( ثم ) إذا توفرت الشروط في المنفعة ( تارة تقدر ) المنفعة ( بزمان ) فقط . وضابطه كل ما لا ينضبط بالعمل ، وحينئذ يشترط علمه كرضاع هذا شهرا ، وتطيين أو تجصيص أو اكتحال أو مداواة هذا يوما ، و ( كدار ) وأرض وثوب وآنية ويقول في دار تؤجر للسكنى لتسكنها ، فلو قال على أن تسكنها أو لتسكنها وحدك لم تصح كما في البحر في الأولى ( سنة ) بمائة أولها من فراغ العقد لوجوب اتصالها بالعقد ، فلو لم يعلم كأجرتكها كل شهر بدينار لم تصح ، ولو من إمام استأجره من ماله للأذان بخلافه من بيت المال ، فلو قال هذا الشهر بدينار وما زاد بحسابه صح في الأول فقط ، وأقل مدة تؤجر للسكنى يوم فأكثر ، قاله الماوردي مرة وتبعه الروياني ، ومرة أقلها ثلاثة أيام ، والأوجه كما أفاده الأذرعي جواز بعض يوم معلوم فقد يتعلق به غرض مسافر ونحوه ، والضابط كون المنفعة في تلك المدة متقومة عند أهل العرف أي لذلك المحل ليحسن بذلك المال في مقابلتها وتارة تقدر ( بعمل ) أي بمحله كما في المحرر أو بزمن ( كدابة ) معينة أو موصوفة للركوب أو ( لحمل شيء عليها [ ص: 281 ] إلى مكة ) أو لتركبها شهرا حيث بين الناحية المركوب إليها ، ومحل تسليمها للمؤجر أو نائبه ( وكخياطة ذا الثوب ) أو ثوب صفته كذا ، كاستأجرتك لخياطته أو ألزمت ذمتك خياطته لتميز هذه المنافع في نفسها من غير تقدير بمدة ، وكاستأجرتك للخياطة شهرا ، ويشترط في هذه بيان ما يخيطه ، وفي الكل كما سيعلم من كلامه بيان كونه قميصا أو غيره وطوله وعرضه ونوع الخياطة أو هي رومية أو غيرها ، ومحله عند اختلاف العادة وإلا حمل المطلق عليها .
وبما تقرر علم أنه لا يتأتى التقدير بالزمن في إجارة الذمة ، فلو قال ألزمت ذمتك عمل الخياطة شهرا لم يصح لأنه لم يعين عاملا ولا محلا للعمل ، وقيده ابن الرفعة بحثا لعدم اطلاعه على كلام القفال بما إذا لم يبين صفة العمل ولا محله وإلا بأن بين محله وصفته صح ، ولا فرق كما قاله القفال بين الإشارة إلى الثوب أو وصفه .
حاشية الشبراملسي
( قوله : أو لتسكنها وحدك ) أي فلو تقدم القبول من المستأجر وشرط على نفسه ذلك بأن قال استأجرتها بكذا لأسكنها وحدي صح كما ببعض الهوامش عن nindex.php?page=showalam&ids=14669الصيمري . أقول : وهو قياس ما لو شرط الزوج على نفسه عدم الوطء ، لكن قضية قولهم الشروط الفاسدة مضرة سواء ابتدأ بها المؤخر أو القابل يقتضي خلافه ، ويوجه بأنه شرط يخالف مقتضى العقد ، وقد يموت المستأجر وينتقل الحق لوارثه خاصا كان أو عاما ، ولا يلزم مساواة الوارث في السكنى للميت ( قوله : لم تصح ) أي لما فيه من الحجر على المستأجر فيما ملكه بالإجارة فيهما ، وقال حج في تعليل الأولى : لأنه صريح في الاشتراط بخلاف ما قبله ( قوله : كل شهر بدينار لم تصح ) أي حتى في الشهر الأول للجهل بمقدار المدة ( قوله : بخلافه من بيت المال ) أي فإنه يصح وإن لم يقدر [ ص: 281 ] المدة لأنه رزق لا أجرة ( قوله : للمؤجر أو نائبه ) يفيد أنه لو استأجر دابة لمحل كذا ولم يعين المؤجر له من يستلمها منه إذا وصل ذلك المحل لم تصح الإجارة ، ولو قيل ينبغي أن تصح ثم إن كان للمؤجر وكيل ثم سلمها له وإلا فللقاضي إن وجد وإلا أودعها عند أمين لم يكن بعيدا بل هو الظاهر ، ثم رأيت في حج بعد قوله هنا أو نائبه ما نصه : ولا ينافي هذين جواز الإبدال والتسليم للقاضي أو نائبه لأن ذلك لا يعرف إلا بعد بيان الناحية ومحل التسليم حتى يبدلا بمثلهما ا هـ . وهو يفيد أنه لا يشترط تعيين شخص يسلمها له بل يكفي أن يقول تركب إلى محل كذا وتسلمها في محل كذا إلي أو لنائبي مثلا ثم بعد وصوله إن وجده أو نائبه الخاص سلمها له وإلا فللقاضي ( قوله : وكاستأجرتك للخياطة شهرا ) مثال للتقدير بالزمن وهو من صور الإجارة العينية كما تقدم ( قوله : وبما تقرر ) أي في قوله وكاستأجرتك للخياطة شهرا مع قوله وفي الكل كما سيعلم إلخ فإنه اقتصر في تصوير التقدير بالزمن على الإجارة العينية . هذا ولم يظهر وجه امتناع التقدير بالزمن في إجارة الذمة مما ذكر ، بل الذي يظهر منه صحته حيث بين صفة العمل ومحله الذي ذكره ابن الرفعة ، ثم قال في مرة أخرى : إلا أن يقال هو وإن بين صفة العمل لكن العلة تختلف في مقدار فعلها باعتبار خفة اليد في العمل وبطئها ، ومجرد التقدير بالزمن لا يحصل مقصود المستأجر ( قوله : لا يتأتى التقدير بالزمن ) أي وخرج بالزمن التقدير بالعمل فيقول ألزمت ذمتك خياطة كذا ثم يعين ما يريد خياطته عما في الذمة فيصح ( قوله : لأنه لم يعين عاملا ) أي لأن العمل الملتزم في الذمة المقصود منه حصول العمل من غير تعلقه بواحد بعينه ( قوله : لعدم اطلاعه على كلام القفال ) أي القائل بذلك فوافق بحثه ما قاله القفال كما يصرح به [ ص: 282 ] قول حج بعد قوله بحثا وسبقه إليه القفال
حاشية المغربي
( قوله : ثم إذا توفرت الشروط في المنفعة ) قال العلامة ابن قاسم : قد يقال من الشروط كونها معلومة بالتقدير الآتي فانظر بعد ذلك حاصل المعنى ا هـ .
أقول : المراد بشرط المنفعة شرطها في نفسها لكونها متقومة إلى آخر ما مر في شرح قول المصنف وكون المنفعة متقومة ، فالمراد بقيمتها الذي هو المنفعة شرط لها كونها معلومة في نفسها غير مبهمة كما أشار إليه الجلال المحقق بقوله فما له منافع يجب بيان المراد منها ا هـ .
وأما تقدير الذي ذكره المصنف هنا فهو بيان لكيفية العقد عليها وليس شرطا لها في نفسها ، ويوافق هذا قول الشارح كالعلامة ابن حجر في ترجمة الفصل في بقية شروط المنفعة وما تقدر به ، فجعل ما تقدر به قدرا زائدا على الشرط ، لكن يعكر على هذا قولهما بالتقدير الآتي عقب قول المصنف معلومة ; إذ ظاهره أن العلم إنما يحصل بالتقدير المذكور فليحرر . ( قوله : أولها من فراغ العقد ) يوهم أنه لا بد أن يقول المؤجر ذلك في العقد وليس مرادا ، [ ص: 281 ] وفي التحفة زيادة واو قبل قوله لها وهي تحقق الإيهام ( قوله : أي : بمحله ) قال الشهاب ابن قاسم : أي كالمسافة إلى مكة ( قوله : أو بزمن ) عطف على بعمل ، فقد جعل القسم الأول ما لا يقدر إلا بالزمن والثاني ما يقدر بأحد الأمرين العمل أو الزمن ، وسيأتي قسم ثالث وهو ما لا يقدر إلا بالعمل ، كذا في حواشي الشهاب ابن قاسم على التحفة . ( قوله : ولا فرق كما قاله القفال إلخ ) عبارة التحفة : قال القفال : إنه لا فرق بين الإشارة إلى الثوب أو وصفه