( ولو ) ( اختلفا في قدم العيب ) وحدوثه واحتمل صدق كل ( صدق البائع ) لأن الأصل لزوم العقد ( بيمينه ) لاحتمال صدق المشتري ، ويؤخذ من التعليل المذكور تصديق البائع أيضا في قدم العيب فيما لو باع بشرط البراءة من العيوب وادعى المشتري حدوثه قبل القبض ليرد به وهو كذلك ، ولو قطع بما ادعاه أحدهما كشجة مندملة والبيع أمس فالمصدق المشتري بلا يمين ، وكجرح طرأ والبيع والقبض من سنة فالمصدق البائع بلا يمين ، ولو ادعى المشتري وجود عيبين في يد البائع فاعترف بأحدهما وادعى حدوث الآخر في يد المشتري كان القول قول المشتري بيمينه لأن الرد ثبت بإقرار البائع بأحدهما فلا يبطل بالشك .
قاله ابن القطان وغيره ، ونقله ابن الأستاذ في شرح الوسيط عن النص وهو المعتمد خلافا لابن العماد ، ولا يرد على المصنف لأن الرد إنما نشأ مما اتفقا عليه وكلامه فيما اختلفا فيه كما ترى ، قال الوالد رحمه الله تعالى : وما قاله ابن القطان حسن وإن لزم من ثبوت الرد فسخ العقد لأن المقتضي للرد وهو العيب القديم متفق عليه ، والبائع يدعي حدوث مانع للرد بعد وجود مقتضيه والمشتري ينكره والأصل عدمه ، وقد أخذ مما تقرر قاعدة وهي أنه حيث [ ص: 65 ] كان العيب يثبت الرد فالمصدق البائع وحيث كان يبطله فالمصدق المشتري ، ولو نكل المشتري عن اليمين لم ترد على البائع لأنها إنما ترد إذا كانت تثبت للمردود عليه حقا ولا حق له هنا ، وحينئذ فالأوجه أخذا مما مر أنه يأتي هنا ما سبق في قوله ثم إن رضي البائع إلى آخره ، ولو اختلفا بعد التقابل فقال البائع في عيب يحتمل حدوثه وقدمه على الإقالة كان عند المشتري وقال المشتري كان عندك قال الجلال البلقيني أفتيت فيها بأن القول قول المشتري مع يمينه لأن الأصل براءة الذمة من غرم أرش العيب ، ولو اشترى ما سبقت رؤيته به وأراه عيبه ثم أتاه به فقال زاد العيب وأنكر البائع صدق المشتري بيمينه كما ذكره ابن الرفعة والسبكي لأن البائع يدعي عليه علمه به وهو خلاف الأصل ، ولا ترد هذه أيضا خلافا لمن زعمه أيضا لأنهما لم يختلفا في القدم بل في الزيادة المستلزمة له وإنما ذكر الاختلاف في القدم نصا ، ثم تصديق البائع على عدم القدم إنما هو لمنع رد المشتري لا لتغريمه أرشه لو عاد للبائع بفسخ وطلبه زاعما أن حدوثه بيده ثبت بيمينه لأن يمينه إنما صلحت للدفع عنه فلا تصلح لإثبات شيء له نظير ما يأتي في التخالف في الجراح فللمشتري إلا أن يحلف أنه ليس بحادث ، ولو باعه عصيرا وسلمه له فوجد في يد المشتري خمرا فقال البائع صار خمرا عندك وقال المشتري بل كان خمرا عندك وأمكن كل من الأمرين فالمصدق البائع بيمينه لموافقته [ ص: 66 ] للأصل من استمرار العقد ، وإذا حلفنا البائع نحلفه ( على حسب ) بفتح السين أي مثل ( جوابه ) لفظا ومعنى ، فإن أجاب بلا يلزمني قبوله أو بلا رد له علي به حلف كذلك ، ولا يكلف التعرض لحدوثه لاحتمال علم المشتري به عند القبض أو رضاه بعده ، ولو ذكره كلف البينة أو ما بعته أو ما أقبضته إلا سليما حلف كذلك ولا يكفيه لا يستحق على الرد ولا يلزمني قبوله لعدم مطابقته لجوابه .
وقضية كلامهم أنه لو أجاب بلا يلزمني قبوله ثم أراد الحلف على أنه ما أقبضه إلا سليما لا يمكن وليس كذلك ، ولا يكفيه الحلف على نفي العلم ، ويجوز له الحلف على البت إذا اختبر خفايا أمر المبيع ، وكذا إن لم يختبرها اعتمادا على ظاهر السلامة حيث لم يظن خلافها ، ولم يثبت العيب إلا بشهادة عدلي شهادة كما جزم به القاضي وغيره وتبعهم ابن المقري في روضه ، ويؤيده ما ذكره الأصحاب أن عيب النكاح لا يثبت إلا بشهادة عدلين ا هـ .
فإن فقدا صدق البائع بيمينه ويصدق المشتري بيمينه في عدم تقصيره في الرد وفي جهله بالعيب إن أمكن خفاء مثله عليه عند الرؤية كما قاله الدارمي ، فإن كان لا يخفى كقطع أنفه أو يده صدق البائع ، وفي أنه ظن أن ما رآه ليس بعيب وكان ممن يخفى عليه مثله وفي أنه إنما رضي بعيبه لأنه ظن العيب الفلاني فبان خلافه وأمكن اشتباه مثله عليه وكان العيب الذي بان أشد ضررا مما ظنه فيثبت له الرد في الجميع .
حاشية الشبراملسي
( قوله : واحتمل صدق كل ) قيد لقوله بيمينه مقدم عليه ( قوله : ويؤخذ من التعليل المذكور ) أي في قوله لأن الأصل لزوم إلخ ( قوله وكلامه فيما اختلفا فيه ) زاد حج : فإن قلت هما قد اختلفا في الثاني وصدق المشتري في قدمه حتى لا يمتنع رده .
قلت : تصديقه ليس إلا لقوة جانبه لتصديق البائع له على موجب الرد فلم تقبل إرادته رفعه عنه بدعوى حدوث الثاني فالحامل على تصديقه سبق إقرار البائع لا غير فلم يصدق أن المشتري صدق في القدم على الإطلاق ، وكتب عليه سم : قوله فإن قلت هما إلخ ، قد يقال يكفي في الإيراد أنه هنا لم يصدق البائع ، وإلا امتنع الرد لثبوت حدوث أحد العيبين فلم يصدق قول المصنف صدق البائع ، وهذا على هذا الوجه لا يندفع بجوابه المذكور ا هـ .
وهو وارد على ما ذكره مر أيضا ، وقد يقال : مراد المجيب أن قول المتن : صدق البائع روعي فيه قيد الحيثية : يعني صدق البائع من حيث مجرد دعوى حدوث العيب ، بخلاف ما لو نظر إلى أمر آخر كقوة جانب المشتري باتفاقهما على قدم أحد العيبين فلم يصدق أن البائع لم يصدق مع كونه مدعيا لمجرد الحدوث بل إنما امتنع تصديقه لدعواه الحدوث مصاحبا للاعتراف بقدم أحد العيبين .
وفرضه [ ص: 65 ] الكلام في الحمار لكونه المسئول عنه وإلا فالحكم لا يختص به بل مثله غيره ( قوله : كأن العيب يثبت الرد ) كما لو اختلفا في عيب واحد ( قوله : وحيث كان يبطله ) كهذا المثال وهو ما لو ادعى المشتري وجود عيبين إلخ ( قوله : ولو نكل المشتري ) أي فيما لو ادعى قدم العينين فاعترف البائع بقدم أحدهما كما يؤخذ مما صرح به في شرح الروض ( قوله عن اليمين ) زاد حج : سقط رده ولم إلخ ، وسقوط الرد ظاهر إن علم أن نكوله يسقطه وإلا فينبني عدم السقوط ( قوله : عن اليمين ) سقط رده ولم ترد إلخ ا هـ حج ( قوله ما سبق في قوله ) أي المتن ( قوله : كان عند المشتري ) أي فهو حادث وعليه ضمانه ( قوله : كان عندك ) أي فهو قديم والرد في محله ولا شيء لك علي ( قوله : قول المشتري مع يمينه ) أي فلو نكل عن اليمين ردت عن البائع فيحلف ويأخذ الأرش ( قوله : ولو اشترى ما سبقت رؤيته ) أي بأن رآه أولا ثم اشتراه اعتمادا على الرؤية السابقة ثم أتاه به إلخ ( قوله : المستلزمة له ) أي القدم وهو أي المصنف ( قوله : ثم تصديق ) مرتب على قول المصنف ولو اختلفا إلخ ( قوله : لا لتغريمه ) أي المشتري ( قوله لو عاد للبائع بفسخ ) أي كما لو تحالفا على صفة العقد أو تقايلا ( قوله : ثبت ) خبر إن وقوله لأن يمينه علة لقوله لا لتغريمه ( قوله : نظير ما يأتي في التخالف ) بالخاء المعجمة ( قوله : إلا أن يحلف ) فلو نكل عن اليمين هل يحلف البائع أم لا ويكتفي باليمين السابقة ؟ فيه نظر ، والأقرب الأول لأن يمينه الأولى لدفع الرد وهذه لطلب الأرش ، [ ص: 66 ] فالمقصود من كل منهما غير المقصود من الأخرى ( قوله : من استمرار العقد ) ومثله ما لو اشترى مائعا ووجد فيه نحو فأرة فقال البائع حدث به في يد المشتري وقال المشتري بل كان فيه عند البيع فالمصدق البائع ، ثم رأيت ما يصرح به في كلام حج بعد قول المصنف في القبض فإن تلف المبيع انفسخ البيع إلخ ، وفيه ثم بعد ما ذكر ما نصه : لا يقال يلزم من تصديقه بطلان البيع أيضا لتنجسه بها قبل القبض أو معه .
لأنا نقول : المائع إذا حصل في فضاء الظرف ثبت له حكم القبض جزءا جزءا قبل ملاقاته لما ذكرها الإمام ا هـ .
وظاهر أن ما قاله حج إذا كان الظرف في يد المشتري ، فإن كان بيد البائع كأن أخذه من المشتري ليأتي له بالمبيع فيه لم يتأت ما ذكره من حصول القبض ومع ذلك المصدق البائع لأنهما إذا اختلفا في الصحة والفساد صدق مدعي الصحة ، ويحمل على أن الفأرة وقعت فيه بعد قبض المشتري للظرف لما فيه ، وقد يتوقف في ذلك إذا كان الزمن قريبا يبعد حصول مثلها فيه ( قوله : أي مثل جوابه ) بيان للمراد من الحسب بالفتح وفي المختار ليكن عملك بحسب ذلك بالفتح أي على قدره وعدده ا هـ .
وهو في الأصل ما يعده من المآثر مصدر حسب ككرم كرما وشرف شرفا ا هـ .
مصباح ( قوله : ولو ذكره ) أي علمه أو رضاه ( قوله : وليس كذلك ) أي لأنه غلظ على نفسه ( قوله : ولا يكفيه الحلف على نفي العلم ) أي بأن يقول ما علمت به هذا العيب عندي وهل يكون اشتغاله بذلك مسقطا للرد أم لا ، فيه نظر ؟ والأقرب أن يقال : إن كان جاهلا بذلك لا يكون مسقطا للرد فله تعيين جواب صحيح ويحلف عليه ، وإن كان عالما سقط رده ( قوله : كما جزم به القاضي إلخ ) أفهم أنه لا يثبت برجل وامرأتين ولا بشاهد ويمين ، وفيه أن المقصود من ثبوت العيب إما رد المبيع أو طلب الأرش وكلاهما مما يتعلق بالمال وهو يثبت بما ذكر ، وما ذكره من التأييد بما في عيب النكاح قد يقال لا تأبيد فيه لأن عيب النكاح لم يقصد به المال ( قوله : فإن فقدا ) أي في محل العقد فما فوقه إلى مسافة العدوى لأن الشاهد لا يلزمه الحضور مما زاد على ذلك ( قوله : صدق البائع ) أي ظاهرا فلا رد ، وهل للمشتري الفسخ باطنا إذا كان محقا أم لا ؟ وهل له إذا لم يفسخ أخذ الأرش باطنا أيضا أم لا ؟ فيه نظر ، والأقرب فيهما الأول .
أما الفسخ فلوجود مسوغه باطنا .
وأما الأرش فلأنه لما تعذر رده على البائع بحلفه نزل منزلة عيب حادث يمنع من الرد القهري ، ويحتمل في الثانية منع أخذ الأرش لأنه حيث تمكن من الفسخ والتصرف فيه من باب الظفر جعل كالقادر على الرد وهو حيث قدر عليه لا يجوز أخذ الأرش مع البائع ولو بالرضا ، بل إن تصالح مع البائع على أخذ [ ص: 67 ] الأرش ليرضى بالمبيع ولا يرده لم يصح ويسقط خياره إن علم بفساد الصلح .
حاشية المغربي
. [ ص: 64 ] قوله : ويؤخذ من التعليل المذكور ) أي قوله : لأن الأصل لزوم العقد . ( قوله : وادعى المشتري حدوثه قبل القبض ليرد به ) أي ; لأنه إنما يبرأ من عيب باطن موجود عند العقد كما مر ، فالصورة هنا أن العيب باطن بالحيوان [ ص: 65 ] قوله : وحيث كان يبطله ) أي بعد ثبوته كما في المسألة المتقدمة . ( قوله : ولو نكل المشتري ) يعني في المسألة التي قبل مسألة التقايل فكان الأولى ذكره عقبها كما صنع حج . ( قوله : وقال المشتري كان عندك ) صادق بما قبل الإقالة وبما بعدها . ( قوله : ثم أتاه به ) أي ثم أتى البائع للمشتري بالمبيع . ( قوله : خلافا لمن زعمه أيضا ) أي كما زعم غيره ورود مسألة ابن القسان المتقدمة وإن لم ينبه هو على ذلك فيها ، وهو تابع في هذا التعبير للشهاب حج ، لكن ذاك قدم في كلامه أن هناك من زعم ورود تلك أيضا . ( قوله : نصا ) هو من تعلقات قوله الاختلاف لا من تعلقات قوله ذكر : أي أن المصنف إنما ذكر مسألة ما إذا اختلفا في القدم بالنص بأن نص أحدهما في دعواه على أنه قديم والآخر على خلافه ( قوله : لأن يمينه إنما صلحت للدفع فلا تصلح لإثبات شيء له ) قضيته أنها لا تثبت له الأرش وإن لم يحلف المشتري أنه ليس بحادث فانظره مع قوله فللمشتري الآن أن يحلف أنه ليس بحادث .