( وإنما يجوز ) شرطه ( في مدة معلومة ) للمتعاقدين كإلى طلوع شمس الغد ولو لم يقل إلى وقته لأن الغيم إنما يمنع الإشراق لا الطلوع ، أو إلى ساعة وهل تحمل على لحظة أو على الفلكية إن عرفاها ؟ كل محتمل ، والأقرب أنهما إن قصدا الفلكية وعرفاها حمل عليها وإلا فعلى لحظة أو إلى يوم ، ويحمل على يوم العقد فلو عقد نصفه مثلا فإلى مثله وتدخل الليلة تبعا للضرورة .
قاله المتولي ، فإن أخرجها بطل العقد أو نصف الليل انقضى بغروب شمس يوم تاليه كما في المجموع ، وما اعترض به من أنه لا بد فيه من التنصيص على دخول بقية الليل وإلا صارت المدة منفصلة عن الشرط يرد بوقوعه تبعا فدخل من غير تنصيص عليه ، وكما دخلت الليلة فيما مر من غير أن ينص عليها لأن التلفيق يفضي إلى جواز بعد لزوم فكذا بقية الليل هنا كذلك بجامع أن التنصيص على الليل فيهما ممكن فلزم من قولهم [ ص: 18 ] بعدم وجوبه ثم قولهم بعدمه هنا وكون طرفي اليوم الملفق محيطان بالليلة ثم لا هنا لا يؤثر .
أما شرطه مطلقا أو في مدة مجهولة فلا يجوز كإلى التفرق أو الحصاد أو العطاء أو الشتاء ولم يريدا الوقت المعلوم لما فيه من الغرر ، وإنما يجوز في مدة متصلة بالشرط وإلا لزم جوازه بعد لزومه وهو ممتنع كما مر متوالية ( لا تزيد على ثلاثة أيام ) لأن الأصل امتناع الخيار إلا فيما ورد به الشرع ، ولم يأذن فيما زاد عليها بقيودها المذكورة فما سواها باق على أصله ، بل ورد { عنه صلى الله عليه وسلم أنه أبطل بيعا شرط فيه الخيار أربعة أيام } كما رواه nindex.php?page=showalam&ids=16360عبد الرزاق ، وإنما بطل بشرط الزيادة ، ولم [ ص: 19 ] يخرج على تفريق الصفقة لأن إسقاط الزيادة يستلزم إسقاط بعض الثمن فيؤدي لجهله وتدخل ليالي الثلاثة المشروطة للضرورة .
نعم لو شرط ثلاثة من طلوع الفجر لم تدخل الليلة التالية لليوم الثالث كما قاله الإسنوي بخلاف نظيره من مسح الخف ( وتحسب ) المدة المشروطة ( من ) حين ( العقد ) الواقع فيه الشرط ، فإن وقع بعده في المجلس فمن الشرط ، وآثر ذكر العقد لأن الغالب وقوع شرط الخيار فيه لا في المجلس بعده ، وإنما لم يعتبر من التفرق لئلا تصير مدة الخيار مجهولة لأنه لا يعلم متى يفترقان ( وقيل ) تحسب ( من التفرق ) لأن الظاهر أن الشارط يقصد بالشرط زيادة على ما يفيده المجلس ، وعورض بما مر من أدائه إلى الجهالة ويجري هنا نظير ما مر ثم من اللزوم باختيار من اختار لزومه وإن جهل المبيع والثمن كما اعتمده جمع وبانقضاء المدة ومن تصديق نافي الفسخ أو الانقضاء
حاشية الشبراملسي
( قوله : وإلا فعلى لحظة ) يندرج تحته ما لو جهلا الفلكية وقصدها والحمل على اللحظة حينئذ فيه نظر ، بل القياس البطلان لأنهما قصدا مدة مجهولة لهما ا هـ سم على حج .
وانظر ما مقدار اللحظة حتى يحكم بلزوم العقد بمضيها ، وفي سم على منهج : وهل يقال اللحظة لا قدر لها معلوم فهو شرط خيار مجهول فيضر ا هـ .
أقول : والظاهر أنه كذلك لأن اللحظة لا حد لها حتى تحمل عليه ( قوله ويحمل على يوم العقد ) أي وإن وقع مقارنا للفجر ( قوله : فإن مثله ) وينبغي أن مثل ذلك ما لو قال مقدار يوم فيصح .
[ فرع ] لو تلف المبيع بآفة سماوية في زمن الخيار قبل القبض انفسخ البيع وبعده إن قلنا الملك للبائع انفسخ أيضا ، ويسترد المشتري الثمن ويغرم القيمة كالمستلم وإن قلنا الملك للمشتري أو موقوف فقيل ينفسخ وعليه القيمة والأصح بقاء الخيار ، فإن تم لزم الثمن وإلا فالقيمة والمصدق فيها المشتري وإن أتلفه أجنبي وقلنا الملك للمشتري أو موقوف لم ينفسخ وعليه الغرم والخيار بحاله فإن تم البيع فهي للمشتري وإلا فللبائع ، وإن أتلفه المشتري استقر ا هـ سم على منهج ( قوله : تبعا للضرورة ) وإنما لم يحمل اليوم في الإجارة على ذلك : أي حصول الليلة تبعا لأنها أصل والخيار تابع فاغتفر في مدته ما لم يغتفر في مدتها ا هـ حج .
وقضيته أن عقد الإجارة لو وقع وقت الظهر لبيت مثلا امتنع على المستأجر الانتفاع به ليلا لعدم شمول الإجارة له ، وفيه نظر ظاهر .
ثم رأيت سم كتب عليه ما نصه نقل في شرح الروض عدم هذا الحمل عن ابن الرفعة وأنه نظر به فيما هنا ثم قال : وليس كما قال بل ما في الإجارة نظير ما هنا ، وبتقدير صحة ما قاله يظهر الفرق ، وذكر الفرق الذي ذكره الشارح ( قوله : أو نصف الليل ) قياس ذلك عكسه بأن وقع العقد نصف النهار بشرط الخيار ليلة فتدخل بقية اليوم تبعا للضرورة ا هـ سم على حج ( قوله : انقضى بغروب شمس إلخ ) منه يعلم أنه لو عقد أول النهار وشرط الخيار ثلاثة أيام لا تدخل الليلة الأخيرة ويلزم [ ص: 18 ] بغروب شمس اليوم الثالث وسيأتي في كلامه ( قوله : لا يؤثر ) أي لأن سبب دخول الليلة التبعية وهي موجودة ( قوله : أما شرطه ) أي الخيار ( قوله أو العطاء ) أي توفية الناس ما عليها من الديون لإدراك الغلة مثلا ( قوله : بعد لزومه ) قد تمنع الملازمة بانتفائها فيما لو شرط في العقد ابتداء المدة من التفرق إذ قبله لا لزوم مع خيار المجلس ا هـ سم على حج .
أقول : وقد يجاب بأن المراد لزومه من حيث الشرط وإن بقي الجواز من حيث المجلس على أنه قد يلزم في المجلس قبل التفرق بأن اختارا لزومه ( قوله : متوالية ) وعليه فلو شرط للبائع يوم وللمشتري يومان بعده بطل العقد ، وكذا لو شرط للبائع يوم وللمشتري يوم بعده وللبائع اليوم الثالث بخلاف ما لو شرط اليوم الأول لهما ولأحدهما معينا الثاني والثالث فإنه يصح .
والحاصل أنه متى اشتمل على شرط يؤدي لجواز العقد بعد لزومه بطل وإلا فلا ، ومنه ما لو شرط اليوم الأول للبائع مثلا .
والثاني والثالث لأجنبي عنه فيصح على الراجح من وجهين لأن الأجنبي لكونه نائبا عمن شرط له اليوم الأول لم يؤد ذلك لجواز العقد بعد لزومه بل الجواز مستمر بالنسبة للبائع ( قوله : لا تزيد على ثلاثة أيام ) فلو مضت في المجلس لم يجز شرط شيء آخر كما هو ظاهر لأن خيار الشرط لا يكون إلا ثلاثة فأقل ، ولو شرط ما دونها ومضى في المجلس فينبغي جواز شرط بقيتها فأقل في المجلس أيضا ، ثم رأيت ما في الحاشية الأخرى عن الروياني ا هـ سم على حج : أي وهو مؤيد لما ذكر ، وأراد بما في الحاشية الأخرى ما تقدم في قول الشارح ولو شرط خيار يوم فمات أحدهما في أثنائه إلخ ( قوله : بقيودها المذكورة ) من العلم والاتصال والتوالي ( قوله : أربعة أيام ) فإن قلت : إن صح فالحجة فيه واضحة ، وإلا فالأخذ بحديث الثلاثة أخذ بمفهوم العدد ، والأكثرون على عدم اعتباره .
قلت : محله إن لم تضم قرينة عليه وإلا وجب الأخذ به .
وهي هنا ذكر الثلاثة للمغبون السابق ، إذ لو جاز الأكثر منها لكان أولى بالذكر لأن اشتراطه أحوط في حق المغبون فتأمله ا هـ حج .
وأيضا فالأصل في البيع اللزوم إلا ما رخص فيه الشارع ، وقد ثبت في الثلاثة فبقي ما زاد عليها على الأصل من امتناع شرطها وعدم ثبوت الخيار فيها .
[ تنبيه ] وقع السؤال عما لو وقع ذلك في زمن الدجال بأن قال فيه البائع مثلا بعت بشرط الخيار ثلاثة أيام ولم يذكر الليالي فهل يقدر بثلاثة أيام مع الليالي المتخللة بينها كما لو باع وقت الفجر في غير أيام الدجال أو لا يقدر لأنها إنما اعتبرت في غير أيامه لضرورة الفصل بها بين الأيام وفي زمن الدجال لا ليل موجود وإنما هو مجرد تقدير والشارط إنما ذكر الأيام فيمكن تقديرها متوالية ولا ضرورة لتقدير الليل فاصلا ؟ فيه نظر ، والظاهر الأول لأنه حيث اعتبر تقدير الأيام وجب تقدير الليالي فاصلة بينهما لنحو الصوم والصلاة والآجال فصارت لتقديرها في تلك الأحوال كأنها موجودة ، فلو قدرت الأيام من غير الليالي لزم فقد الليالي في تلك الأيام وجعلها أياما متوالية بلا فاصل بينهما ولا نظير له ، على أنه يجب تقدير الليالي فيها لضرورة أن أوقات الصلوات تقدر في [ ص: 19 ] تلك الأيام ، فالوقت الذي يقوم فيه العقد بالنظر لتقديره للصلوات لا بد أن يكون ذلك الجزء إما من ليل أو نهار ، ويحتمل أن يقال : إن صادف وقوع العقد مقارنا للفجر الذي قدروا به أوقات الصلوات لم تدخل الليلة الأخيرة بالفرض حكما كمقارنة العقد للفجر المحقق وإن صادف وقوعه في أثناء يوم تقديرا دخلت الليلة الأخيرة ( قوله : لم تدخل الليلة ) أي لأن شرطه لم يتناول تلك الليلة ، وأما مسح الخف فالشارح نص على الليالي أيضا ا هـ سم على حج .
أقول : وقياس ذلك أنه لو وافق العقد غروب الشمس وشرط الخيار ثلاث ليالي لم يدخل اليوم الثالث وكأنه شرط الخيار يومين وثلاث ليال ( قوله : فمن الشرط ) قال في شرح العباب : كذا أطلقوه ، وقضيته اعتبارها منه وإن مضى قبله ثلاثة أيام فأكثر ، وهو متجه خلافا لابن الرفعة حيث تردد في ذلك إلى آخر ما أطال به ، ومنه قوله فإن قلت يلزم زيادة المدة على ثلاثة أيام .
قلت : لا محذور في ذلك لأن الزائد على الثلاث هو خيار المجلس لا الشرط إلخ ا هـ سم على حج ( قوله : وعورض ) أي القيل الموجه بقوله لأن الظاهر ( قوله : وإن جهل المبيع والثمن ) أي كما في الأجنبي والموكل والوارث ا هـ سم على حج .
حاشية المغربي
[ ص: 17 ] للإجازة . ( قوله : وإلا فعلى لحظة ) دخل تحت وإلا ما إذا قصدا الفلكية ولم يعرفاها ، وظاهر أن العقد يبطل بذلك ; فإن كان معنى قوله فعلى لحظة : أي فيبطل : أي ; لعدم انضباط اللحظة فدخول الصورة المذكورة تحت وإلا ظاهر [ ص: 18 ] وإن كان معناه أنه يصح العقد فدخول الصورة المذكورة تحت وإلا غير مراد له . ( قوله : ولم يريدا الوقت المعلوم ) [ ص: 19 ] أما لو أراداه فيصح : أي والصورة أن المدة لا تزيد على ثلاثة أيام كما هو واضح ( قوله : يستلزم إسقاط بعض الثمن ) فيه نظر ظاهر سيما إذا كان الثمن مقبوضا ; إذ لم يجعل في الثمن زيادة نظير الخيار . ( قوله : نظير ما مر ثم من اللزوم ) أي : في حق من ألزم منهما أو من أحدهما كما هو ظاهر ( قوله : وإن جهل المبيع والثمن ) ليس من جملة النظير بل هو غاية في خصوص ما هنا ، وكذا قوله : وبانقضاء المدة