( ويحصل الفسخ والإجازة ) للعقد في زمن الخيار ( بلفظ يدل عليها ) صريحا أو كناية فصريح الفسخ ( كفسخت البيع ورفعته واسترجعت المبيع ) ورددت الثمن ( و ) الصريح في الإجازة نحو ( أجزته وأمضيته ) وألزمته ، وإذا كان مشروطا لهما ارتفع بفسخ أحدهما جميعه لا بإجازته بل تستمر للآخر ، إذ إثبات الخيار إنما قصد به ليتمكن من الفسخ دون الإجازة لأصالتها ، وقول من خير لا أبيع أو لا أشتري إلا بنحو زيادة مع عدم موافقة الآخر له فسخ ( ووطء البائع ) ولو محرما كأن كان الخيار لهما ، والظاهر كما قاله الأذرعي أن وطأه إنما يكون فسخا إذا علم أو ظن وهو مختار أن الموطوءة هي المبيعة ولم يقصد بوطئه الزنا ، فإن باشر فيها فيما دون الفرج لم يكن فسخا كالاستخدام ، وإن صحح الأذرعي تبعا لابن الرفعة ، أنها فسخ لأنها لا تباح إلا بالملك ، ثم قال : ويشبه أن يكون محله في المباحة له لولا البيع وكذا الوطء ، أما لو كانت محرمة عليه بتمجس أو غيره لم يكن فسخا قطعا ، ومن هذا وطء الخنثى واضحا وعكسه فلو اختار الموطوءة في الثانية الأنوثة بعده تعلق الحكم بالوطء السابق ذكره [ ص: 23 ] في المجموع في باب الأحداث ، وقياسه أنه لو اختار الواطئ في الأولى الذكورة بعده تعلق الحكم بالوطء السابق ( وإعتاقه ) ولو معلقا لكله أو بعضه في الأوجه ويكون فسخا في جميعه ، ومع كونه كذلك يكون صحيحا أو إيلاده حيث تخير أو هو وحده ( فسخ ) أما في الإعتاق فلقوته ومن ثم نفذ قطعا ، وأما الوطء فلتضمنه اختيار الإمساك وإنما لم تحصل به الرجعة لأن الملك يحصل بالفعل كالسبي فكذا تداركه بخلاف النكاح ، ومع كون نحو إعتاقه فسخا هو نافذ منه وإن تخيرا فله وجه ظاهر وهو تضمنه الفسخ فينتقل الملك إليه قبله ، ولا ينفذ من المشتري إذا تخيرا بل يوقف حيث لم يأذن له البائع لتقدم الفسخ لو وقع من البائع بعد على الإجازة ، ولو باع حاملا ثم أعتق أحدهما في زمن الخيار قال القفال في فتاويه : ينفسخ البيع كما لو باع حاملا واستثنى حملها ، ثم إن جعلنا الحمل معلوما يبطل البيع في الحال وإلا توقف على الوضع ، فإن وضعت لأقل من ستة أشهر من الإعتاق تبينا أن البيع كان منفسخا وقد عتق الحمل ، أو لستة أشهر فأكثر وهي مزوجة لم ينفذ العتق في الحمل ولا يبطل البيع ( وكذا بيعه ) ولو بشرط الخيار بشرط كونه للمشتري ، فإن كان للبائع أو لهما لم يكن فسخا ولا إجازة كما صرح به في العباب ( وإجارته وتزويجه ) ووقفه ورهنه وهبته إن اتصل القبض بهما ولو وهب لفرعه ( في الأصح ) حيث تخيرا [ ص: 24 ] أو هو وحده أيضا فكل منهما فسخ لأنها مشعرة باختيار الإمساك فقدم على أصل بقاء العقد ومع كونها فسخا هي منه صحيحة تقديرا للفسخ قبلها والثاني ما يكتفي في الفسخ بذلك ، وفي وجه أن الوطء ليس بفسخ ولا خلاف في الإعتاق وعقود البيع وما عطف عليه بناء على أنها فسخ صحيحة ، وقيل لا لبعد أن يحصل بالشيء الواحد الفسخ والعقد جميعا ( والأصح أن هذه التصرفات ) من البيع وما بعده ( من المشتري ) حيث كان الخيار لهما أو له وحده ( إجازة ) للشراء لأنها مشعرة باختيار الإمساك .
نعم لا يصح منه إلا إن كان تخير أو أذن له البائع أو كانت معه ، ويفارق ما مر في الباب بتزلزل ملكه وبان صحتها والخيار لهما من غير إذن البائع مسقطة لفسخه وهو ممتنع .
والثاني ما يكتفى في الإجازة بذلك وقول الشارح : ومسألتا الإجازة والتزويج ذكرهما في الوجيز وخلا عنهما في الروضة كأصلها وهما ومسألة البيع غير صحيحة قطعا : أي إذا لم يكن الخيار للمشتري وحده .
حاشية الشبراملسي
( قوله : فصريح الفسخ ) لم يذكر مثالا للكناية في الفسخ ولا الإجازة ، ولعل من كنايات الفسخ أن يقول : هذا البيع ليس بحسن مثلا ، ومن كنايات الإجازة الثناء عليه بنحو هو حسن ( قوله : إلا بإجازته ) أي فلا يلزم جميعه بل إنما يلزم من جهة المجيز ويستمر إلخ ( قوله : إلا بنحو زيادة ) أي قبل انقضاء مدة خيار المجلس أو في مدة خيار الشرط ( قوله : مع عدم موافقة الآخر ) ظاهره الانفساخ فيما لو كان الشرط من أحدهما وسكت الآخر أو رد ، ولكن تقدم في حج ما نصه : تنبيه : الشرط المؤثر هنا هو ما وقع في صلب العقد من المبتدي به ، إلى أن قال : ويلحق بالواقع بعده في صلب العقد الواقع في زمن خياره مجلسا أو أو شرطا إن كان من البائع ووافقه المشتري عليه أو عكسه كأن ألحق أحدهما حينئذ زيادة أو نقصا في الثمن أو المبيع أو الخيار أو الأجل ووافقه الآخر بقوله قبلت مثلا لكن في غير الحط من الثمن لأنه إبداء ، وهو لا يحتاج للقبول ويكفي رضيت بزيادة كذا ، فإن لم يوافقه بأن سكت بقي العقد ، وإن قال لا أرضى إلا بذلك بطل ، وهو صريح في أنه إذا سكت يستقر الثمن على ما ذكر في العقد أولا ويلغو الشرط ، وعبارة حج هنا موافقة لعبارة الشارح فيحمل قولهما هنا مع عدم موافقة الآخر ما لو خالفه الآخر صريحا بأن قال لا أرضى أو نحو ذلك ، وأنه لو وافقه صريحا استقر العقد على ما توافقا عليه ، وإن سكت لغا الشرط واستقر الحال على ما وقع به العقد أولا .
( قوله : ووطء البائع ) أي في القبل وخرج بل الدبر ا هـ شرح الروض ( قوله : ولم يقصد بوطئه الزنا ) أي فإن قصد ذلك لم يكن فسخا . وينبغي أن محل ذلك فيما إذا كان الخيار للبائع ما لم تحمل من ذلك الوطء فإن حملت منه انفسخ وصار مستولدة عليه لأنه أحبلها وهي في ملكه ( قوله : أنها ) أي المباشرة ( قوله وكذا الوطء ) أي إنما يكون فسخا إذا كان مباحا له لولا البيع بأن لم يكن محرما له ولا في معنى المحرم وكان الوطء في القبل ( قوله : يتمجس ) وكوطء المحرمة وطء الأمرد ا هـ حج ( قوله : ومن هذا ) أي مما لا يكون فسخا ( قوله وطء الخنثى ) أي الخنثى البائع ( قوله : واضحا ) أي مبيعا واضحا بالأنوثة ( قوله : فلو اختار ) أي بعلامات علمت منها أنوثته ، وعبارة حج وكذا : أي يحصل الفسخ بوطء البائع الواضح لخنثى إن اتضح بعد بالأنوثة ( قوله بعده ) أي الوطء ( قوله : الحكم بالوطء ) أي فيكون واضحا [ ص: 23 ] قوله : تعلق الحكم بالوطء ) أي فيكون فسخا أيضا ( قوله : السابق ) شمل ذلك ما لو باعه بشرط أن يعتقه المشتري ثم أعتقه البائع في زمن الخيار فينفذ ويكون فسخا للبيع ويفوت به الإعتاق المشروط على المشتري ( قوله ومع كونه كذلك يكون صحيحا ) أي الإعتاق وذكر الشارح هذا لأنه لا يلزم من الفسخ صحة التصرف ( قوله : وإنما لم تحصل به ) أي الوطء ( قوله : نحو إعتاقه ) أي البائع ( قوله قبله ) أي الإعتاق .
( قوله : ولو باع حاملا ) بل قياسه أنه لو باع عبدين ثم أعتق أحدهما أنه ينفسخ فيهما لما مر من أنه إذا فسخ في نصف المبيع انفسخ في كله ، وظاهره أنه لا فرق بين كون النصف متصلا بالباقي أو منفصلا عنه كهذا المثال ، ثم حيث حكم بالانفساخ وجب على البائع تعين أحدهما للعتق ( قوله : ثم أعتق ) أي البائع ( قوله : أحدهما ) أي ولو مبهما ( قوله : ينفسخ البيع ) أي ظاهرا حيث أعتق الحمل لما يأتي من قوله ثم إن جعلنا الحمل إلخ ( قوله : ثم إن جعلنا ) أي ثم بعد البيع إن إلخ وكان الأولى أن يذكر هذا بعد قوله وينفسخ البيع فيقول ينفسخ إن جعلنا الحمل إلخ ، ولعله إنما فصله لعدم كونه من كلام القفال ( قوله كونه للمشتري ) أي الثاني ( قوله : ولا إجازة ) ويجري هذا فيما لو كان الخيار للمشتري ثم باع بشرط الخيار للبائع أو لهما كما في شرح الروضة على ما نقله شيخنا الزيادي عنه حيث قال ولو باع أحد العاقدين المبيع في زمن الخيار الثابت له أو لهما بشرط الخيار له أو لهما فقريب من الهبة قبل القبض : يعني الخالية عن القبض كما عبر به الأصل ، فلا يكون فسخا ولا إجازة بناء على أنه لا يزول ملك البائع بمجرد البيع وهو الأصح ، فالمراد بقولهم التصرف من البائع فسخ ومن المشتري إجازة التصرف الذي لم يشرط فيه ذلك ا هـ : أي الخيار ( قوله إن اتصل القبض بهما ) أي الرهن [ ص: 24 ] والهبة .
( قوله : أو هو ) أي البائع ( قوله : وعقود البيع ) هذا مفاد قوله أولا ومع كونها فسخا إلخ لكنه ذكره توطئة لقوله وقيل لا ( قوله : من البيع وما بعده ) عبارة المحلي الوطء وما بعده ، وهي أولى لأن ما ذكره الشارح يخرج الوطء والعتق عن كونهما إجازة ، وقد يقال إنه أشار إلى أن ما قطع فيه بأنه فسخ من البائع قطع فيه بأنه إجازة من المشتري وما جرى فيه الخلاف إذا وقع من البائع جرى في مثله الخلاف إذا وقع من المشتري ( قوله : أو كانت ) أي التصرفات ( قوله : معه ) أي البائع ( قوله : ويفارق ) أي تصرف المشتري ( قوله : ما مر في البائع ) أي حيث نفذ والخيار لهما وإن لم يأذن المشتري ( قوله : وبان صحتها ) من المشتري لو قلنا به ( قوله : مسقطة لفسخه ) أي البائع ( قوله : أي إذا لم يكن ) خبر قوله وقول الشارح إلخ .
حاشية المغربي
[ ص: 22 ] ( قوله : جميعه ) بالرفع فاعل ارتفع . ( قوله : كأن كان الخيار لهما ) الكاف استقصائية فتأمل . ( قوله : فلو اختار الموطوءة إلخ ) عبارة غيره : فلو اتضح ولو بإخباره : أي على التفصيل المذكور في محله ، وكذا يقال في الذي بعده [ ص: 23 ] قوله : ولو معلقا ) انظر هل المراد حصول الفسخ بنفس التعليق أو بوجود الصفة ؟ ( قوله : وإيلاده ) لعله بنحو إدخال منيه وإلا فما تقدم من الوطء مغن عنه .
( قوله : حيث تخيرا ) قيد في أصل مسألة المتن ( قوله : مع كون نحو إعتاقه إلخ ) عبارة التحفة : ومع كون نحو إعتاقه فسخا هو نافذ وإن تخيرا ; لتضمنه الفسخ فينتقل الملك إلخ على أن هذا يغني عنه ما مر في قول الشارح : ومع كونه كذلك يكون صحيحا إلا أنه زاد هنا التوجيه . ( قوله : ثم إن جعلنا الحمل معلوما إلخ ) أي : فيما إذا كان العتيق الحمل ( قوله : وتزويجه ) هل المراد منه ما يشمل تزوج عبده الكبير بإذنه [ ص: 24 ] قوله : وفي وجه إلخ ) تدورك به على المتن في اقتضائه أن الوطء من البائع لا خلاف فيه ( قوله : وعقود البيع وما عطف عليه إلخ ) تقدم ما يغني عنه إلا أنه زاد هنا ذكر المقابل . ( قوله : أو كانت معه ) أي أو كانت هذه التصرفات واقعة مع البائع ( قوله : أي إذا لم يكن الخيار إلخ ) خبر قول الشارح