كتاب اللقيط فعيل بمعنى مفعول وهو من يأتي ، سمي لقيطا وملقوطا باعتبار أنه يلقط ، ومنبوذا باعتبار أنه ينبذ وتسميته بذينك قبل أخذه وإن كان مجازا لكنه صار حقيقة شرعية ، وكذا تسميته منبوذا بعد أخذه بناء على زوال الحقيقة بزوال المعنى المشتق منه ، ويسمى أيضا دعيا وهو شرعا طفل نبيذ بنحو شارع لا يعرف له مدع فهو من مجاز الأول [ ص: 447 ] وذكر الطفل للغالب .
والأصل فيه قوله تعالى { ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا } وقوله { وافعلوا الخير } وأركانها لاقط ولقيط ولقط ، وستعلم من كلامه ( التقاط المنبوذ ) أي المطروح والتعبير به للغالب أيضا كما علم ( فرض كفاية ) حفظا للنفس المحترمة عن الهلاك هذا إن علم متعدد ولو مرتبا على الأصح كما قال السبكي : إنه الذي يجب القطع به وإلا ففرض عين ، وفارق ما مر في اللقطة بأن المغلب فيها معنى الاكتساب التي جبلت النفوس على حبه كالوطء في النكاح ( ويجب ) ( الإشهاد عليه ) أي الالتقاط وإن كان الملتقط مشهور العدالة ( في الأصح ) لئلا يسترق ويضيع نسبه المبني على الاحتياط له أكثر من المال ، وإنما وجب على ما معه بطريق التبعية له فلا ينافيه ما مر في اللقطة .
والثاني لا يجب اعتمادا على الأمانة للمقر ودفع بما مر ، ومتى ترك الإشهاد عند وجوبه لم يثبت له عليه ولاية الحضانة ما لم يتب ويشهد فيكون التقاطا جديدا من حينئذ كما بحثه السبكي مصرحا بأن ترك الإشهاد فسق ، ومحل وجوبه كما قاله الماوردي وغيره ما لم يسلمه له الحاكم فإن سلمه له سن ولم يجب .
نعم تعليله بأن تسليمه حكم فأغنى عن الإشهاد مفرع على أن تصرف الحاكم حكم ، والأصح خلافه ، فالوجه تعليله بأن تسليم الحاكم فيه معنى الإشهاد فأغنى عنه .
حاشية الشبراملسي
كتاب اللقيط .
( قوله : ينبذ ) أي يطرح وقوله وتسميته مبتدأ خبره لكنه ، وقوله بناء على زوال إلخ معتمد .
( قوله : ويسمى أيضا دعيا ) أي للجهل بمن ينسب إليه .
وفي المختار : والداعي من تبينته ا هـ . ولا يتقيد الحكم هنا بذلك ( قوله : طفل نبيذ ) أي منبوذ .
( قوله : فهو من مجاز الأول ) قد يقال هذا بحسب اللغة ، أما في عرف أهل الشرع فهو حقيقة كما قدمه ا هـ سم على حج .
أقول : قوله كما قدمه : أي في قوله وتسميته إلخ ، ومقتضى قول الشارح قبل : وكذا تسميته منبوذا بعد أخذه بناء إلخ يقتضي أن تسميته منبوذا قبل الأخذ حقيقة لغوية وبعده مجاز باعتبار ما كان [ ص: 447 ] عليه .
( قوله : وذكر الطفل للغالب ) إذ الأصح أن المميز والبالغ المجنون يلتقطان لاحتياجهما إلى التعهد ا هـ حج .
وهو صريح في أن المميز لا يسمى طفلا ويشعر به قول المصنف : ويجوز التقاط المميز وهو أحد قولين في اللغة ، ففي المصباح الطفل : الولد الصغير من الإنسان والدواب ، ثم قال : قال بعضهم : ويبقى هذا الاسم للولد حتى يميز ، ثم لا يقال له بعد ذلك طفل بل صبي وحزور ويافع ومراهق وبالغ ، وفي التهذيب يقال له طفل إلى أن يحتلم .
( قوله : كما علم ) لم يتقدم له ما يعلم منه ذلك .
نعم يأتي في كلام المصنف والشارح ما يعلم منه ذلك حيث قال : وأيضا يصح التقاط المميز .
نعم المجنون كالصبي لكن سبق في حج تسميته بذلك ، ثم قال هنا كما علم وهو ظاهر .
( قوله : فرض كفاية ) ولو على فسقه علموا به فيجب عليهم الالتقاط ولا تثبت الولاية لهم : أي فعلى الحاكم انتزاعه منهم ، ولعل سكوتهم عن هذا لعلمه من كلامهم .
( قوله : وفارق ما مر في اللقطة ) أي من استحبابها .
( قوله : ويجب الإشهاد ) أي لرجلين ولو مستورين لأنه يعسر عليه إقامة العدلين ظاهرا وباطنا .
( قوله : مشهور العدالة ) أي ثابتها بأن ثبتت بالمزكين واشتهرت حملا للفظ على فرده الكامل فغيره كمستور العدالة من باب أولى ( قوله وإنما وجب على ما معه ) المنصوص على وجوبه في المختصر ا هـ حج .
وقياس ما مر في اللقطة من امتناع الإشهاد إذا خاف عليها ظالما أنه هنا كذلك .
( قوله : في اللقطة ) وقد يقال لا منافاة وإن لم تعتبر التبعية لأن المغلب فيها معنى الكسب وفي الالتقاط الولاية على اللقيط وما معه .
( قوله : ما لم يتب ويشهد ) قضية جعله الولاية مسلوبة إلى التوبة أن ترك الإشهاد كبيرة ويفيده كلام السبكي الآتي ( قوله : فيه معنى الإشهاد ) أي وإن لم يكن بمجلسه أحد ، فلعله أن ما يفعله الحاكم يشتهر أمره فيستفاد به العلم بالالتقاط وهو بمنزلة الشهادة .
حاشية المغربي
[ ص: 446 ] كتاب اللقيط ( قوله : وإن كان مجازا ) أي مجاز أول سيأتي ( قوله : فهو ) أي اللقيط [ ص: 447 ] قوله : وأركانه ) أي : اللقط المفهوم من اللقيط أو أركان الباب . ( قوله : كما علم ) لعله من قوله وذكر الطفل للغالب ( قوله : سن ولم يجب ) بحث الشهاب سم أن محله إن كان الحاكم ممن يحكم بعلمه : أي ; لأنه حينئذ يقضي بعلمه في شأن الطفل إذا استرق لكن ينازع فيه قول الشارح الآتي فالوجه تعليله إلخ فتأمل . ( قوله : والأصح خلافه ) أي : من حيث [ ص: 448 ] إطلاقه وإلا فسيأتي في الفرائض أنه حكم في قضية رفعت له وطلب منه فصلها