( وإن أوصى لدابة وقصد تمليكها أو أطلق فباطلة ) ; لأن مطلق اللفظ للتمليك وهي لا تملك ، وفارقت العبد حالة الإطلاق بأنه يخاطب ويتأتى قبوله ، وقد يعتق قبل موت الموصي بخلافها ، وقياس ما مر من صحة الوقف على الخيل المسبلة كما قاله الزركشي صحة الوصية لها بل أولى أي عند الإطلاق ( وإن ) قصد علفها أو ( قال ليصرف في علفها ) بفتح اللام المأكول وبإسكانها المصدر ، ونقل الأمران عن ضبطه ( فالمنقول صحتها ) ; لأن مؤنتها على مالكها فهو المقصود بالوصية ومع ذلك يتعين صرفه في مؤنتها ، فإن دلت قرينة ظاهرة على أنه إنما قصد مالكها ، وإنما ذكرها تجملا أو مباسطة ملكه ملكا مطلقا كما لو دفع درهما [ ص: 47 ] ولآخر وقال اشتر به عمامة مثلا ، ومثل ذلك لو ماتت الدابة التي تعين الصرف في مؤنتها ويتولى الإنفاق عليها الوصي أو نائبه ثم القاضي أو نائبه ، فلو باعها مالكها انتقلت الوصية للمشتري كما في العبد قاله المصنف .
وقال الرافعي وصححه ابن الرفعة : هي للبائع . قال السبكي : وهو الحق إن انتقلت بعد الموت ، وإلا فالحق أنه للمشتري ، وهو قياس العبد في التقديرين . وقضيته أنه فهم أن المصنف قائل بأنها للمشتري مطلقا ، وعليه يفرق بأن الدابة يتعين الصرف لها بخلاف العبد ، لكن قوله كما في العبد يقتضي أنه قائل بالتفصيل ، وهو الأصح ، فعليه لو قبل البائع ثم باع الدابة فظاهر أنه يلزمه صرف ، ذلك لعلفها ، وإن صارت ملك غيره ، وبحث الأذرعي بطلان الوصية فيما لو كانت الدابة مما يعطى عليها كفرس قاطع الطريق والحربي والمحارب لأهل العدل ، وأشار المصنف بقوله فالمنقول إلى ما في الروضة كأصلها أنه يحتمل مجيء وجه بالبطلان من الوقف على علفها ، ولو مات الموصي قبل بيان مراده رجع إلى وارثه ، فإن قال أراد العلف صحت ، وإلا حلف وبطلت . فإن قال لا أدري ما أراد بطلت كما نقله في البيان عن العدة ، وفي الشافي للجرجاني لو قال مالك الدابة أراد تمليكي وقال الوارث أراد تمليكها صدق الوارث ; لأنه غارم .
حاشية الشبراملسي
( قوله : ومثل ذلك ) أي في أن مالكها يملكه ملكا مطلقا ( قوله : ويتولى الإنفاق عليها الوصي ) لو توقف الصرف على مؤنة كأن عجز الوصي والحاكم عن حمل العلف وتقديمه إليها ، أو كان ذلك مما يخل بمروءته ولم يتبرع بها أحد فهل تتعلق تلك المؤنة بالموصى به فيصرف منه ; لأنها تتمة القيام بتلك الوصية أو تتعلق بمالك الدابة ؟ فيه نظر ، والذي يظهر لي هو الأول فليتأمل ، ولو أوصى بعلف الدابة التي لا تأكله عادة فهل تبطل الوصية أو ينصرف لمالكها أو يفصل ، فإن كان الموصي جاهلا بحالها بطلت أو عالما انصرفت لمالكها ؟ فيه نظر . والثالث غير بعيد ولو كان العلف الموصى به مما تأكله عادة لكن عرض لها امتناعها من أكله فيحتمل أن يقال : إن أيس من أكلها إياه عادة صار الموصى به للمالك كما لو ماتت وإلا حفظ إلى أن يتأتى أكلها فليتأمل . انتهى سم على حج .
( قوله : قال السبكي وهو الحق ) معتمد ( قوله : صرف ذلك لعلفها ) ولا ينافي هذا ما مر من التفصيل لجواز أن المراد منه أنه يملكه البائع تم يصرفه عليها ، وفائدة كونه ملكه أن المشتري لا يتولى صرفه ، وأن الدابة لو ماتت وقد بقي من الموصى به شيء كان للبائع ( قوله : وبحث الأذرعي بطلان الوصية ) معتمد ، وظاهره البطلان وإن لم يقل ليقطع عليها .
قال حج : وقياس ما يأتي من صحة الوصية لقاطع الطريق إلا إن قال ليقطعها توقف البطلان هنا على قوله ليقطعها عليها . انتهى . والأقرب ما قاله حج قال : ويؤيده ما تقدم من أن محل البطلان فيما إذا أوصى لجهة عامة أو غيرها بمعصية أو مكروه أن يكون ذلك لذاته ( قوله : فإن قال لا أدري ) أي الوارث ( قوله : صدق الوارث ) أي فتبطل .
حاشية المغربي
[ ص: 46 ] قوله : وقصد تمليكها أو أطلق ) أي أطلق في قصده فلم يقصد شيئا بقرينة ما سيأتي أنه إذا أطلق في لفظه وقصد العلف صحت ، وإن كان التعليل ربما يأبى هذا فليراجع ( قوله : ومع ذلك يتعين صرفه في مؤنتها ) عبارة الروض ثم يتعين لعلفها [ ص: 47 ] قوله : ولو مات الموصي ) أي فيما إذا أطلق في عبارته