( وقد ) ( تصير الوديعة مضمونة ) على الوديع بالتقصير فيها ( لعوارض ) وله أسباب أشار إلى بعضها فقال ( منها أن يودع غيره ) ولو ولده وزوجته وقنه ، نعم كما يأتي الاستعانة بهم حيث لم تزل يده لجريان العرف به ( بلا إذن ولا عذر فيضمن ) الوديعة ; لأن المالك لم يرض بأمانة غيره ولا يده أي فيكون طريقا في ضمانها والقرار على من تلفت عنده فللمالك تضمين من شاء ، فإن شاء ضمن الثاني ويرجع بما غرمه على الأول إن كان جاهلا ، أما العام فلا ; لأنه غاصب ، أو الأول رجع على الثاني إن علم لا إن جهل ( وقيل إن أودع القاضي لم يضمن ) ; لأنه نائب الشرع ، والأصح أنه لا فرق وإن غاب المالك ; لأنه قد لا يرضى به ، وشمل ذلك ما لو طالت غيبة المالك فيضمن على الأول خلافا للسبكي ، ويلزم القاضي قبول عين [ ص: 116 ] لغائب إن كانت أمانة ، بخلاف الدين والمضمونة كما يأتي بما فيه قبيل القسمة ; لأن بقاءهما في ذمة المدين ويد الضامن أحفظ ، أما مع العذر كسفر : أي مباح كما بحثه الأذرعي ومرض وخوف فلا يضمن بإيداعها عند تعذر المالك ووكيله لقاض : أي أمين ثم لعدل كما يعلم مما يأتي ، وما نوزع به في التقييد بالمباح مردود بأن إيداعها رخصة فلا يبيحها سفر المعصية ( وإذا لم يزل ) بضم فكسر ( يده عنها جازت ) له ( الاستعانة بمن يحملها ) ولو خفيفة أمكنه حملها بلا مشقة فيما يظهر ( إلى الحرز ) أو يحفظها ولو أجنبيا إن بقي نظره عليها كالعادة ، والأقرب اشتراط كونه ثقة إن غاب عنه لا إن لازمه كما يؤخذ من قولهم الآتي ولو أرسلها مع من يسقيها وهو غير ثقة ضمنها ( أو يضعها في خزانة ) بكسر الخاء من خشب أو بناء مثلا كما شمله كلامهم مشتركة بينه وبين غيره ويظهر اشتراط ملاحظته لها وعدم تمكين الغير منها إلا إن كان ثقة .
حاشية الشبراملسي
( قوله وزوجته وقنه ) أي أو القاضي أيضا وإيداعهم بأن يرفع يده عنها ويفوض أمر حفظها إليهم ( قوله : نعم له كما يأتي ) الأولى جعله خارجا بقوله أن يودع غيره ; لأن مجرد الاستعانة بغيره ليس إيداعا ( قوله : حيث لم تزل يده ) أي بأن يعد حافظا لها عرفا ( قوله : أو الأول ) أي وإن ضمن الأول ( قوله : ويلزم القاضي قبول عين ) وهو واضح وإن جاز لمن هي تحت يده دفعها له أما عند امتناعه فقد يتوقف فيه ، وحمل ما هنا على إذا كان للوديع عذر خلاف الظاهر ، فإن الكلام [ ص: 116 ] على الإيداع عند العذر يأتي قريبا ( قوله : بخلاف الدين ) محله ما لم يغلب على الظن فوات ما ذكر لفلس أو حجر أو فسق وإلا وجب أخذه عينا كان أو دينا ( قوله : المضمونة ) أي بل لا يجوز له أخذها ( قوله : أي مباح ) وقضية قوله بعد فلا يبيحها سفر المعصية أنه أراد بالمباح غير الحرام فشمل المكروه ( قوله : لا إن لازمه ) أي ولو كان صغيرا كولده ورقيقه حيث لازمه ( قوله : أو يضعها ) عطف على قوله أو يحملها .
حاشية المغربي
( قوله : بالتقصير فيها ) لا يخفى أن هذا الصرف صار متعلقا بقول المصنف وقد تصير مضمونة بدلا عن قول المصنف بعوارض وانظر بماذا يصير هذا متعلقا حينئذ ، ولا يصح تعلقه بالتقصير كما لا يخفى وكذلك لا يصح كونه بدلا منه فليتأمل ( قوله : وله أسباب ) أي للتقصير ( قوله : والقرار على من تلفت عنده ) أي ما لم يكن الثاني إذا تلفت عنده جاهلا كما يعلم مما يأتي وصرح به هنا حج ( قوله : أو الأول ) مراده عطفه على قوله الثاني من قوله فإن شاء ضمن الثاني لكن العبارة حينئذ غير منسجمة ، وعبارة التحفة في الأولى نصها : فإن ضمن الثاني إلخ ، فصح له هذا العطف فكان على الشارح حيث [ ص: 116 ] عدل عنها أن يزيد واوا قبل قوله رجع