( ولو ) ( شرطا ) أي الراهن والمرتهن ( وضعه ) أي المرهون ( عند عدل ) ( جاز ) لأن كلا منهما قد لا يثق بصاحبه ، وكما يتولى العدل الحفظ يتولى القبض أيضا كما اقتضاه كلام ابن الرفعة ، ولو شرط كونه في يد المرتهن يوما وفي يد العدل يوما جاز وخرج بعدل الفاسق فلا يضعانه عنده إذا كانا متصرفين أو أحدهما عن الغير كولي ووكيل وقيم ومأذون له وعامل قراض ومكاتب حيث يجوز لهم ذلك وإلا فيجوز ، وعلى هذا يحمل قول الشرحين والروضة عند ثالث ، إذ عبارة المصنف أولى لأن مفهومها فيه تفصيل فلا يرد ولو شرطا وضعه بعد اللزوم عند الراهن صح كما اقتضاه كلام صاحب المطلب خلافا لما اقتضاه كلام الغزالي ، إلا أن يحمل كلامه على ابتداء القبض ، ولو ادعى العدل رده إليهما أو هلاكه صدق وليس له رده إلى أحدهما ، فإن أتلفه خطأ أو أتلفه غيره ولو عمدا أخذ منه البدل وحفظه بالإذن الأول أو أتلفه عمدا أخذ منه البدل ووضع عند آخر لتعديه بإتلاف المرهون . قال الأذرعي : والظاهر أن أخذ القيمة في المتقوم أما المثلي فيطالب بمثله . قال : وكأن الصورة فيما إذا أتلفه عمدا عدوانا أما لو أتلفه مكرها أو دفعا لصيال فيكون كما لو أتلفه خطأ انتهى . وهو محمول في الشق الأخير على ما لو عدل عما يندفع به إلى أعلى منه وإلا فلا [ ص: 273 ] ضمان ( أو عند اثنين ) مثلا ( ونصا على اجتماعهما على حفظه أو الانفراد به فذاك ) ظاهر أنه يتبع الشرط فيه ( وإن أطلقا فليس لأحدهما الانفراد ) بحفظه ( في الأصح ) كما في نظيرة من الوكالة والوصية فيجعلانه في حرز لهما ، فإن انفرد أحدهما بحفظه ضمن نصفه أو سلم أحدهما إلى الآخر ضمنا معا النصف ، ومقابل الأصح له الانفراد لما في اجتماعهما من المشقة ، ولو غصبه المرتهن من العدل أو غصب العين شخص من مؤتمن كمودع ثم ردها إلى من غصبها منه برئ ، بخلاف من غصب من الملتقط اللقطة قبل تملكها ثم ردها إليه لم يبرأ لأن المالك لم يأتمنه أو غصب العين من ضامن مأذون كمستعير ومستام ثم ردت إليه برئ كما جزم به في الأنوار ، ولا ينتقل المرهون عند آخر إلا إن اتفق العاقدان عليه فحينئذ يجوز ولو بلا سبب
( ولو ) ( مات العدل ) الموضوع عنده ( أو فسق ) أو عجز عن حفظه أو زاد فسق الفاسق أو حدثت عداوة بينه وبين أحدهما وطلبا أو أحدهما نقله نقل و ( جعله حيث يتفقان ) سواء أكان عدلا أم فاسقا ، بشرطه المار ( وإن تشاحا وضعه الحاكم عند عدل ) يراه لأنه العدل قطعا للنزاع ولو كان في يد المرتهن فتغير حاله فكتغير حال العدل ولو لم يشرط في بيع أو كان وارث المرتهن أزيد [ ص: 274 ] عدالة منه ، إذ الفرض أنه لزم بالقبض ولا يلزم من الرضا بالموروث الرضا بالوارث ، فإن تشاحا ابتداء فيمن يوضع عنده وكان قبل القبض لم يجبر الراهن بحال ، وإن شرط الراهن في بيع لجوازه من جهته حينئذ فلا يطالبه بإقباضه ولا بالرجوع عنه وزعم مطالبته بأحدهما لئلا يستمر غبنه مردود ، وظاهر كلامهم عدم انعزال العدل عن الحفظ بالفسق ، وقيده ابن الرفعة بما إذا لم يكن الحاكم هو الذي وضعه لأنه نائبه .
حاشية الشبراملسي
( قوله : عند عدل ) أي عدل شهادة كما قاله في شرح العباب ا هـ سم على حج ومفهومه أنه لا يجوز وضعه عند امرأة أو عبد إذا كان يتصرف عن غيره ، وقول الشارح وخرج بعدل الفاسق قد يقتضي خلافه لعدم صدقه على من ذكر إذ هما عدلا رواية وليس مرادا ويكون نبه بقوله وخرج إلخ على بعض ما خرج ، على أنه قد يقال : إن قول حج عدل شهادة إنما يخرج العبد دون المرأة فإنها من عدول الشهادة في الجملة فإنها تقبل في المال وفيما لا يطلع عليه الرجال غالبا كالرضاع والولادة والبكارة والثيوبة وما تحت الثياب من عيوب النساء ، ومن ثم فرق بعضهم في مواضع بين عدل الشهادات وعدل الشهادة قال : فالأول يفيد عدم قبول المرأة بخلاف الثاني ( قوله : وفي يد العدل يوما جاز ) أي ويبدأ منهما بمن اتفقا على البداءة به فإن تشاحا فينبغي أن يقرع بينهما ( قوله : حيث يجوز ) أي بأن كان هناك ضرورة أو غبطة ظاهرة ( قوله : فيه تفصيل ) أي وهو أنهما إن كانا يتصرفان عن أنفسهما جاز وضعه عند فاسق وإلا فلا ( قوله : على ابتداء القبض ) أي بأن شرطا أن الراهن يقبضه ، ووجه الفساد ما يلزمه من اتحاد القابض والمقبض ( قوله : رده إليهما ) أي معا أخذا من قوله وليس إلخ ( قوله : صدق ) أي العدل ( قوله : فإن أتلفه ) أي العدل ( قوله : أخذ منه ) أي المتلف ، وقضيته أنه لا بد من أخذه من العدل ورده إليه ، فلا يكفي بقاؤه تحت يده بلا أخذ وإن كان محكوما عليه بأنه رهن في ذمته ، وعليه فينبغي أن الآخذ له الراهن بإذن المرتهن فإن تنازعا فالحاكم ( قوله : أخذ منه البدل ) وهو المثل في المثلي والقيمة في المتقوم ( قوله : وهو محمول إلخ ) قد يشكل هذا الحمل بأنه حيث عدل إلى أعلى منه حرم ، ومقتضاه فسقه فلا يوضع البدل عنده كما لو أتلفه عمدا ، اللهم إلا أن يقال : فعله دفعا للصيال شبهة منعت الفسق وإن أثم بالعدول المذكور ، وفيه ما فيه أو أنه عدل إلى غيره لظن جوازه ( قوله : في الشق الأخير ) هو قوله : أو دفعا لصيال ، وكذا في الشق الأول [ ص: 273 ] على أنه طريق في الضمان وإلا فقرار الضمان على المكره بكسر الراء ( قوله : في حرز لهما ) أي حيث لم تمكن قسمته فإن أمكنت قسمته اقتسماه كما في الوصية .
ثم رأيته في سم على منهج نقلا عن بر ( قوله : ضمنا معا النصف ) أي ضمن كل منهما جميع النصف لأن أحدهما متعد بالتسليم والآخر بالتسلم ، وقرار الضمان على من تلف تحت يده هكذا تحرر مع طلب بعد المباحثة ثم وافق عليه مر ا هـ سم على منهج .
ومثله على حج لكن عبارة حج : وإلا ضمن من انفرد به نصفه إن لم يسلمه له صاحبه وإلا اشتركا في ضمان النصف انتهى وهي موافقة لكلامالشارح ( قوله : من مؤتمن ) أي بائتمان المالك فيخرج الملتقط الآتي لأنه مؤتمن بائتمان الشرع ( قوله : ثم ردها إليه لم يبرأ ) أي وطريقه أن يتخلص من الضمان أن يردها على الحاكم ( قوله : لم يأتمنه ) أي الملتقط وقياس اللقطة أنه لو طيرت الريح مثلا ثوبا إلى داره وغصبها منه شخص ثم ردها إليه أنه لم يبرأ لأن المالك لم يأتمنه وطريقه أن يردها للحاكم ( قوله : من ضامن مأذون ) احترز به عن الغاصب فلا يبرأ من غصب منه بالرد عليه ( قوله : ولا ينتقل ) أي لا يجوز نقله قهرا عند إلخ ( قوله : عند آخر ) أي غير من هو تحت يده ( قوله : أو زاد فسق الفاسق ) قال حج : أو خرج عن أهلية الحفظ بغير ذلك وقضيته أنه لو أغمي عليه أو جن وطلب أحدهما نقله نقل ، وعليه فلو أفاق هل يتوقف استحقاقه الحفظ عن إذن جديد لبطلان الإذن الأول أم لا ؟ فيه نظر ، وقياس ما لو زاد فسق الولي ثم عاد من أنه لا بد من تولية جديدة أنه هنا لا بد من تجديد الإذن ( قوله : بشرط المار ) أي وهو أن يتصرف عن نفسه ( قوله : وإن تشاحا ) أي بعد لزوم العقد من الجانبين أما قبله لم يجبر الراهن بحال كما سيأتي ، وقوله : وإن تشاحا غاية لقوله ولو كان في يد إلخ ( قوله : لأنه العدل ) أي الإنصاف ( قوله : فتغير حاله ) ومنه أن تحدث عداوة بينه وبين الراهن ( قوله : ولو لم يشرط في بيع ) غاية لقول المصنف وضعه الحاكم عند عدل ولو ذكره متصلا به لكان أولى لأن قوله ولو كان [ ص: 274 ] في يد المرتهن إلخ كلام مستأنف ، وفي نسخة ذكر قوله ولو لم يشرط بعد قول الشارح قطعا للنزاع وهي واضحة ( قوله : وإن شرط الرهن ) غاية ( قوله : فلا يطالبه ) أي المرتهن ( قوله : بأحدهما ) أي الإقباض والرجوع ( قوله : مردود ) بأن من فعل جائزا لا يقال له عابث انتهى حج ( قوله : وظاهر كلامهم إلخ ) معتمد ( قوله : عن الحفظ بالفسق ) ظاهره سواء كان عند العدل باتفاقهما أو بوضع الحاكم ( قوله : لأنه نائبه ) قلت : أو يكون الراهن نحو ولي انتهى سم على حج : أي فينعزل بالفسق
حاشية المغربي
( قوله : عند عدل جاز ) أي مطلقا ، وكذا فاسق إذا كانا يتصرفان لأنفسهما التصرف التام أخذا مما يأتي ، وبه صرح في التحفة هنا وأخرج بالتصرف التام المكاتب ( قوله : ومكاتب ) في إدخاله في جملة من يتصرف عن الغير مساهلة . ( قوله : إذ عبارة المصنف ) كان الأولى التعبير بالواو بدل إذ . ( قوله : أخذ منه ) أي من المتلف . ( قوله : قال الأذرعي والظاهر أن أخذ القيمة إلخ ) هذا لا موقع لإيراده بعد أن عبر بالبدل [ ص: 273 ] قوله : ضمنا معا النصف ) أي ضمن كل منهما جميع النصف والقرار على من تلف تحت يده كما هو القياس ، ثم رأيت الشهاب سم ذكر أنه الذي استقر عليه الحال في مباحثته مع شيخه الطبلاوي ومع الشارح . ( قوله : برئ ) انظر هل يبرأ في مسألة الرهن إذا رده للراهن وإن لم تكن له يد . ( قوله : ولو كان في يد المرتهن فتغير حاله إلخ ) عبارة الشهاب حج في تحفته عقب قول المصنف وإن تشاحا نصها : أو مات المرتهن ولم يرض الراهن بيد وارثه انتهت .
وهو الذي رتب عليه [ ص: 274 ] ما ذكره الشارح هنا تبعا له من قوله ولو لم يشرط في بيع إلخ ( قوله : مردود ) أي بأن من فعل جائزا له لا يقال له عابث كما أفصح به الشهاب حج . ( قوله : بما إذا لم يكن الحاكم هو الذي وضعه ) قال الشهاب سم : قلت أو يكون [ ص: 275 ] الراهن نحو ولي