافع كما لا يخفى ، ويرد عليه أيضا بيع ما في الذمة إذا لم يكن بلفظ السلم ، ثم إن قوله إذ إرادة ذلك تعلم إلخ لا يصلح للرد على هذا القول ، بل هذا الإفراد دليل تلك الإرادة فتأمل ( قوله : وأن انتقال الملك يقارنها ) هذا لا يوافق قول جمع الجوامع وبصحة العقد ترتب أثره الصريح في أن الأثر الذي هو انتقال الملك مترتب على الصحة فيقع عقبها لا أنه يقارنها ، إلا أن يقال : هذا الترتب من حيث الرتبة لا من حيث الزمان ، فلا ينافي مقارنته لها في الزمان بناء على ما عليه الأكثر أن العلة تقارن معلولها في الزمان .
ثم اعلم أن ما ذكره الشارح هنا بقوله والذي يتجه إلخ ليس هو ما في شرح الشهاب حج ، لأن ذلك في أن الملك هل يوجد مقارنا لأخذ حرف من حروف الصيغة أو يقع [ ص: 374 ] عقبها أو يتبين بآخرها وقوعه من الأول ، وعبارته : تنبيه : اختلف أصحابنا في السبب العرفي كصيغ العقود والحلول وألفاظ الأمر والنهي هل يوجد المسبب كالملك هنا عند آخر حرف من حروف أسبابها أو عقبه على الاتصال أو يتبين بآخره حصوله من أوله إلى آخر ما ذكره فلا تعرض فيه للصحة أصلا خلافا لما وقع في حاشية الشيخ ( قوله : وقدمها ) يعني الصيغة ( قوله : إلا بعد اتصاف كونه إلخ ) فيه قلاقة لا تخفى ، والأصوب وإنما المقصود كونه عاقدا وهو لا يتحقق إلا بالصيغة [ ص: 375 ] قوله : في كل ما يعده الناس بها بيعا ) هو تابع في هذا التعبير لمتن الروض وفي فيه بمعنى الباء ليوافق قول الروضة [ ص: 376 ] ينعقد بكل ما يعده الناس بيعا ، ومن ثم حول شيخ الإسلام قول الروض في كل إلى قوله بكل ( قوله : إذا لم يوجد له مكفر ) هذا التعبير ظاهر في أن المعاطاة من الصغائر وهو ما ذكر بعضهم أنه المعتمد خلافا لما في الزواجر ( قوله : فالواو في كلام المصنف ) لا موقع للتفريع هنا فكان الأولى التعبير بالواو ( قوله : باحتمال الملك الحسي ) عبارة التحفة كبعض نسخ الشارح لاحتمال الملك الحسي ( قوله وفعلت ورضيت ) أي والصورة أنه تأخر لفظ البائع كما يؤخذ من نظيره الآتي في القبول فليراجع ( قوله : وكذا بعني ولك علي ) لا يخفى أن هذا من جانب المشترى فكان الأولى تأخيره إلى مسائل القبول . واعلم أنه يوجد في كثير من نسخ الشارح : أو بعتك ولي عليك ، وهذا كأن الشارح أولا تبع فيه التحفة ثم شطب عليه وألحقه عقب قول المصنف الآتي كجعلته لك فجعله من الكناية وأسنده إلى الشيخين في الخلع [ ص: 377 ] قوله وعلم من كاف التشبيه ) الأصوب كاف التمثيل ( قوله : فمنها صارفتك ) ومنها ما قدمه الشارح أيضا من الصيغ فكان ينبغي تقديم هذا عليه [ ص: 378 ] قوله : ومع صراحة ما تقرر ) أي من جميع صيع القبول بقرينة ما بعده ( قوله نعم الأوجه إلخ ) لا موقع للفظ الاستدراك هنا ، فكان الأولى أن يقول : إذ الأوجه إلخ ليكون تعليلا للتفسير الذي ذكره .