فصل في جناية المرهون ( إذا ) ( جنى المرهون ) على أجنبي جناية تتعلق برقبته ( قدم المجني عليه ) على المرتهن لأن حقه متعين في الرقبة [ ص: 291 ] بدليل أنه لو مات سقط حقه وأما حق المرتهن فمتعلق بذمة الراهن وبالرقبة ، ولأن حق المجني عليه مقدم على حق المالك فأولى أن يتقدم على حق المتوثق وقضية التوجيه الأول أنه لو لم يسقط حق المجني عليه بالموت كما لو كان العبد مغصوبا أو مستعارا أو مبيعا ببيع فاسد أن لا يقدم ، لأنه لو قدم حق المرتهن لم يسقط حق المجني عليه ، فإن له مطالبة الغاصب أو المستعير أو المشتري ، ويرد بأن المعول عليه تقديمه في هذه الصورة أيضا ، وتؤخذ القيمة وتكون رهنا مكانه ، ولو أمره بالجناية سيده وهو مميز لم يؤثر إذنه إلا في الإثم أو غير مميز أو أعجمي يرى وجوب طاعة آمره ، فالجاني هو السيد ولا يتعلق برقبة العبد قصاص ولا مال ، ولا يقبل قول السيد أنا أمرته بالجناية في حق المجني عليه لأنه يتضمن قطع حقه عن الرقبة ، بل يباع العبد فيها وعلى سيده قيمته لتكون رهنا مكانه لإقراره بأمره بالجناية ، وأمر غير السيد العبد بالجناية كالسيد فيما ذكر كما ذكروه في الجنايات وصرح به الماوردي هنا ( فإن اقتص ) منه المستحق في النفس أو غيرها بأن أوجبت الجناية قصاصا ( أو ) ( بيع ) المرهون كله أو بعضه ( له ) أي لحق المجني عليه بأن أوجبت الجناية مالا أو عفي عن مال ( بطل الرهن ) فيما اقتص أو بيع لفوات محله فلو عاد المبيع إلى ملك الراهن [ ص: 292 ] لم يكن رهنا ، وعلم من اقتصاره على القصاص والبيع أنه ولو سقط حق المجني عليه بعفو أو فداء لم يبطل .
حاشية الشبراملسي
( فصل ) في جناية المرهون ( قوله : في جناية المرهون ) أي وما يتبع ذلك مما ينفك به الرهن وتلف المرهون ( قوله : إذا جنى المرهون ) أي كلا أو بعضا كما لو كان المرهون نصفه فقط ، ولا يقال إذا كان غير المرهون يفي بأرش الجناية لم يتعلق حق المجني عليه به لأنا إنما قدمنا المجني عليه لئلا يضيع حقه ، وهو هنا آمن من ذلك ( قوله : على أجنبي ) أي غير السيد وعبده المرهون أخذا مما يأتي في قوله وإن جنى على سيده إلخ ( قوله : تتعلق برقبته ) أي توجب مالا يتعلق برقبته على ما يأتي [ ص: 291 ] وإلا فالتي توجب القصاص لا تبطل الرهن بمجردها كذا ظهر . ويجاب عنه بأن المصنف لم يقل بطل الرهن وإنما قال : قوم المجني وهو شامل للقصاص والمال على ما فصله بعد ( قوله : بدليل أنه ) أي المرهون ( قوله : حقه ) أي المجني عليه ( قوله : المتوثق ) أي المرتهن ( قوله : وقضية التوجيه الأول ) هو قوله : سقط حقه ( قوله : العبد ) أي المرهون وقوله : أن لا يقدم أي المجني عليه ( قوله : كما لو كان العبد مغصوبا ) أي سواء تقدم الغصب على الرهن بأن رهنه لمن يقدر على انتزاعه وقبضه بنفسه أو نائبه من الغاصب ثم استولى عليه الغاصب بعد أو تأخر الغصب عن الرهن ( قوله : ويرد بأن المعول إلخ ) التعويل على ما ذكر لا يصلح ردا على المعترض ، بل إنما يتم الرد عليه لو منع أن مقتضى التعليل ما ذكر فالأولى أن يقال : هو وإن كان قضيته ذلك لكن الحكم إذا كان معللا بعلتين يبقى ما بقيت إحداهما ( قوله : في هذه الصورة ) هي قوله : كما لو كان العبد إلخ ( قوله : وتؤخذ القيمة ) متعلق بقوله فإن له مطالبة الغاصب إلخ ( قوله : إلا في الإثم ) فيحرم عليه ذلك ويكون الحال كما لو جنى بلا إذن من سيده فيتعلق به القصاص أو المال ( قوله : أو غير مميز أو أعجمي يرى وجوب طاعة آمره ) أي فلو اختلف المرتهن والسيد بأن أنكر السيد الأمر أو اعترف به وأنكر كون المأمور غير مميز أو كونه يعتقد وجوب الطاعة ولا بينة وأمكن ذلك ، إما لطول المدة بين الجناية والمنازعة بحيث يمكن حصول التمييز أو زوال العجمة أو حالة تشعر بما ادعاه السيد صدق السيد لأن الأصل تعلق جناية العبد برقبته ولم يوجد مسقط ( قوله : ولا يقبل قول السيد ) أي أو الأجنبي أخذا من قوله الآتي وأمر غير السيد إلخ ( قوله : أنا أمرته ) أي غير المميز ( قوله : في حق المجني ) متعلق بيقبل ( قوله : لأنه ) أي قبول قول السيد ( قوله : حقه ) أي المجني عليه ( قوله : بل يباع العبد ) أي ويكون ثمنه للمجني عليه ، وعليه فلو لم يف ثمنه بأرش الجناية فينبغي مطالبة السيد ببقية الأرش مؤاخذة له بإقراره ( قوله : فإن اقتص منه المستحق ) بنفسه أو بنائبه ( قوله : فيما اقتص ) أي فإن كانت الجناية بالقتل أو بيع كله لاستغراق الإرث الرقبة بطل الرهن أو كانت بغيره كقطع الطرف أو زادت قيمة الجاني على الأرش بطل التوثق فيما فات وبقي في غيره ( قوله : فلو عاد المبيع إلى ملك الراهن ) أي عاد بعد البيع في الجناية بسبب آخر غير ما يتعلق بعقد البيع الحاصل فيما بيع له كأن عاد له بشراء أو إرث أو وصية أو غيرها فإن عاد له بفسخ أو رد بعيب أو إقالة [ ص: 292 ] تبين بقاء حق المجني قياسا على ما يأتي فيما لو عوض المدين الدائن عينا ثم تقايلا فيها فإنه يتبين بقاء الدين وإن كانت الإقالة فسخا وهو إنما يرفع العقد من حينه لا من أصله ( قوله : لم يكن رهنا ) أي فالزائد العائد هنا كالذي لم يعد ، وهذا بخلاف ما مر فيما لو بيعت المستولدة لإعسار السيد وقت الإحبال ثم عادت لملكه فإنه يحكم بالاستيلاد من وقت العود ، ولعل الفرق بينهما أن المستولدة قام بها ما هو سبب للحرية وهو الإيلاد المانع من صحة بيعها ، فلما عادت إلى سيدها زالت الضرورة فعمل بمقتضى السبب ، بخلاف العبد الجاني فإنه لم يقم به ما يوجب تلفه وإنما قام به ما يوجب تقدم المجني عليه بحقه وقد عمل بمقتضاه فاستصحب ( قوله : لم يبطل ) أي الرهن .
حاشية المغربي
. ( فصل ) في جناية المرهون [ ص: 291 ] قوله : فيما اقتص أو بيع ) أي : ما لم تجب قيمته لكونه تحت يد نحو غاصب ; لأنها رهن بدله كما صرح به هنا [ ص: 292 ] الشهاب حج