قال الزركشي : وهي غريبة انتهى . والأوجه مجيء ما مر فيما لو صالح بمال عن الرد بالعيب هنا ( أو بمتقوم ) كعبد وثوب ( فبقيمته ) لا قيمة الشقص لأن ما يبذله الشفيع في مقابلة ما بذله المشتري لا في مقابلة الشقص ; ولو ملك الشفيع نفس الثمن قبل الأخذ تعين أن يأخذ به لا سيما المتقوم ، لأن العدول عنه إنما كان لتعذره كما بحثه ابن الرفعة واعتمده الأذرعي وغيره ، ولو حط عن المشتري بعض الثمن قبل اللزوم انحط عن الشفيع أو كله فلا شفعة لانتفاء البيع .
ويؤخذ من قوله الآتي : ويؤخذ الممهور إلخ أن مراده بالقيمة هنا غير ما ذكر في الغصب ، فلا يرد عليه ما لو صالح عن دم العمد على شقص فإنه يأخذه بقيمة الدم ، وهو الدية فيأخذه بقيمتها يوم الجناية خلافا لبعضهم ، وتعتبر قيمة المتقوم في غير هذا ( يوم البيع ) أي وقته لأنه وقت إثبات العوض واستحقاق الشفعة ، ولا اعتبار بما يحدث بعدها لحدوثه في ملك البائع ، ويصدق المشتري بيمينه في قدرها حينئذ كما في البحر لما يأتي أنه أعلم بما باشره ( وقيل يوم ) أي وقت ( استقراره بانقطاع الخيار ) كما أن المعتبر في الثمن حالة اللزوم ، ولما كان ما سبق شاملا للدين وغيره وكان الدين يشمل الحال [ ص: 206 ] والمؤجل بين أن المراد الحال بقوله ( أو ) اشترى ( بمؤجل فالأظهر أنه يخير ) وإن حل الثمن بموت المشتري أو كان منجما بأوقات مختلفة ( بين أن يعجل ) الثمن ( ويأخذ في الحال أو يصير إلى المحل ) بكسر الحاء : أي حلول الكل وليس له كلما حل نجم أن يعطيه ويأخذ بقدره لما فيه من تفريق الصفقة على المشتري ، ولو رضي المشتري بدفع الشقص وتأجيل الثمن إلى محله وأبى الشفيع إلا الصبر إلى المحل بطلت شفعته على الأصح قاله الماوردي .
( ويأخذ ) دفعا للضرر من الجانبين ، ولا يسقط حقه بتأخيره لعذره إذ لو جوزنا له الأخذ بمؤجل أضررنا بالمشتري لاختلاف الذمم ، وإن ألزمناه الأخذ في الحال بنظيره من الحال أضررنا بالشفيع لأن الأجل يقابله قسط من الثمن ، ولا يلزمه إعلام المشتري بالطلب حيث خيرناه على ما في الشرحين ، وما وقع في الروضة من اللزوم نسب لسبق القلم ، والثاني يأخذه بالمؤجل تنزيلا له منزلة المشتري ، فإن اختار الصبر على الأول ثم عن له أن يعجل الثمن ويأخذ قال في المطلب : فالذي يظهر أن له ذلك وجها واحدا ، قال الأذرعي وغيره : وهو ظاهر إذا لم يكن زمن نهب يخشى منه على الثمن المعجل الضياع ( ولو بيع شقص وغيره ) مما لا شفعة فيه كسيف ( أخذه ) أي الشقص لوجود سبب الأخذ دون غيره ، ولا خيار للمشتري بتفريق الصفقة عليه لأنه المورط لنفسه ، والتعليل بكونه دخل عالما بالحال مشعر بأن الجاهل يخير وإطلاقهم يخالفه ، وبكل من التعليلين فارق هذا ما مر من امتناع إفراد المعيب بالرد ولعلهم جروا في ذكر العلم على الغالب ( بحصته ) أي بقدرها ( من القيمة ) من الثمن باعتبار القيمة بأن يوزع الثمن عليهما باعتبار قيمتهما حال البيع ويأخذ الشقص بحصته من الثمن ، فلو ساوى مائتين ، والسيف مائة والثمن خمسة عشر أخذه بثلثي الثمن ، وما قررنا به كلام المصنف تبعا للشارح هو مراده كما لا يخفى وبه ترد دعوى أن ذكر القيمة سبق [ ص: 207 ] قلم
حاشية الشبراملسي
( فصل ) في بيان بدل الشقص
( قوله : ونقد ) أي ولو مغشوشا حيث راج ( قوله : أخذه الشفيع بمثله ) ظاهره ولو اختلفت قيمة المثل بأن اشترى دارا بمكة بحب غال فللشفيع أخذها بمصر بقدر ذلك الحب وإن رخص جدا ، ويوجه بأن ذلك القدر هو الذي لزم بالعقد م ر .
وانظر في عكس المثال هل يرجع لقيمة بلد العقد كما في القرض والغصب ا هـ سم على حج ؟ أقول : لا وجه للتردد في عكس المثال مع تسليم الشق الأول ، بل قد يتوقف في كل منهما بأن قياس الغصب والقرض والسلم وغيرها أن العبرة بمحل العقد حيث كان لنقله مؤنة فتعتبر قيمته حيث ظفر به في غير محله .
ويؤيده ما سنذكره عن شرح الإرشاد بل هو صريح فيه ، ثم يحتمل أن المراد بعكس المثال في كلامه أنه اشترى بمثلي بمحل رخيص ثم ظفر به بمحل قيمة المثلي فيه أكثر ، ويحتمل أن المراد أنه اشترى بمتقوم بمحل قيمته كثيرة ثم ظفر بمحل قيمته دون محل الشراء وفي كليهما ما مر ، وهذا الثاني هو الظاهر من قوله هل يرجع لقيمة بلد العقد إلخ ( قوله : إن تيسر ) أي بأن وجد فيما دون المرحلتين م ر ا هـ سم على منهج ( قوله : فبقيمته ) أي المثلي يوم البيع مثلا أخذا مما يأتي في المتقوم ( قوله : أخذه ) أي الشقص بوزنه أي حنطة ( قوله : ولو تراضيا ) أي المشتري والشفيع [ ص: 205 ] قوله : كان شراء مستجدا ) بفتح الجيم من استجده إذا أحدثه ، وبكسرها من استجد لازما بمعنى حدث كما يؤخذ من المصباح ( قوله : تبطل به الشفعة ) ينبغي أن هذا بخلاف ما إذا أخذ بالدنانير ثم عوض عنها بالدراهم فينبغي أن لا تبطل م ر ا هـ سم على حج ( قوله : عن الرد بالعيب هنا ) أي من أن محل البطلان إن علم وإلا فلا ( قوله : فبقيمته ) أي كالغصب قال في شرح الإرشاد : ومنه يؤخذ أن يأتي هنا نظير ما مر فيما لو ظفر الشفيع بالمشتري ببلد آخر وأخذ فيه وهو أنه يأخذ بالمثل ويجبر المشتري على قبضه هناك إن لم يكن لنقله مؤنة والطريق آمن ، وإلا أخذ بالقيمة لحصول الضرر بقبض المثل ، وأن القيمة حيث أخذت تكون للفيصولة .
ولابن الرفعة في ذلك احتمالات غير ما ذكرت لم يرجح منها هو ولا غيره شيئا ، وقد علمت أن ما ذكرته هو القياس ، وليس ذلك عذرا في تأخير الأخذ ولا الطلب ا هـ سم على حج . وفي حاشيته على المنهج بعد مثل ما ذكر : وقال م ر إلى إجبار المشتري ، وإن كان لنقله مؤنة . أقول : وفيه ما قدمناه من التوقف ، وظاهر إطلاق الشارح يوافق ما مال إليه ( قوله : قبل اللزوم ) أي لزوم الشراء ، وعبارة الروض : ما زيد أو حط من الثمن في مدة الخيار فقد يلحق بالثمن ، فإن حط الكل فلا شفعة ا هـ .
قال في شرحه : وخرج بقوله في مدة الخيار ما زيد أو حط بعدها فلا يلحق بالثمن كما مر ا هـ .
وقوله ويؤخذ من قوله إلخ قد يقال : لا حاجة لذلك مع اقتصار المصنف على الشراء ، وقوله يوم الجناية إلخ عبارة الروض : وإن صالح به عن دم أخذه بقيمة الدية يوم الجناية . قال في شرحه : كذا في الأصل أيضا وصوابه يوم الصلح انتهى ا هـ سم على حج .
وقول سم على شرح الروض : فلا يلحق بالثمن : أي فيأخذ الشفيع بجميع ما وقع به البيع لا بما دفعه المشتري بعد الإسقاط ( قوله : لانتفاء البيع ) أي لبطلانه بالإبراء من الثمن قبل اللزوم لأنه يصير بيعا بلا ثمن ( قوله : فيأخذه بقيمتها ) أي الدية من غالب إبل البلد فلا يأخذ بنفس الإبل .
وبما ذكر من اعتبار الغالب يندفع ما يقال : صفة الإبل مجهولة فلا يتأتى التقويم بها مع الجهل بصفتها ( قوله : خلافا لبعضهم ) هو شيخ الإسلام في شرح الروض حيث قال اعتراضا على متنه وصوابه يوم الصلح ( قوله : في قدرها ) أي إذا تلف الثمن ( قوله كما أن المعتبر في الثمن إلخ ) انظر ما المراد [ ص: 206 ] بهذا التشبيه ، فإنه إن كان الثمن معينا تعلق به حق البائع زادت قيمته أو نقصت ، وإن كان في الذمة طولب به وإن أبطله السلطان .
ثم رأيت في حج بعد قوله اللزوم بناء على الأصح من لحوق الحط والزيادة في زمن الخيار ا هـ ( قوله : بين أن يعجل الثمن ويأخذ في الحال ) ومحله أخذا من كلام الأذرعي وغيره ما لم يكن على المشتري ضرر في قبوله لنحو نهب ، وإلا لم يجب الشفيع ا هـ حج .
وهذه تستفاد من قول الشارح الآتي : فإن اختار الصبر على الأول إلخ ، إذ لا فرق بين عدم الإجبار حيث كان ثم نهب ، وقد اختار الأخذ حالا وبين ما إذا أراد الأخذ بمؤجل ثم بعد مدة اختار الأخذ ، وقوله : وإن حل الثمن غاية ( قوله : بين أن يعجل ) ينبغي أن محل التخيير إذا لم يكن الزمن زمن نهب أخذا مما يأتي عن الأذرعي وغيره ، ويحتمل الفرق ، وأن المشتري يلزم بالأخذ هنا مطلقا لأنه لما أخذ ما يؤخذ منه فقد وطن نفسه على أن أخذ الثمن حالا فألزم بقبوله ، بخلاف مسألة الأذرعي فإن التأخير فيها لذلك الوقت من تصرف الشفيع خاصة لغرض نفسه فلا تلزم مراعاته ، ولعل الثاني أقرب ( قوله : أو يصبر ) هي بمعنى الواو نظير ما يأتي ; لأن بين إنما تدخل على متعدد ( قوله : بطلت شفعته ) ينبغي أن محله حيث علم بذلك وإلا فلا ( قوله : ولا يلزمه ) أي الشفيع ( قوله : فإن اختار ) أي الشفيع ( قوله : والتعليل ) أي الواقع في كلامهم وأشعر به قوله لأنه المورط إلخ ( قوله : وإطلاقهم يخالفه ) معتمد ( قوله : على الغالب بحصته ) يوجه بأنه على حذف مضافين : أي بمثل نسبة حصته من القيمة : أي من الثمن ا هـ سم ( قوله : كما لا يخفى ) أي فإنه لا تلازم بين الثمن والقيمة
حاشية المغربي
[ ص: 204 ] فصل ) في بيان بدل الشقص ( قوله : أو تعدد الشقص ) مجرور عطفا على بيان والشقص مضاف إليه [ ص: 205 ] قوله : مجيء ما مر إلخ ) أي : فيكون محل ما في الحاوي إذا علم المنع ، وإلا تعين أن يأخذ به ، انظر ما لو تراضيا على غيره هل يأتي فيه ما مر عن الحاوي وما عقبه به الشارح ( قوله : خلافا لبعضهم ) يعني شيخ الإسلام حيث قال عقب قول الروض يوم الجناية : صوابه يوم الصلح . ( قوله : كما أن المعتبر في الثمن حالة اللزوم ) أي ; لأنه قبلها لحقه الزيادة والنقصان [ ص: 206 ] قوله : باعتبار القيمة ) تبع في ذكره الشهاب ابن حجر بعد أن تبع في حل المتن الجلال المحلي فلم يلتئم ، وعبارة الشهاب المذكور مع المتن بحصته : أي بقدرها من الثمن باعتبار القيمة انتهت .
فلفظ القيمة في عبارته هو ما في المتن فلا موقع لها في كلام الشارح بعد ما في المتن مع ما حله به