لنا القياس على الغنيمة المخمسة بالنص بجامع أن كلا راجع إلينا من الكفار واختلاف السبب بالقتال وعدمه غير مؤثر ( وخمسه لخمسة ) متساوية ( أحدها مصالح المسلمين كالثغور ) وهي محال الخوف من أطراف بلادنا فتشحن بالعدة والعدد ( والقضاة ) أي قضاة البلاد لا العسكر وهم الذين يحكمون لأهل الفيء في مغزاهم فسيرزقون من الأخماس الأربعة لا من خمس الخمس كأئمتهم ومؤذنيهم كما قاله الماوردي ( والعلماء ) يعني المشتغلين بعلوم الشرع وآلتها ، ولو مبتدئين ولو أغنياء كما قاله الزركشي نقلا عن الغزالي والأئمة والمؤذنين وسائر من يشتغل عن نحو كسبه بمصالح المسلمين
[ ص: 136 ] لعموم نفعهم ، وألحق بهم العاجزون عن الكسب لا مع الغنى كما قاله الغزالي والعطاء إلى رأي الإمام معتبر بسعة المال وضيقه ، وهذا السهم كان له صلى الله عليه وسلم ينفق منه على نفسه وعياله ويدخر منه مؤنة سنة ويصرف الباقي في المصالح ، كذا قاله الأكثرون ، قالوا : وكان له الأربعة الأخماس الآتية فجملة ما كان له من الفيء أحد وعشرون من خمسة وعشرين .
قال الروياني : وكان يصرف العشرين للمصالح قيل وجوبا وقيل ندبا .
وقال الغزالي : بل كان الفيء كله له في حياته وإنما خمس بعد موته .
وقال الماوردي وغيره : كان له في أول حياته ثم نسخ في آخرها ، ويؤيد الأول الخبر الصحيح { nindex.php?page=hadith&LINKID=86861ما لي مما أفاء الله عليكم إلا الخمس والخمس مردود عليكم } ولم يرد عليهم إلا بعد وفاته عليه أفضل الصلاة والسلام ولو منع السلطان المستحقين حقوقهم من بيت المال ، فالقياس كما قاله الغزالي في الإحياء جواز أخذه ما كان يعطاه ; لأن المال ليس مشتركا بين المسلمين ، ومن ثم من مات وله فيه حق لا يستحقه وارثه وخالفه في ذلك ابن عبد السلام فمنع الظفر في الأموال العامة لأهل الإسلام كمال المجانين والأيتام ، ولا ينافي الأول ما أفتى به المصنف رحمه الله تعالى من أن من غصب أموالا لأشخاص وخلطها ثم فرقها عليهم بقدر حقوقهم جاز لكل أخذ قدر حقه ، أو على بعضهم لزم من وصل إليه شيء قسمته وعلى الباقين بنسبة أموالهم ; لأن أعيان الأموال يحتاط لها ما لا يحتاط لمجرد تعلق الحقوق
حاشية الشبراملسي
( قوله : فتشحن بالعدة ) أي آلة الحرب ، وقوله والعدد كل ما يستعان به ( قوله : ولو أغنياء ) راجع لجميع ما قبله كما في الزكاة وغيرها ا هـ سم على حج .
وينبغي أن يقال مثله في الأئمة والمؤذنين وسائر من يشتغل عن نحو كسبه بمصالح المسلمين ، ويدل له قوله وألحق بهم العاجزون ، ومن ذلك أيضا ما يكتب من الجامكية للمشتغلين بالعلم من المدرسين والمفتين والطلبة ولو مبتدئين كما ذكره الشارح فيستحقون ما يعين لهم مما يوازي قيامهم بذلك وانقطاعهم عن أكسابهم ، ولكن ينبغي لمن يتصرف في ذلك مراعاة المصلحة فيقدم الأحوج فالأحوج ويفاوت بينهم فيما يدفع لهم بحسب مراتبهم ويشير إلى ذلك قول الشارح والعطاء إلى رأي الإمام ، ومحل إعطاء المدرسين والأئمة ونحوهم في مقابلة ذلك أن لا يكون لهم مشروط في مقابلة ذلك من غير بيت المال كالوظائف المعينة للإمام والخطيب ونحوهما من الواقف للمسجد مثلا ، فإن كان ، ولم يواز تعبهم في الوظائف التي قاموا بها دفع إليهم ما يحتاجون إليه من بيت المال زيادة على ما شرط لهم من جهة الأوقاف ( قوله : بمصالح المسلمين ) كمن يشتغل [ ص: 136 ] بتجهيز الموتى من حفر القبر ونحوه ( قوله : ويدخر منه مؤنة سنة ) فإن قلت : يرد على هذا ما هو ثابت عنه صلى الله عليه وسلم من أنه اختار الآخرة على الدنيا فكان يتقلل من العيش ما أمكن ومن ثم قالت nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة رضي الله تعالى عنها : { nindex.php?page=hadith&LINKID=86862ما شبع آل محمد صلى الله عليه وسلم من خبز الشعير يومين متتابعين حتى قبض } .
قلت : قال ابن حجر في شرح الشمائل جوابا عن ذلك ما نصه : ويجاب أخذا من كلام النووي في شرح nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم بأنه كان يفعل ذلك أواخر حياته ، لكن تعرض عليه حوائج المحتاجين فيخرجه فيها ، فصدق أنه ادخر قوت سنة وأنهم لم يشبعوا كما ذكر ; لأنه لم يبق عندهم ما ادخر لهم انتهى .
( قوله : ويؤيد الأول ) هو قوله وهذا السهم كان له إلخ ( قوله : فالقياس إلخ ) معتمد ( قوله : ما كان يعطاه ) ظاهره أن محل جواز الأخذ فيما لم يفرز منه لأحد من مستحقيه أما ذلك فيملكه من أفرز له فلا يجوز لغيره أخذ شيء منه ، وكتب أيضا حفظه الله قوله : ما كان يعطاه : أي من أموال بيت المال ، ومنها التركات التي تئول لبيت المال ، فمن ظفر بشيء منها جاز له أن يأخذ منه قدر ما كان يعطاه من بيت المال ، وهو يختلف باختلاف كثرة المحتاجين وقلتهم فيجب عليه الاحتياط ، فلا يأخذ إلا ما كان يستحقه لو صرفه أمين بيت المال على الوجه الجائز ، ويجوز له أيضا أن يأخذ منه لغيره ممن عرف احتياجه ما كان يعطاه ( قوله : وعليه وعلى الباقين ) ومثل ذلك من وصل إليه شيء من غلة وقف عليه وعلى غيره حيث لم يصرف [ ص: 137 ] لبقية المستحقين .
حاشية المغربي
( قوله : والعدد بفتح ) العين يعني من الرجال وعبارة الدميري : والمراد سدها : أي الثغور بالرجال والعدد انتهت . فالعدد في كلامه بالضم لمقابلة الرجال الذين أريدوا بالعدد بالفتح هنا المقابل للعدة التي هي مفرد العدد بالضم ، وهذا لعله أصوب مما في حاشية الشيخ ( قوله : ولو أغنياء ) هذا في التحفة مذكور [ ص: 136 ] بعد الأئمة والمؤذنين ، وكتب عليه الشهاب سم أنه راجع لجميع ما قبله ، والشيخ نقل كلام الشهاب المذكور في حاشيته على خلاف وجهه