( ويبرأ بالحوالة المحيل عن دين المحتال ، والمحال عليه عن دين المحيل ويتحول حق المحتال إلى ذمة المحال عليه ) بالإجماع ; لأن هذا فائدتها ، وفهم منه ما مر من عدم انتقال صفة التوثق [ ص: 427 ] لأنها ليست من حق المحتال ، ولو أحال من له دين على ميت صحت كما في المطلب كالبيان وغيره وهو المعتمد ولو لم تكن له تركة فيما يظهر وقولهم : الميت لا ذمة له : أي بالنسبة للالتزام لا للإلزام ولا يشكل بأن من أحال بدين به رهن انفك الرهن ; لأن ذاك في الرهن الجعلي لا الشرعي كما لا يخفى ; إذ التركة إنما جعلت رهنا بدين الميت نظرا لمصلحته فالحوالة عليه لا تنفيه ، أو على تركة قسمت أولا لم تصح كما قاله كثيرون ، وإن خالف في ذلك بعض المتأخرين ; لأن الحوالة لم تقع على دين بل على عين هي التركة ، ومن ثم لو كانت للميت ديون لم تصح أيضا في أوجه احتمالين حكاهما الزركشي لانتقالها للوارث ، وعليه الوفاء .
نعم إن تصرف في التركة صارت دينا عليه فتصح الحوالة عليه ، [ ص: 428 ] وفيما إذا أحال على الميت لكل من المحيل والمحتال إثبات الدين عليه .
أما الأول فلأنه مالك الدين .
وأما الثاني فلأنه يدعي مالا لغيره منتقلا منه إليه فهو كالوارث فيما يدعيه من ملك مورثه فعلم صحة ما أفتى به الوالد رحمه الله تعالى أن المحيل لو مات بلا وارث فادعى المحتال أو وارثه على المحال عليه أو على وارثه بالدين المحال به فأنكر دين المحيل ومعه به شاهد واحد حلف معه المحتال أن دين محيله ثابت في ذمة الميت ، ويجب تسليمه إلى من تركته أو ثابت في ذمته ، ولا أعلم أن محيلي أبرأه قبل أن يحيلني ، ويسمع قول المحال عليه : إن الدين انتقل لغائب قبل الحوالة فيحلف المحتال على نفي العلم إن لم يقم المحال عليه بينة بما ذكره .
حاشية الشبراملسي
( قوله : ولو أحال من له دين على ميت صحت ) ويتعلق الدين المحال به على الميت بتركته إن كانت ، وإلا فهو باق بذمته ، فإن تبرع به أحد عنه برئت ذمته ، وإلا فلا .
قال : ولو أحال على مال الوقف لم يصح كما لو أحال على التركة ; لأن شرط الحوالة أن تكون على شخص مدين إلى آخر ما قاله انتهى .
أقول : قوله بل أذن في القبض قضيته أنه ليس لصاحب الوظيفة مخاصمة الساكن المسوغ عليه ولا تسمع دعواه ، وقوله والناظر ذمته بريئة يؤخذ منه أنه لو أخذ الناظر ما يستحقه المستحق في الوقف : أي وتصرف فيه لنفسه صحت الحوالة عليه سم
( قوله : ولو لم تكن له تركة ) أي ويلزم الحق ذمته ( قوله : وقولهم ) مبتدأ خبره أي ( قوله ولا يشكل ) أي تعلقه بتركته ، المفهوم من قوله : ولو لم تكن له تركة ( قوله : لا تنفيه ) أي لا تنفي التعلق ( قوله : نعم إن تصرف ) أي الوارث
( قوله : عليه ) [ ص: 428 ] أي الوارث
( قوله : إثبات الدين ) أي حيث أنكره الوارث
( قوله : فلأنه مالك الدين ) أي في الأصل
( قوله : ومعه ) أي المحتال ( قوله : إن الدين انتقل ) أي بحوالة مثلا
حاشية المغربي
. [ ص: 427 ] قوله : لأنها ليست من حق المحتال ) قال الشهاب سم : هذا يقتضي أن المخرج لحق التوثق التعبير بالحق ، وفي إخراجه بذلك بحث ويظهر أن المخرج له قوله : إلى ذمة المحال عليه ا هـ .
وكأن وجه البحث منع إطلاق أن صفة التوثق ليست من حق المحتال إذا كان له حق التوثق أيضا كأن كان بدينه رهن فليتأمل . ( قوله : ولو أحال من له دين إلخ ) يصح جعل من مفعولا وعلى ميت متعلقا بأحال والفاعل ضمير أحال ، ويصح أن يكون من فاعلا فعلى ميت وصف لدين لكن الأول أولى لقلة التقدير . ( قوله : لا للإلزام ) أي لا لأن لا يلزمها الغير . ( قوله : ولا يشكل ) يعني بقاء التركة مرهونة بدين المحتال وكان عليه أن يذكره قبل الإشكال . ( قوله : ومن ثم لو كانت للميت ديون إلخ ) عبارة التحفة : ومن ثم لو كان للميت ديون فللزركشي احتمالات أوجهها عدم الصحة أيضا ا هـ .
والشارح رحمه الله تعالى تصرف فيها بما ذكره فلم يصح له الاستنتاج . ( قوله : نعم إن تصرف إلخ ) أي : بأن حدث دين المحيل بعد التصرف بنحو رد بعيب وإلا فالتصرف باطل كما يعلم مما يأتي في الفرائض ، ويجوز أن يكون مراده بالتصرف التصرف تعديا [ ص: 428 ] قوله : مالك الدين ) أي في الأصل كما صرح به حج ( قوله : أن المحيل لو مات بلا وارث ) قضيته أن المحتال لا يحلف مع وجود المحيل أو وارثه فليراجع