نعم للوارث تحليف المقر له على الاستحقاق ، فإن نكل حلف وبطل الإقرار كما أفتى بذلك الوالد رحمه الله تعالى خلافا للقفال ، ويؤيد ما قررناه قولهم تتوجه اليمين في كل دعوى لو أقر بمطلوبها لزمته ، وما يأتي في الوارث وكون التهمة فيه أقوى غير مناف توجيه اليمين ( وكذا ) يصح إقراره ( لوارث ) حال الموت بمال وإقرار من لا وارث له سوى بيت المال ، ولو أقر له بنحو هبة مع قبض في الصحة قبل ، فإن لم يقل في الصحة أو قال في عين عرف أنها ملكه : هذه لوارثي نزل على حالة المرض كما يأتي ( على المذهب ) وإن كذبه بقية الورثة أو بعضهم لانتهائه إلى حالة يصدق فيها الكاذب ويتوب الفاجر فالظاهر أنه محق ، وفي قول لا يصح لأنه متهم بحرمان [ ص: 70 ] بعض الورثة .
والطريق الثاني القطع بالقبول ، واختار جمع عدم قبوله إن اتهم لفساد الزمان بل قد تقطع القرائن بكذبه . قال الأذرعي : فلا ينبغي لمن يخشى الله أن يقضي أو يفتي بالصحة ، ولا شك فيه إذا علم أن قصده الحرمان ، وقد صرح جمع بالحرمة حينئذ وأنه لا يحل للمقر له أخذه .
ويجري الخلاف في إقرار الزوجة بقبض صداقها من زوجها في مرض موتها ، ولبقية الورثة تحليف المقر له إن أقر له بحق لازم يلزمه الإقرار به ، فإن نكل حلفوا وقاسموه ، ولا يسقط اليمين بإسقاطهم كما صرح به جمع ، ويصح إقراره بنحو عقوبة أو نكاح جزما وإن أفضى إلى مال ، ولو كان للمريض دين على وارثه ضمن به أجنبي فأقر بقبضه من الوارث لم يبرأ ، وفي الأجنبي وجهان ذكرهما في الجواهر أوجههما براءة الأجنبي ، وقد نظر بعضهم في عدم براءة الوارث والنظر ظاهر إذ هذا لا يزيد على الإقرار له بدين .
حاشية الشبراملسي
( قوله : بمال عين ) أي غير معروفة بالمقر لما سيأتي من أن المعروفة به ينزل الإقرار بها على المريض ( قوله : فإن نكل ) أي المقر له ، وقوله حلف : أي الوارث ، وقوله بذلك : أي الوالد ( قوله : لزمته ) أي الدعوى بمعنى أن ما ادعى به عليه إذا أنكره تتوجه عليه اليمين ; لأنه لو أقر لزمه ما ادعى به عليه ( قوله : وما يأتي ) أي في قوله لانتهائه إلى حالة يصدق فيها الكاذب ، وقوله غير مناف توجيه اليمين : أي وذلك لأنه وإن وصل إلى تلك الحالة يحتمل أن إقراره غير مطابق للواقع ومن ثم قال الشارح فالظاهر أنه محقق ( قوله : وإقرار ) أي في المرض أو غيره ( قوله : على حالة المرض ) أي فيتوقف نفوذه على إجازة باقي الورثة كذا قيل ، والمستفاد من كلام الشارح أنه يكون من رأس المال ولا يتوقف على إجازة لكن على المذهب : فإنه لم يفرق بين الصحة والمرض إلا من حيث إن في الإقرار حال المرض خلافا دون الصحة ، وفيه أنه حيث نزل على المرض والعين معروفة به أشبه ما لو تبرع بها في مرضه للوارث فيتوقف على إجازة بقية الورثة ، هذا وخرج بما ذكره في العين المعروفة من أن الإقرار إذا كان في حالة المرض ينزل عليه ما لو أقر بالعين المذكورة في الصحة فتسلم للمقر له لاحتمال بيعها له أو هبتها منه مع إقباضها أو غير ذلك من طرق التمليك [ ص: 70 ] قوله : واختار جمع عدم قبوله ) أي للوارث في المرض ( قوله لمن يخشى الله أن يقضي ) أي ولو لم يكن في البلد غيره ( قوله : ولا شك فيه ) أي فيما قاله الأذرعي ( قوله : وأنه لا يحل للمقر له أخذه ) أي لكن يقبل ظاهرا ولو حكم به القاضي نفذ حكمه ( قوله : ولا يسقط اليمين بإسقاطهم ) أي فإن أرادوا التحليف بعد الإسقاط مكنوا منه ( قوله : ويصح إقراره ) أي المريض ، وقوله ضمن : أي ضمنه به إلخ ، وقوله فأقر بقبضه : أي المريض ( قوله : لم يبرأ ) أي الوارث ، ذكر حج أن صاحب الجواهر فرعه على عدم صحة الإقرار للوارث ، قال فظنه بعضهم مبنيا على الصحيح فاعترضه مما ليس في محله .
حاشية المغربي
[ ص: 69 - 70 ] قوله : قد تقطع القرائن إلخ ) هذا أول كلام الأذرعي ، فكان ينبغي تقديم قول الشارح قال الأذرعي عليه .
قال الأذرعي عقب ما نقله الشارح عنه : نعم لو أقر لمن لا يستغرق الإرث معه إلا بيت المال ، فالوجه إمضاؤه في هذه الأعصار لفساد بيت المال ، وظاهر كلامهم أنه يقبل إقراره لذوي الأرحام قطعا حيث لا يرثه إلا بيت المال ، ولا يجري فيه الخلاف السابق مع تطرق التهمة ولا بأس به لما ذكرناه ا هـ .
( قوله : وأنه لا يحل للمقر له أخذه ) لا يخفى أن حل الأخذ وعدمه منوط بما في نفس الأمر