أما [ ص: 184 ] نماء المغصوب كما لو اتجر الغاصب في المال المغصوب فالربح له ، فلو غصب دراهم واشترى شيئا في ذمته ثم نقدها في ثمنه وربح رد مثل الدراهم عند تعذر رد عينها ، فإن اشترى العين بطل ، ولو غصب أرضا وبذرا من آخر وبذره في الأرض كلفه المالك إخراج البذر منها وأرش النقص ، وإن رضي المالك ببقاء البذر في الأرض امتنع على الغاصب إخراجه ، ولو زوق الغاصب الدار المغصوبة بما لا يحصل منه شيء بقلعه لم يجز له قلعه إن رضي المالك ببقائه وليس له إجباره عليه كما في الروضة خلافا للزركشي كالثوب إذا قصره ( ولو ) ( صبغ ) الغاصب ( الثوب بصبغه وأمكن فصله ) منه بأن لم ينعقد الصبغ به ( أجبر عليه ) أي الفصل وإن خسر كثيرا أو نقصت قيمة الصبغ بالفصل ( في الأصح ) كالبناء والغراس ، وله الفصل قهرا على المالك ، وإن نقص الثوب به لأنه يغرم أرش النقص كما مر نظيره آنفا ، فإن لم يحصل به نقص فكالتزويق ، وحينئذ فلا يستقل الغاصب بفصله ولا يجبره المالك عليه ، ومقابل الأصح لا لما فيه من ضرر الغاصب لأنه يضيع بفصله بخلاف البناء والغراس ، وخرج بصبغه صبغ المالك فالزيادة كلها له والنقص على الغاصب ويمتنع فصله بغير إذن المالك ، وله إجباره عليه مع أرش النقص وصبغ مغصوب من آخر ، فلكل من مالكي الثوب والصبغ تكليفه فصلا أمكن مع أرش النقص ، فإن لم يمكن فهما في الزيادة والنقص كما في قوله : ( وإن لم يمكن ) فصله لتعقده ( فإن لم تزد قيمته ) ولم تنقص بأن كان يساوي عشرة قبله وساواها بعده مع أن الصبغ قيمته خمسة لا لانخفاض سوق الثياب بل لأجل الصبغ ( فلا شيء للغاصب فيه ) ولا عليه ، إذ غصبه كالمعدوم حينئذ ( وإن نقصت ) قيمته بأن صار يساوي خمسة ( لزمه الأرش ) لحصول النقص بفعله ( وإن زادت ) قيمته بسبب العمل والصنعة ( اشتركا فيه ) أي الثوب هذا بصبغه ، وهذا بثوبه [ ص: 185 ] أثلاثا ، ثلثاه للمغصوب منه وثلثه للغاصب .
أما إذا زاد سعر أحدهما فقط بارتفاعه فالزيادة لصاحبه ، وإن نقص عن الخمسة عشر قيمتهما كأن ساوى اثني عشر ; فإن كان النقص بسبب انخفاض سعر الثياب فهو على الثوب ، أو سعر الصبغ أو بسبب الصنعة فعلى الصبغ ، قاله في الشامل والتتمة ، وبهذا أعني اختصاص الزيادة عن ارتفاع سعر ملكه يعلم أنه ليس معنى اشتراكهما كونه على وجه الشيوع بل هذا بثوبه ، وهذا بصبغه ، ولو بذل صاحب الثوب للغاصب قيمة الصبغ ليتملكه لم يجب إليه أمكن فصله أم لا ، ولو أراد أحدهما الانفراد ببيع ملكه لثالث لم يصح ، إذ لا ينتفع به وحده كبيع دار لا ممر لها .
نعم لو أراد المالك بيع الثوب لزم الغاصب بيع صبغه معه لأنه متعد فليس له أن يضر بالمالك ، بخلاف ما لو أراد الغاصب بيع صبغه لا يلزم مالك الثوب بيعه معه لئلا يستحق المتعدي بتعديه إزالة ملك غيره ، ولو طيرت الريح ثوبا إلى مصبغة آخر فانصبغ فيها اشتركا في المصبوغ مثل ما مر ولم يكلف أحدهما البيع ولا الفصل ولا الأرش وإن حصل نقص إذ لا تعدي
حاشية الشبراملسي
( قوله : فإن اشترى بالعين بطل ) أي والزيادة للبائع ، فإن جهل كان ذلك من الأموال الضائعة وأمرها لبيت المال ، وسيأتي في قوله ولغيره أخذها ليعطيها للمستحق ما يفيد أن الغاصب إن غرم مثل الدراهم المغصوبة لصاحبها جاز له أن يأخذ من هذا المال ما يساوي ما غرمه من باب الظفر ويحصل به مثل حقه إن لم يكن من جنسه ( قوله : ولو غصب أرضا ) أي من شخص ( قوله : إن رضي المالك ) أي للأرض والبذر ( قوله كالثوب إذا قصره ) قد يفرق بينه وبين الثوب بتعذر زوال القصارة منها ، بخلاف الزواق فالأولى تكليفه إزالته كإعادة الحلي سبيكة ، وقد يفرق بين زواق الدار والحلي بأن الغاصب للسبيكة لما أخرجها عن صورتها الأصلية كلف الإعادة ، بخلافه في التزويق ، فإن هيئة الدار لم تخرج عن صورتها الأصلية ، وكذا يقال في كل ما لم يتعذر نفعه من الجهة التي كان ينتفع به منها أولا ( قوله : فإن لم يحصل ) أشار به إلى اعتبار قيد في المسألة وهو أنه إنما يجوز فصله إذا نقص الثوب بالصبغ ( قوله : فلا يستقل الغاصب ) يقتضي إمكان فصله فلا ينافيه قوله تمويه محض ; لأن معناه ولا يتحصل منه شيء وهذا لا ينافي إمكان الفصل ، وقوله تكليفه فصلا أمكن إلخ هل له ذلك بغير إذنهما أو مع رضاهما ببقائه أو بغير إذن مالكه أو مع رضاه ببقائه مع سكوت مالك الثوب ، وينبغي لا إلا أن يحصل نقص في الثوب والصبغ أو في أحدهما وتصور زواله بالفصل كما يؤخذ من مسألة حفر تراب الأرض السابقة ا هـ سم على حج ( قوله : والصنعة ) عطف تفسير ، وعبارة حج بسبب الصبغ أو الصنعة ( قوله : اشتركا فيه ) وبقي ما لو استأجر صباغا ليصبغ قميصا مثلا بخمسة فوقع بنفسه [ ص: 185 ] في دن قيمة صبغه عشرة هل يضيع ذلك على الصباغ أو يشتركان فيه لعذره ؟ فيه نظر ، والأقرب الثاني ، وأما لو غلط الصباغ وفعل ذلك بنفسه فينبغي أنه لا شيء في مقابلة الزيادة لتعديه بذلك ، وهذا كله في الصبغ تمويها ، وأما لو حصل به عين وزادت بها القيمة فهو شريك بها
( قوله : وإن نقص ) قسيم ما فهم من قوله بأن كان يساوي عشرة قبله وساواه بعده مع أن الصبغ قيمته خمسة ( قوله : لم يجب إليه ) أي لم يجبر على الإجابة ، فلو رضي بذلك جاز ( قوله : إذ لا ينتفع به ) وبه يفرق بين ما لو أراد الغاصب بيع البناء والغراس ، أو المالك بيع الأرض فإنه يجوز لإمكان الانتفاع بكل من الأرض والبناء أو الغراس على حدته ( قوله لزم الغاصب ) أي فإن امتنع باع عليه الحاكم ( قوله : لئلا يستحق المتعدي ) وفي شرح الروض فيما لو كان الصبغ لثالث ما حاصله أنه لا يلزم واحدا من مالكي الصبغ والثوب موافقة الآخر في البيع ا هـ سم على حج
حاشية المغربي
[ ص: 184 ] قوله : فالربح له ) إنما أطلق هذا هنا مع أنه سيأتي قريبا أنه لو اشترى بالعين بطل حملا للاتجار على الصحيح بأن كان بثمن في الذمة . ( قوله : ولو غصب أرضا وبذرا من آخر ) أي : آخر بالنسبة إليه فكأنه قال : ولو غصبهما من غيره والصورة أن مالك الأرض والبذر واحد كما يعلم مما بعده . ( قوله : فإن لم يحصل نقص فكالتزويق ) هنا كلام ساقط ، وعبارة التحفة : ومحل ذلك : أي قوله : وله الفصل إلخ في صبغ يحصل منه عين مال ، أما ما هو تمويه محض ولم يحصل به نقص فهو كالتزويق انتهت .
وما في حاشية الشيخ من تقرير ما في الشارح بما يقتضي عدم السقط غير مستقيم كما يعلم بمراجعته . ( قوله : بسبب العمل والصنعة ) صوابه كما في التحفة بسبب العمل والصبغ ، على أنه لا حاجة لقوله [ ص: 185 ] العمل ; لأن العمل لا دخل له كما لا يخفى