( وغيره ) أي الحيوان من الأموال ( مثلي ومتقوم ) بكسر الواو وقيل بفتحها ( والأصح أن المثلي ما حصره كيل أو وزن ) إن أمكن ضبطه بأحدهما وإن لم يعتد فيه ( وجاز السلم فيه ) فما حصره عد أو زرع كحيوان وثياب متقوم وإن جاز السلم فيه والمعجونات والجواهر ونحوها وكل ما مر مما يمتنع السلم فيه متقوم وإن حصره وزن أو كيل ، إذ المانع من ثبوته في الذمة بعقد السلم مانع من ثبوته فيها بالتعدي .
ولا يرد عليه خل التمر فإنه متقوم مع حصره بأحدهما ، وصحة السلم فيه لأنا نمنع حصره بذلك إذ الماء الذي به صيره مجهولا كذا قيل ، والمعتمد أنه مثلي ولا بر اختلط بشعير فهو مثلي مع عدم صحة السلم فيه فيجب إخراج القدر المحقق من كل منهما ، فقد قال الزركشي بمنع رد مثله لأنه بالاختلاط انتقل من المثلي إلى المتقوم للجهل بقدر كل منهما . قلت : وكلامهم مصرح به حيث شرطوا في المثلي صحة السلم فيه ، فعليه لا إيراد على أن إيجاب رد المثل غير مستلزم كونه مثليا كما يجب رد مثل المتقوم في القرض ، ومعيب حب أو غيره تجب قيمته كما أفتى به nindex.php?page=showalam&ids=12795ابن الصلاح [ ص: 162 ] مع صدق حد المثلي عليه . على أنه يمكن منع صدقه عليه بأنه لا يصح السلم فيه بوصف العيب لعدم انضباطه ( كماء ) ولو حارا كما نقل في الكفاية عن الإمام جواز بيع الماء المسخن بعضه ببعض ، وإن ذهب في المطلب إلى كون الحار متقوما لدخول النار فيه . قال الأذرعي : وهذا يطرق غيره من المائعات ، ولو ألقى حجرا محمى في ماء برد في الصيف فزال برده ففيه أوجه ، أوجهها كما أفتى به الوالد رحمه الله تعالى لزوم أرش نقصه .
وهو ما بين قيمته باردا وحارا حينئذ ( وتراب ) ورمل ( ونحاس ) بضم أوله أشهر من كسره وحديد وفضة ( وتبر ) وهو ذهب المعدن الخالص عن ترابه ( ومسك ) وعنبر ( وكافور ) وثلج وجمد ( وقطن ) ولو بحبه كما ذكره الرافعي ولم يستحضره ابن الرفعة فبحث خلافه وصوف وإن نقل عن nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي ما يوهم توقفه في مثليته حيث قال : يضمن بالمثل إن كان له مثل لإمكان حمله على فقد المثل حسا أو شرعا ( وعنب ) وسائر الفواكه الرطبة كما صححه في الشرح والروضة هنا وهو المعتمد وإن صحح في الزكاة نقلا عن الأكثرين تقوم العنب والرطب ( ودقيق ) كما في الروضة هنا ونخالة كما في فتاوى nindex.php?page=showalam&ids=12795ابن الصلاح ، وحبوب وأدهان وسمن ولبن ومخيض وخل وبيض وصابون وتمر وزبيب ودراهم خالصة أو مغشوشة ومكسرة أو سبيكة ( لا غالية ومعجون ) لاختلاف أجزائهما مع عدم انضباطها ( فيضمن المثلي بمثله ) ما لم يتراضيا على قيمته لأنه أقرب إلى حقه ، فإن خرج المثلي عن القيمة كما لو أتلف ماء بمفازة ثم اجتمعا بمحل لا قيمة للماء فيه أصلا لزمه قيمته بمحل الإتلاف ، بخلاف ما إذا بقيت له قيمة ولو تافهة لأن الأصل المثل فلا يعدل عنه إلا حيث زالت ماليته من أصلها وإلا فلا ، كما لا نظر عند رد العين إلى تفاوت الأسعار .
وإن كان من جنسه لأنه مختص بالعقود ( تلف ) المغصوب لأن الكلام فيه ( أو أتلف ، فإن تعذر ) المثل حسا كأن لم يوجد بمحل الغصب ولا حواليه كما مر نظيره في السلم أو شرعا ( كأن لم يوجد المثل ) فيما ذكر إلا بأكثر من ثمن المثل ( فالقيمة ) هي الواجب إذ هو الآن كما لا مثل له ( والأصح ) فيما لو كان المثل موجودا عند التلف فلم يسلمه حتى فقده كما صرح به أصله ( أن المعتبر أقصى قيمه ) أي المثل كما صححه السبكي وهو ظاهر كلام الأصحاب ، وجزم به في التنبيه وجرى عليه جماعة ، ويؤيده تصحيحهم أقصى القيم من الغصب إلى الإعواز ، خلافا لبعض المتأخرين القائل بأن المراد المغصوب لأن [ ص: 164 ] المغصوب بعد تلفه لا تعتبر الزيادة الحاصلة فيه بعد التلف ( من وقت الغصب إلى تعذر المثل ) لأن وجود المثل كبقاء المغصوب بعينه لكونه كان مأمورا برد المغصوب ، فإن لم يفعل غرم أقصى قيمه في تلك المدة ، إذ ما من حالة إلا وهو مطالب بردها فيها . أما لو كان المثل فيها مفقودا عند التلف فيجب الأكثر من الغصب إلى التلف ومقابل الأصح عشرة أوجه : الوجه الثاني يعتبر الأقصى من الغصب إلى التلف . والثالث من التلف إلى التعذر . والرابع الأقصى من الغصب إلى تغريم القيمة والمطالبة بها . والخامس الأقصى من انقطاع المثل إلى المطالبة .
والسادس الأقصى من التلف إلى المطالبة . والسابع الاعتبار بقيمة اليوم الذي تلف فيه المغصوب . والثامن بقيمة يوم الإعواز . والتاسع بقيمة يوم المطالبة . والعاشر إن كان منقطعا في جميع البلاد فالاعتبار بقيمة يوم الإعواز وإن فقد في تلك البقعة فالاعتبار بيوم الحكم بالقيمة .
حاشية الشبراملسي
( قوله : وقيل بفتحها ) فيه تأمل ا هـ سم على حج . ولعل وجه التأمل أن " تقوم " لازم لأنه مطاوع قومه والوصف من اللازم إنما هو اسم فاعل والمفعول منه لا يكون إلا بالصلة ، وليس المعنى هنا على تقديرها ( قوله : وإن لم يعتد فيه ) عبارة سم على منهج : قوله أو وزنا ينبغي شرعا وإلا فالثياب يمكن وزنها تأمل ا هـ . أقول : قوله شرعا لعل المراد ما جرت به عادة أهل الشرع فيه بمثله ، وإلا فالثياب إذا بيعت وزنا لا تمتنع شرعا ( قوله : مع حصره بأحدهما ) أي الكيل والوزن ( قوله : والمعتمد أنه مثلي ) خلافا لحج ( قوله : فهو مثلي ) توجيه للإيراد ( قوله : فيجب إخراج القدر المحقق من كل منهما ) أي ويصدق الغاصب في قدر ذلك إذا اختلفا فيه لأنه الغارم ، ويحتمل وهو الظاهر أن يقال : يوقف الأمر إلى الصلح لأن محل تصديق الغارم إذا اتفقا على شيء واختلفا في الزائد ، وما هنا ليس كذلك ( قوله : فقد قال الزركشي ) توجيه لقوله ولا يرد ( قوله : قلت ) هو من كلام م ر ( قوله : فعليه ) أي كلام الزركشي ( قوله : على أن إيجاب رد المثلي ) هذا قد يقتضي اعتماد كلام الزركشي والذي في المنهج الجزم برد المثل والاقتصار في الجواب على ما ذكره الشارح بقوله على أن إيجاب إلخ ( قوله : ومعيب حب ) [ ص: 162 ] أي ولا يرد معيب إلخ ( قوله : كماء ) أي عذب أو مالح لم تختلف ملوحته ، فإن اختلفت ملوحته فمتقوم لعدم صحة السلم فيه . قوله ولو حارا خلافا لحج ( قوله : وهذا يطرق غيره من المائعات ) أي وقد قالوا فيه إنه مثلي وإن أغلى أيضا سم على منهج ( قوله : في ماء برد ) ينبغي قراءته بضم الراء بوزن سهل فيشمل ما لو كان ذلك بنفسه أو بفعل فاعل ، وفي المختار برد الشيء من باب سهل وبرده غيره من باب نصر فهو مبرود وبرده أيضا تبريدا ( قوله : وحارا حينئذ ) أي فلو رجع بعد صيرورته حارا إلى البرودة لم يسقط الأرش كما في مسائل السمن ونحوه ا هـ سم على منهج في الفصل الآتي . أقول : وقد يقال قياس ما ذكروه في زوال العيب من أنه لا يعد معه نقصانا أن لا ضمان هنا ، وفرق بينه وبين السمن فإن السمن زيادة في العين محققة والحرارة ليست كذلك بل هي مجرد عيب ، وزوال العيب يسقط الضمان ، على أنه سيأتي عنه أيضا أن زيادة القيمة مانعة من طلب المثل .
[ فرع ] قال في العباب : الملاعق المستوية متقومة ، والأصطال المربعة والمصبوبة في قالب مثلية وتضمن بالقيمة ا هـ . ونقل في تجريده هذا الأخير عن المهمات . وقال في التجريد : ذكر الماوردي أن الزيتون متقوم ا هـ سم على منهج . وما ذكره في الزيتون قد يخالفه قول الشارح الآتي وسائر الفواكه الرطبة ، وقوله وتضمن بالقيمة قياس ما سيأتي في الحلي أنه يضمن مثل النحاس وقيمة الصنعة من نقد البلد ( قوله : وسائر الفواكه الرطبة إلخ ) دخل فيه الزيتون ، وقد ذكرنا عن التجريد ما يخالفه ، والظاهر الدخول أخذا من قولهم في باب الربا بجواز بيع بعضه ببعض ، وأن ما فيه دهنية لا مائية فجواز السلم فيه أولى من بيع بعضه ببعض ( قوله : كما صححه في الشرح ) أما التمر والزبيب فمثليان بلا خلاف ( قوله : وحبوب ) أي ولو حب برسيم وغاسول ( قوله : مع عدم انضباطها ) أي الأجزاء ( قوله لأنه ) أي المثل ( قوله : ولو تافهة ) يؤخذ مما سيأتي عن سم أن هذا فيما لا مؤنة لنقله وإلا وجبت قيمته
( قوله : ومحله إلخ ) [ ص: 163 ] أي فالتفصيل بين أن يبقى له قيمة ولو تافهة وأن لا إنما هو إذا لم يكن لنقله مؤنة وإلا فالواجب القيمة مطلقا م ر ا هـ سم على حج . وقضيته أنه لا نظر لاختلاف الأسعار وهو غير مراد ، ومن ثم صرح في فصل القرض بأن كلا من اختلاف الأسعار والمؤنة عبارة مستقلة ، وعبارة شيخنا الزيادي هنا : المراد بمؤنة النقل ارتفاع الأسعار بسبب النقل ا هـ ( قوله : ضمن المثل ) هو ظاهر في الأولى والثالثة ، بخلاف الثانية فإن كلا من السمسم والشيرج مثلي وليس أحدهما معهودا حتى يحمل عليه ، فلعل المراد ضمن المثل في غير الثانية ويتخير فيها . وعبارة سم على حج : قوله ضمن المثل إلخ عبارة شرح الروض أخذ المالك المثل في الثلاثة مخيرا في الثالث منها : أي ما لو صار المثلي مثليا بين المثلين ا هـ . وهو صريح فيما قلناه ، لكن قضية قول شارح المنهج إلا أن يكون الآخر أكثر قيمة فيضمن به في الثاني أنه إذا صير السمسم شيرجا وكانت قيمة الشيرج أكثر أنه يضمنه شيرجا ، وهو مناف لقوله أيضا والمالك في الثاني مخير بين المثلين إلا أن يحمل الثاني على ما إذا استوت قيمة المثلين والأول مفروض فيما لو زادت قيمة الثاني ، فلا تنافي بين كلاميه لكنه خلاف ما في شرح الروض وكلام الشارح ( قوله : ضمن الوزن بمثله والصنعة إلخ ) ومثله ما لو غصب إناء نحاس وأتلفه فيضمن مثل النحاس وقيمة الصنعة : أي عادة لا ما غرمه على المعتمد ا هـ زيادي . ويدخل في هذا الأسطال المربعة والمصبوبة في قالب ، وتقدم ل سم عن المهمات ما يخالفه ( قوله : لأنه مختص ) أي وما هنا بدل متلف وهو ليس مضمونا بعقد ( قوله : ولا حواليه ) أي فيما دون مسافة القصر كما في الروض ا هـ سم على حج ( قوله إلا بأكثر ) أي وإن قل ( قوله : من الغصب إلى الإعواز ) أي الفقد للمثل ( قوله : خلافا لبعض المتأخرين ) مراده حج ( قوله : بأن المراد المغصوب ) أي أقصى قيم المغصوب [ ص: 164 ] قوله : وهو مطالب بردها ) أي العين ( قوله : أما لو كان المثل ) محترز قوله فيما لو كان المثل موجودا ( قوله : عشرة أوجه ) الأولى من عشرة أوجه فيكون الأصح أحدها لأن ما ذكر أنه مقابل تسعة فقط .
حاشية المغربي
( قوله : وقيل بفتحها ) قال الشهاب سم : فيه تأمل ا هـ . ولعل وجهه أن اسم المفعول لا يصاغ من قاصر . ( قوله : ولا بر اختلط ) عبارة التحفة : وبر اختلط بشعير مثلي مع عدم صحة السلم فيه فيجب إخراج القدر المحقق من كل منهما كذا قاله الإسنوي وتبعه جمع ، لكن قال الأذرعي : إنه عجيب ، ومن ثم قال الزركشي : وقد يمنع رد مثله إلخ ، فقوله : وبر اختلط بشعير مثلي مبتدأ وخبر ، [ ص: 162 ] وبتأمل عبارة التحفة يعلم ما في كلام الشارح ( قوله : وبيض ) الجمع فيه معتبر ; لأن البيضة الواحدة متقومة [ ص: 163 ] قوله : كما لو نقل المالك برا من مصر إلخ ) هذا عين قول المصنف الآتي ولو ظفر بالغاصب في غير بلد التلف إلخ ، وظاهر أن نقل المالك له من مصر لا دخل له في الحكم إذ الحكم كذلك ، وإن لم يحصل النقل المذكور بأن اشتراه مثلا المالك من مكة وغصبه منه آخر هناك كما يعلم من كلام المصنف الآتي ( قوله : ثم غصبه آخر هناك ) أي : وأتلفه هناك ( قوله : ضمن المثل ساوى قيمة الآخر أم لا ) أي : في الأولى والثالثة كما يعلم مما يأتي ( قوله : وأكله ) [ ص: 164 ] ليس بقيد كما يعلم مما يأتي ( قوله : ومقابل الأصح عشرة أوجه الوجه الثاني إلخ ) حق العبارة الوجه الأول ، حتى يوافق كون مقابل الأصح عشرة ليس منها الأصح ، والواقع أنها عشرة كما سردها العلامة الأذرعي ، والشارح أدرج وجهين في وجه وهو الرابع في كلامه . قال العلامة المذكور : وكلها منقولة خلا الأخير فإن ابن الرفعة استنبطه في الكفاية ورجع عنه في المطلب ا هـ .
وعبر الأذرعي عن المطالبة المذكورة في كلام الشارح في أربعة مواضع بالحكم