( فإن وكله ليبيع مؤجلا وقدر الأجل فذاك ) أي فبيعه بالأجل المقدر ظاهر ، وله النقص ما لم ينهه عنه أو يترتب عليه ضرر كأن يكون لحفظه مؤنة : أي أو يترتب خوف كنهب قبل حلوله كما هو ظاهر أو عين له المشتري كما بحثه الإسنوي لظهور قصد المحاباة كما يؤخذ مما يأتي في تقدير الثمن ( وإن أطلق ) الأجل ( صح ) التوكيل ( في الأصح وحمل ) الأجل ( على المتعارف ) بين الناس ( في مثله ) أي المبيع في الأصح أيضا لأنه المعهود ، فإن لم يكن عرف راعى الأنفع لموكله ثم يتخير نظير ما مر .
ويشترط الإشهاد قياسا على عامل القراض كما صرح به القاضي [ ص: 35 ] وبيان المشتري إن لم يعرفه الموكل وإلا ضمن وإن نسي وليس له قبض الثمن بعد حلوله إلا إن نص له عليه أو دلت عليه قرينة ظاهرة كما قاله جمع كأن أذن له في السفر لبلد بعيد والبيع فيها بمؤجل ، ومقابل الأصح عدم الصحة لاختلاف الغرض بتفاوت الأجل طولا وقصرا ( ولا يبيع لنفسه ) وإن نص له على ذلك وقدر الثمن ونهاه عن الزيادة خلافا لابن الرفعة ودعواه جواز اتحاد الطرفين عند انتفاء التهمة بعيد من كلامهم إذ علة منع الاتحاد ليست التهمة بل عدم انتظام الإيجاب والقبول من شخص واحد ، وخرج عن ذلك الأب لعارض فبقي من عداه على المنع ( وولده الصغير ) أو المجنون أو السفيه ولو مع ما مر لئلا يلزم تولي الطرفين ، ومن ثم لو أذن في إبراء أو إعتاق من ذكر صح لانتفاء التولي ولأنه حريص طبعا وشرعا على الاستقصاء لموكله فتضادا وأخذ من ذلك أنه عند انتفائهما بأن كان ولده في ولاية غيره وقدر الموكل الثمن ونهاه عن الزيادة جاز البيع له إذ لا تولي ولا تهمة كما أفهمه كلام المصنف في تعليقه [ ص: 36 ] على التنبيه وهو ظاهر ، ولو وكله ليهب من نفسه لم يصح لما مر أو في تزويج أو استيفاء حد أو قصاص أو دين من نفسه فكذلك ، ومقتضاه منع توكيل السارق في القطع ، وبه صرح في الروضة هنا لكن صرحوا في باب استيفاء القود بخلافه ، وجمع البلقيني بينهما بحمل ما هنا على حالة وما هناك على أخرى ، وهو الأوجه كما سيأتي بيانه ثم إن شاء الله تعالى ، ويصح توكيله في إبراء نفسه بناء على عدم اشتراط القبول فيه وفي إعتاقها والعفو عنها من قصاص أو حد قذف
حاشية الشبراملسي
( قوله : ليبيع مؤجلا ) هل له البيع حالا حينئذ ينبغي نعم إلا لغرض ا هـ سم على حج ( قوله : لظهور قصد المحاباة ) يؤخذ منه أن الكلام فيما إذا دلت القرينة على قصد المحاباة وإلا جاز له النقص عن الأجل والزيادة على الثمن المعين وإن كان المشتري معينا ( قوله : نظير ما مر ) أي في تعدد النقدين ( قوله : ويشترط الإشهاد ) سكت عن الرهن ا هـ سم على حج . أقول : والظاهر أنه لا يشترط لأن ذلك قد يؤدي لامتناع البيع ، إذ الغالب عدم رضا المشتري به ، وعليه فلعل [ ص: 35 ] الفرق بين هذا وبين بيع الولي مال المولى عليه حيث اشترط فيه الرهن الاحتياط لمال المولى عليه ، وأفهم قوله يشترط إلخ أنه لو لم يشهد لم يصح البيع ، فظاهره أنه لو لم تكن الشهود حاضرة وقت البيع لم يصح العقد وإن أشهد فيما بعد ، وعبارة حج : ويلزمه الإشهاد وبيان المشتري حيث باع بمؤجل وإلا ضمن ا هـ . وهو محتمل للإثم بترك الإشهاد مع صحة العقد والضمان ، ومن ثم كتب عليه سم : ليس فيه إفصاح بصحة البيع أو فساده عند ترك الإشهاد ا هـ .
وسيأتي بما فيه ، وكتب أيضا قوله ويشترط الإشهاد وينبغي رجوع هذا ، وقوله وبيان المشتري إلخ لما لو باع بمؤجل سواء قدر الموكل الأجل أو أطلق ( قوله : وبيان المشتري ) أي كأن يقول الوكيل للموكل : بعته لفلان فلو لم يبينه له كأن قال : بعته لرجل لا أعرفه ضمن ( قوله : وإلا ضمن ) أي القيمة لا البدل فيما يظهر لأنها تغرم للحيلولة . وكتب سم قوله وإلا ضمن ليس فيه إفصاح بصحة البيع أو فساده عند ترك الإشهاد ا هـ سم على حج . أقول : والذي ينبغي أنه شرط لعدم الضمان لا للصحة لأن الإشهاد إنما يكون بعد تمام العقد ، لكن نقل عن شيخنا الزيادي بالدرس اعتماد أنه شرط للصحة وقال خلافا لحج حيث جعله شرطا للضمان ا هـ فليحرر ( قوله : وإن نسي ) أي الوكيل ( قوله : كأن أذن له في السفر ) هو ظاهر إن لم تجر عادة الموكل بالسفر إلى ذلك البلد عن قرب وإلا فينبغي أن لا يقبض إلا بعد مراجعة الموكل ، ويحتمل أن تركه السفر على خلاف العادة كاف في جواز القبض بل وجوبه لأن في تركه ضياعا له وهو لا يرضى به ( قوله : إذ علة منع الاتحاد ) أي فيما ذكر فلا ينافي أن التهمة قد تكون مانعة مع انتفاء تولي الطرفين
( قوله : فبقي من عداه ) شمل الوصي والقيم وناظر الوقف فلا يجوز لهم تولي الطرفين ( قوله : لئلا يلزم تولي الطرفين ) أي لأن الأب إنما يتولى الطرفين في معاملته لنفسه مع موليه أو لموليته وهنا ليس كذلك لأن المعاملة لغيره ، ولا يجوز أيضا أن يوكل وكيلا في أحد الطرفين ويتولى هو الطرف الآخر ، ولا وكيلين في الطرفين أخذا مما يأتي في النكاح أن من لا يتولى الطرفين ليس له أن يوكل وكيلا في أحدهما أو وكيلين فيهما . نعم لو وكل وكيلا عن طفله كما صرحوا به ويتولى هو الآخر لم يبعد جوازه إذا قدر الثمن ، ونهى عن الزيادة إذ لا تهمة ولا تولي الطرفين لأن الوكيل حينئذ نائب طفله لا نائبه كما صرحوا بذلك أيضا فليتأمل ا هـ سم على حج . وينبغي أن مثل توكيله عن طفله ما لو أطلق فيكون وكيلا عن الطفل . وقوله ولا يجوز أيضا أن يوكل وكيلا في أحد الطرفين : أي عن نفسه أو يطلق فلا ينافي قوله الآتي . نعم لو وكل وكيلا إلخ .
وقوله إذا قدر الثمن أقول : لو قيل بعدم اشتراط ذلك لم يكن بعيدا لأن الثمن له مرد شرعي يرجع إليه وهو كونه حالا من نقد البلد فلا حاجة إلى التقدير ( قوله : ومن ثم ) أي من أجل أن العلة تولي الطرفين ( قوله : أو إعتاق ) ومثل ذلك ما لا يترتب عليه تولي الطرفين ، ومن ذلك ما يأتي من جواز التوكيل في العفو عن نفسه في القصاص وحد القذف
( قوله : من ذكر ) أي من نفسه أو ولده إلخ ( قوله : وشرعا على الاستقصاء لموكله ) عبارة حج : طبعا وشرعا على الاسترخاص له وشرعا على الاستقصاء لموكله ا هـ ( قوله : في ولاية غيره ) أي لفسق أبيه مثلا ( قوله : وقدر الموكل الثمن ) أفهم أنه لو لم يقدر الثمن أو قدر ولم ينهه عن [ ص: 36 ] الزيادة لا يجوز البيع له ، وهو مشكل بأن العلة في امتناع بيعه لمن هو في ولايته تولي الطرفين ، وهو منتف هنا كما ذكره الشارح بقوله : إذ لا تولي ولا تهمة وبأنه يجوز بيعه لأبيه وابنه البالغ وإن لم يقدر الثمن ولم ينهه عن الزيادة ولا نظر للتهمة في ذلك ، اللهم إلا أن يقال : إن التهمة مع صغر الولد أو جنونه أقوى منها في الأب والابن الكبير لما جرت به العادة من زيادة الحنو من الأب على ابنه الصغير أو المجنون فليتأمل . ثم رأيت سم على منهج صرح بالفرق المذكور ( قوله : أو قصاص ) لعل العلة في ذلك عدم حصول المقصود من التشفي للمستحق مع أنه في إقامة الحد على نفسه قد يأتي بما لا يحصل به ما هو مقصود الحد شرعا مما يحصل الألم للمحدود والعلة في التزويج واستيفاء الدين من نفسه تولي الطرفين
( قوله : ويصح توكيله في إبراء ) هذا عين قوله السابق ، ومن ثم لو أذن في إبراء إلخ ( قوله : بناء على عدم اشتراط القبول فيه ) وهو المعتمد ( قوله : وفي إعتاقها ) أي نفسه ، وهذه علمت من قوله قبل أو إعتاق من ذكر إلخ
حاشية المغربي
[ ص: 34 ] ( قوله : ويشترط الإشهاد إلخ ) عبارة التحفة : ويلزمه الإشهاد إلخ ، ومر في البيع أنه لو شرط عليه الإشهاد كان شرطا للصحة .