ولو أوصى ببيع بعض التركة وإخراج كفنه من ثمنه فاقترض الوصي دراهم وصرفها [ ص: 100 ] فيه امتنع عليه البيع ولزمه وفاء الدين من ماله ، ويظهر أن محله عند عدم اضطراره إلى الصرف من ماله وإلا كأن لم يجد مشتريا رجع إن أذن له حاكم أو فقده وأشهد بنية الرجوع نظير ما مر آنفا ، ولو أوصى بقضاء الدين من عين بتعويضها فيه وهي تساويه أو تزيد وقبل الوصية بالزائد كما هو واضح أو من ثمنها تعين فليس للورثة إمساكها ، ومنه يؤخذ أنه لا يلزم الوصي استئذانهم فيها ، بخلاف ما إذا لم يعين لا يتصرف حتى يستأذنهم ; لأنها ملكهم ، فإن غابوا استأذن الحاكم ، وبحث بعضهم صحة إذا مت ففرق ما أستحقه عليك من الدين للفقراء وفي آخر الوكالة ما يؤيده ، وللمشتري من نحو وصي وقيم ووكيل وعامل قراض أن لا يسلمه الثمن حتى تثبت ولايته عند الحاكم .
قال nindex.php?page=showalam&ids=11872القاضي أبو الطيب : ولو قال ضع ثلثي حيث شئت لم يجز له الأخذ لنفسه : أي وإن نص له على ذلك لاتحاد القابض والمقبض ولا لمن لا تقبل شهادته له : أي إلا أن ينص له عليه بمستقل إذ لا اتحاد ولا تهمة حينئذ ( والنظر في أمر الأطفال ) والمجانين والسفهاء ، وكذا الحمل الموجود عند الإيصاء ولو مستقلا كما اقتضاه كلام جمع متقدمين وسكت عليه جمع متأخرون ، ويدخل من حدث بعد الإيصاء على أولاده تبعا فيما يظهر كما في الوقف ، وبحث الأذرعي وجوبه في أمر نحو الأطفال إلى ثقة مأمون وجيه كاف إذا وجده أو غلب على ظنه أن تركه يؤدي إلى استيلاء خائن من قاض أو غيره على أموالهم ، وفي هذا ذهاب إلى أنه يلزمه حفظ مالهم بما قدر عليه بعد موته كما في حياته .
بخلاف تلك فإنه لما لم يعين له فيها جهة كان الأمر أوسع فسومح للوارث لقيامه مقام مورثه في الجملة [ ص: 100 ] قوله : وإلا كأن لم يجد مشتريا ) أي أو خيف تغير الميت لو اشتغل بالبيع ( قوله : بتعويضها فيه ) أي الدين ( قوله لا يتصرف حتى يستأذنهم ) أي ومثله ما لو لم يقبل الموصى له العين التي أوصى بتعويضها له ( قوله : وفي آخر الوكالة ما يؤيده ) يراجع وجهه فإن الشخص لا يكون وكيلا عن غيره في إزالة ملكه كما قالوه ، ثم ابن حجر قال بعد استشكال ما ذكر باتحاد القابض والمقبض أنه يقدر هنا أن الفقراء وكلاؤه كما قدر أن المعمرين وكلاؤه في إذن الأجير للمستأجر في العمارة ، وقد يقال لا يحتاج لهذا التقدير هنا بل سببه الخوف من استيلاء نحو قاض بالقبض منه ثم إقباضه وإن كان هو القياس ; لأن الغالب في القضاة ونحوهم الخيانة لا سيما في الصدقات ، وقد قال الأذرعي به في قضاة زمنه وهم أحسن حالا ممن بعدهم أنهم كقريبي عهد بالإسلام ( قوله : لم يجز له الأخذ لنفسه ) ومثل الوكيل بالصدقة وطريقه أن يقول له عين لي ما آخذه بأن يميزه له ويدفعه له ، وكتب أيضا لطف الله به قوله : لم يجز له الأخذ لنفسه أي وله الصرف لمن شاء من غير من ذكر ، وظاهره أنه لا فرق في ذلك بين الغني والفقير والمسلم والكافر والوارث وغيره كما لو أوصى لأقارب زيد فإنه يدخل فيه جميع أقاربه ممن ذكر ، وعليه فيفرق بين ما لو أوصى لليتامى أو الزمنى أو نحوهما ممن مر حيث اشترط في المدفوع لهم الفقر أن لفظ اليتم ونحوه يشعر بذلك ، وليس له أن يدفع منه شيء لورثة الموصى كما مر ( قوله : وإن نص له على ذلك ) أي أخذ نفسه ، وقوله بمستقل ، أي بقدر مستقل ( قوله ولو مستقلا ) أي بالوصية عليه ( قوله أنه يلزمهم حفظ مالهم ) أي الموجود بأن آل إليهم بطريق من الطرق وما يئول إليهم منه بعد موته .
حاشية المغربي
( قوله : ببيع بعض التركة ) ظاهره وإن كان غير معين بأن [ ص: 100 ] قال بيعوا بعض تركتي وكفنوني منه فليراجع ( قوله : أو غلب على ظنه أن تركه إلخ ) كذا في النسخ ، والصواب إسقاط الألف قبل قوله أو غلب كما هو كذلك في كلام الأذرعي