( وتجوز إعارة جارية لخدمة امرأة ) لانتفاء المحذور وسيأتي في النكاح حرمة نظر كافرة لما لا يبدو في المهنة من مسلمة فيمتنع إعارتها لها في الحالة المذكورة ( أو ) ذكر ( محرم ) للجارية لانتفاء المحذور ، ومثل المحرم مالكها بأن يستعيرها من مستأجر ، وكذا من موصى له بالمنفعة إن كانت ممن لا تحبل لجواز وطئه حينئذ بخلاف من تحبل لأنها قد تلد فتكون منافع ولده للموصى له ، أو زوج ويضمنها كما قاله ابن الرفعة ولو في بقية الليل إلى أن يسلمها لسيدها أو نائبه لانتفاء المحذور ، بخلاف إعارتها لأجنبي ولو شيخا أو مراهقا أو خصيا لخدمته وقد تضمنت نظرا وخلوة محرمة ولو باعتبار المظنة فيما يظهر ، بخلاف ما إذا لم تتضمن ذلك ، وعليه يحمل كلام الروضة ، وفي معنى المحرم ونحوه الممسوح قال الإسنوي وغيره : وسكتوا عن إعارة العبد للمرأة وهو كعكسه بلا شك ، ولو كان [ ص: 123 ] المستعير أو المعار خنثى امتنع احتياطا ، والمفهوم من الامتناع فيه وفي الأمة الفساد كالإجارة للمنفعة المحرمة ، وهو ما بحثه في الروضة في صورة الأمة واستشهد عليه بإطلاق الجمهور نفي الجواز وهو المعتمد ، وقضية كلام الروضة وجوب الأجرة في الفاسدة وهو كذلك ، وقدمت في الرهن ما يعلم منه أنه لا يخالف ذلك قولهم : إن فاسد العقود كصحيحها في الضمان وعدمه ، وإن زعم المخالفة بعض المتأخرين ، وتجوز إعارة صغيرة وقبيحة يؤمن من الأجنبي على كل منهما لانتفاء خوف الفتنة كما ذكره في الروضة وهو الأصح خلافا للإسنوي في الثانية ، والأوجه أنه يلحق بالمشتهاة الأمرد الجميل ولو لمن لم يعرف بالفجور وإن أوهم كلام الزركشي تقييد المنع بمن عرف به ، وإنما جاز إيجار حسناء لأجنبي والإيصاء له بمنفعتها لأنه يملك المنفعة فينقلها لمن شاء ، والمعير لا يعير فينحصر استيفاؤه بنفسه : أي أصالة حتى لا ينافي ما مر من جواز إنابته .
حاشية الشبراملسي
( قوله : حرمة نظر كافرة ) في حج أن مثلها الفاسقة بفجور أو قيادة ا هـ .
وفي عدم ذكر الشارح للفاسقة إشارة إلى أنها ليست كالكافرة فيجوز لها النظر كالعفيفة ( قوله : فتكون منافع ولده للموصى له ) فهو نوع من الإرقاق كذا قاله شارح وهو غفلة عما يأتي في الوصية بالمنافع أن المالك إذا أولدها يكون الولد حرا وتلزمه قيمته ليشتري بما مثله ، وأن حرمة وطئها إن كانت ممن تحبل ليست لذلك بل لخوف الهلاك أو النقص والضعف أو زوج إلخ حج .
وقد يقال : حيث كانت الحرمة لما ذكر كان القياس جوازه عند إذن الموصى له بالمنفعة لرضاه بإتلافها على نفسه ، وقضية إطلاقه خلافه ( قوله : أو زوج ) عطف على محرم وهل تسقط نفقتها عنه أم لا ؟ فيه نظر ، والأقرب الثاني لتمكنه من التمتع بها أي وقت أراده ، وبفرض استخدامها في وقت يريد التمتع بها فيه فهو المفوت للمنفعة على نفسه ، ولو طلقها ينبغي أن يقال : إن كان استعارها لخدمة نفسه بطلت العارية ، كما لو استعار أمة أجنبية بل هذه أولى لما بينهما من الألفة السابقة ، وإن استعارها لتربية ولده مثلا لا تبطل حيث لم يكن في الانتفاع بها فيما استعارها له خلوة محرمة ولا نظر ، وما تقدم من سقوط النفقة ظاهر إن تمتع بها وأعرض عن العارية ، أما لو تمتع بها ملاحظا العارية فالأقرب الأول لأنها مسلمة عن جهة العارية ، ويمكن أن يحمل على هذا ما نقل بالدرس عن الزيادي من أنها لا نفقة لها لأنه إنما تسلمها عن العارية ( قوله : وعليه يحمل كلام الروضة ) نعم لامرأة خدمة مريض منقطع أي بأن لم يجد من يخدمه ولسيد أمة إعارتها لخدمته ا هـ حج .
ومثله عكسه كإعارة الذكر لخدمة امرأة منقطعة ، ويجوز لكل منها النظر بقدر الضرورة إن احتيج إليه [ ص: 123 ] أخذا مما قالوه في نظر الطبيب للمرأة الأجنبية وعكسه ( قوله : أنه لا يخالف ذلك قولهم إلخ ) أي لأن كلامهم مفروض في حكم الأعيان التي لا تعدي فيها فتخرج بها المنافع والاستئجار من غاصب مثلا ، وحينئذ فالمقبوضة بالإعارة الفاسدة إن تلفت باستعمال المأذون فيه لم تضمن ، وإن تلفت بغيره ضمنت عملا بالقاعدة المذكورة ، وأما منفعتها فمضمونة مطلقا ، ولا يلزم من تشبيه الفاسد بالصحيح عدم الضمان لما ذكره الشارح ، على أن حج قال بعدم الضمان للمنفعة كالعين ، والكلام فيما إذا وضع يده بإذن ممن يعتد بإذنه ، فإن قبض ممن لا يعتد بإذنه كالمحجور عليه لسفه ضمن مطلقا ( قوله : وتجوز إعارة صغيرة وقبيحة ) لعل قياس ذلك جواز إعارة القن الأجنبي وإن لم يكن صغيرا ولا قبيحا من صغيرة أو قبيحة مع الأمن المذكور ا هـ سم على حج ( قوله : ولو لمن لم يعرف بالفجور ) قيده حج بما إذا كانت الإعارة لخدمة ضمنت خلوة أو نظرا محرما ا هـ .
حاشية المغربي
( قوله : لأنها قد تلد فتكون منافع ولده للموصى له ) هذا قد تبع فيه الشارح ما كان في التحفة أولا ، إلا أن الشهاب حج ألحق عقب هذا ما نصه : كذا قال شارح وهو غفلة عما يأتي في الوصية بالمنافع أن المالك إذا أولدها يكون الولد حرا وتلزمه قيمته ليشتري بها مثله ، وأن حرمة وطئها إن كانت ممن تحبل ليست لذلك بل لجواز الهلاك أو النقص أو الضعف ا هـ . نبه على ذلك سم ( قوله : أو زوج ) معطوف على مالكها [ ص: 123 ] قوله : وتجوز إعارة صغيرة وقبيحة إلخ ) صريح الإطلاق هنا ، وتقييد المنع فيما مر في غير الصغيرة ، والقبيحة بما إذا تضمن نظرا أو خلوة محرمة أنه تجوز إعارة القبيحة وإن تضمنت نظرا أو خلوة محرمة ، ولا يخفى ما فيه ، وفي التحفة أنهما وغيرهما سواء في التقييد المذكور ، وفي بعض نسخ الشارح مثله كما هو منقول عن الشارح في بعض الهوامش فليراجع