ويندب شراء العقار له ، بل هو أولى من التجارة عند حصول الكفاية من ريعه كما قاله الماوردي ، ومحله عند الأمن عليه من جور السلطان أو غيره أو خراب للعقار ولم يجد به ثقل خراج وله السفر بمال المولى عليه لنحو صبا أو جنون في زمن أمن صحبة ثقة وإن لم تدع له ضرورة من نحو نهب ; إذ المصلحة قد تقتضي ذلك إلا في نحو بحر إن غلبت السلامة ; لأنه مظنة عدمها .
أما الصبي فيجوز إركابه البحر [ ص: 376 ] عند غلبتها خلافا للإسنوي ويفارق ماله بأنه إنما حرم ذلك في المال منافاته غرض ولايته عليه في حفظه وتنميته بخلافه هو كما يجوز إركاب نفسه ، والصواب كما قاله الأذرعي عدم تحريم إركاب البهائم والأرقاء والحامل عند غلبة السلامة ( ويبني دوره ) ومساكنه ( بالطين والآجر ) أي الطوب المحرق ; لأن الطين قليل المؤنة ، وينتفع به بعد النقض ، والآجر يبقى ( لا اللبن ) وهو ما لم يحرق من الطوب ( والجص ) أي الجبس ; لأن اللبن قليل البقاء وينكسر عند النقض ، والجص كثير المؤنة ولا تبقى منفعته عند النقض بل يلصق بالطوب فيفسده ، وتعبيره كأصله في الجص بالواو بمعنى أو ففيها دلالة على الامتناع في اللبن سواء أكان مع الطين أم الجص ، وعلى الامتناع في الجص سواء أكان مع اللبن أم الآجر وهو كذلك ، ولفهم المنع فيما عداهما ، والمجنون والسفيه كالصبي فيما ذكر ، وما ذكره من قصر البناء على الآجر والطين هو ما نص عليه nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي وجرى عليه الجمهور ، وهو المعتمد ، وإن اختار كثير من الأصحاب جواز البناء على عادة البلد كيف كان ، واختاره الروياني واستحسنه الشاشي .
قال في البيان بعد حكاية ما مر عن النص : وهذا في البلاد التي يعز فيها وجود الحجارة ، فإن كان في بلد توجد الحجارة فيه فهي أولى من الآجر ; لأن بقاءها أكثر وأقل مؤنة ، وما اشترطه ابن الصباغ في جواز البناء للمحجور عليه أن يساوي كلفته ، وبه صرح في البيان فيه كما قال بعضهم : منع للبناء ; لأن مساواته لكلفته في غاية الندور وكما يجوز بناء عقاره يجوز ابتداء بنائه له .
نعم محله إن لم يكن شراؤه أحظ كما نبه عليه بعض أهل اليمن ، وقال ابن الملقن : إنه فقه ظاهر .
حاشية الشبراملسي
( قوله : واستنماؤه إلخ ) فلو ترك استنماؤه مع القدرة عليه وصرف ماله عليه في النفقة فهل يضمنه أو لا ؟ فيه نظر ، وقياس ما يأتي فيما لو ترك عمارة العقار حتى خرب الضمان ، وقد يفرق بأن ترك العمارة يؤدي إلى فساد المال ، وترك الاستنماء إنما يؤدي إلى عدم التحصيل وإن ترتب عليه ضياع المال في النفقة
( قوله : لتخليص الباقي ) أي وإن كان ما يبذله كثيرا بحيث يكون التفاوت بينه وبين ما يسترجعه من الظالم قليلا
( قوله : كما يستأنس لذلك ) لم يقل ويستدل لذلك إلخ ; لأن شرع من قبلنا ليس شرعا لنا ، وإن ورد في شرعنا ما يقرره
( قوله : في زمن أمن ) مفهومه أنه لو احتمل تلفه في السفر امتنع عليه ، وفي سم على منهج فيه تردد فليراجع ، والأقرب المفهوم المذكور حيث قوي جانب الخوف
( قوله : وإن غلبت السلامة ) [ ص: 376 ] ظاهره ولو تعين طريقا وهو كذلك حيث لم تدع ضرورة إلى السفر به ( قوله : عند غلبتها ) أي السلامة
( قوله : إركاب البهائم ) أي التي لغير الصبي البحر
( قوله : على عادة البلد ) الوجه جواز اتباعها عند المصلحة ا هـ م ر ا هـ سم على حج .
ومثله على منهج قال حج : وهو الأوجه مدركا ، ويمكن حمل كلام الشارح على ما إذا لم تقتض المصلحة الجري على عادة البلد فلا تنافي بين كلامه هنا وما نقله عنه سم