( ولا يمنع الراهن من مصلحة المرهون كفصد وحجامة ) ومعالجة بالأدوية والمراهم حفظا لملكه ولأن فيه مصلحة ، وقلما يتولد منه ضرر فلو لم تكن حاجة منع من الفصد دون الحجامة قال الماوردي والروياني لخبر روى { قطع العروق مسقمة والحجامة خير منه } وله ختان الرقيق إن لم يخف منه وكان يندمل قبل الحلول صغيرا كان أم كبيرا كما أطلقه الجمهور لأنه لا بد منه والغالب فيه السلامة ، وأما عدهم عدم الختان عيبا في الكبير فأجيب عنه بحمله على كبير يخاف عليه من الختان وبأن التعييب بذلك مستحق كما لو رهن رقيقا سارقا فإنه يقطع في يد المرتهن وإن كان عيبا ، وله قطع السلعة والمداواة إن غلبت السلامة ، فإن غلب التلف أو استوى الأمران أو شك فلا ويتخير في قطع نحو يد متآكلة إن جرى الخطران وغلبت السلامة في القطع على خطر الترك ، وإن استوى الخطران أو زاد خطر القطع بخلاف ما إذا لم تغلب السلامة فلا يجوز القطع ولو كان الخطر في الترك دون القطع أو لا خطر في واحد منهما فله القطع كما فهم بالأولى ، وكذا لو كان الخطر في القطع دون الترك وغلبت السلامة كما فهم من قطع السلعة والمداواة ، وله أيضا نقل مزدحم من نخل إن قال أهل الخبرة : نقلها أنفع وقطع بعضها لإصلاح الأكثر والمقطوع منها مرهون بحاله ، وكذا ما يجف منها بلا قطع بالأولى ، وما يحدث من جريد وليف وسعف غير مرهون ، وكذا ما كان منها ظاهرا عند العقد كصوف بظهر الغنم [ ص: 281 ] على الأوجه ، وله رعي الماشية نهارا في الأمن ويردها ليلا إلى عدل يتفقان عليه أو ينصبه الحاكم ، وله أن يذهب بها لكلإ ونحوه لعدم الكفاية في مكانها ويردها ليلا لمن ذكر .
حاشية الشبراملسي
( قوله : ولا يمنع الراهن من مصلحة المرهون ) أي بل يجب عليه فعل ما فيه ذلك كما تقدم نقله عما في النفقات ( قوله : وقلما يتولد ) جواب عما يقال فعله ذلك قد يؤدي إلى ضرر يفوت به كأن يموت من الفصد ( قوله : مسقمة ) أي طريق للمرض ( قوله : والحجامة خير منه ) لعل هذا فيما إذا لم يخبر طبيب بضررها وإلا فلا تجوز كما هو ظاهر ، وقد يدل عليه قوله : فإن لم تكن حاجة إلخ الظاهر في عدم حصول الضرر به ( قوله : إن غلبت السلامة يقينا ) أخذا من قوله بعد أو شك ( قوله : وله ) أي الراهن ( قوله : بلا قطع بالأولى ) أي لأن المرهون لا ينفك منه شيء إلا بوفاء جميع الدين ( قوله : وكذا ما كان منها ) أي غير المرهون [ ص: 281 ] قوله : على الأوجه ) وعلى هذا فالفرق بينه وبين البيع حيث يدخل فيه الموجود من الصوف والسعف أن البيع قوي يستتبع ، بخلاف الرهن كما تقدم فيما لو قال : رهنتك هذه الأرض وفيها بناء أو شجر ( قوله : ويردها ليلا ) أي حيث اعتيد العود بها ليلا من المرعى ، فلو اعتيد المبيت بها في المرعى لم يكلف ردها ليلا بل يمكث بها لتمام الرعي على ما جرت به العادة .
حاشية المغربي
( قوله : حفظا لملكه ) قد يقال فيه مخالفة لما مر قريبا . ( قوله : فلو لم تكن حاجة ) يفيد أن المتن مقيد بالحاجة وبه قيده غيره ، ويجوز أن يكون حمل المصلحة فيه على الحاجة . ( قوله : إن جرى الخطران ) أي : خطر القطع ، وخطر الترك . ( قوله : وغلبت السلامة في القطع على خطر الترك ) صوابه على خطره كما في شرح الروض أي خطر القطع نفسه ( قوله : وإن استوى الخطران ) أي خطر القطع والترك وقوله : بخلاف ما إذا لم تغلب السلامة : أي في القطع على خطره فهو محترز قوله وغلبت السلامة في القطع إلخ على ما مر فيه ، وحاصل ما في اليد المتآكلة من الأقسام كما يؤخذ من كلام الشارح التابع فيه للروض وشرحه أنه إما أن يتحقق الخطر في كل من القطع والترك أو عدمه فيهما ، أو يتحقق خطر الترك دون القطع أو عكسه ، أو يجوز الخطر وعدمه في كل منهما من غير تحقق ، فهذه خمسة أقسام ذكر الشارح حكم الثاني والثالث بقوله ولو كان الخطر في الترك دون القطع أو لا خطر في واحد منهما فله القطع ، وأما الرابع فليس له القطع فيه إلا إن غلبت السلامة كما أفهمه قوله : وكذا لو كان الخطر في القطع دون الترك وغلبت السلامة ، ومثله الأول بالأولى .
وأما الخامس ففيه ست عشرة صورة ; لأن كل واحد من القطع والترك على حدته إما أن يكون خطره أغلب من سلامته أو عكسه أو يستوي الأمران أو يشق فيهما ، فهذه أربع صور في كل منهما تضرب في أربعة الأخر فيحصل [ ص: 281 ] ما ذكر ، والقطع جائز في أربع منها ، وهي ما إذا غلبت سلامة القطع على خطره مع أحوال الترك الأربعة ، ويمتنع القطع فيما غلب خطره على سلامته واستوى الأمران فيه أو شك فيهما فتضرب وهذه الأحوال الثلاثة في أربعة الترك فتحصل الاثنا عشر الباقية . فالحاصل أنه متى جاز خطر كل من القطع والترك فالمدار في جواز القطع على غلبة السلامة فيه مطلقا ، فمتى غلبت السلامة فيه جاز وحيث لا لا ، ولا نظر لجانب الترك أصلا حينئذ ولهذا قال في شرح الروض : لو قال أي : صاحب الروض عقب قطع السلعة أو عضو متآكل لأغنى عن قوله ويتخير . ( قوله : وله رعي الماشية نهارا إلخ ) عبارة الروض وشرحه فرع له أيضا رعى الماشية في الأمن نهارا ويردها ليلا إلى المرتهن أو العدل وله أن ينتج أي يذهب بها إلى الكلأ ونحوه لعدم الكفاية لها في مكانها ويردها ليلا إلى عدل يتفقان عليه أو ينصبه الحاكم كما ذكره في الأصل انتهت .
فمراده بالعدل الذي ذكره أولا معرفا العدل المتقدم ذكره في المتن ، بخلاف العدل الذي ذكره منكرا في صورة الانتجاع فإن المراد به : أي عدل إذ الصورة أنه بعيد عن المرتهن وعن عدل الرهن ، وبهذا تعلم ما في كلام الشارح