بكسر الخاء وهي التماس النكاح ( تحل خطبة خلية عن نكاح وعدة ) تصريحا وتعريضا ويحرم خطبة المنكوحة كذلك إجماعا فيهما ، وسيعلم من كلامه اشتراط خلوها أيضا من بقية موانع النكاح ومن خطبة الغير ، وما أورد على مفهومه من المعتدة عن وطء شبهة حيث تحل خطبتها مع عدم خلوها من العدة المانعة للنكاح لأن ذا العدة لا حق له في نكاحها .
رد بأن الجائز إنما هو التعريض فقط ، خلافا لمن زعم جواز التصريح لها وهو مفهوم من قوله الآتي : لا تصريح لمعتدة فساوت غيرها ، وعلى منطوقه من المطلقة ثلاثا حيث حرم على مطلقها خطبتها حتى تنكح زوجا غيره وتعتد منه .
رد أيضا بأنها قام بها مانع فأشبهت خلية محرما له ، فكما لا ترد المحرم لا ترد هذه لأن المراد الخلية من سائر الموانع كما تقرر ، وبهذا يندفع قول من ادعى أنه يرد عليه إيهامه حل خطبة الأمة المستفرشة [ ص: 202 ] وإن لم يعرض السيد عنها ، وفيه نظر لما فيه من إيذائه ، إذ هي في معنى الزوجة انتهى ، والأوجه حرمته مطلقا ما لم تقم قرينة ظاهرة على إعراض السيد عنها ومحبته لتزويجها ، ووجه اندفاعه أن هنا مانعا هو إفسادها عليه ، بل مجرد علمه بامتداد نظر غيره لها مع سؤاله له في ذلك إيذاء له أي إيذاء وإن فرض الأمن عليها من الفساد وقد عرف أن انتفاء سائر الموانع مراد وهذا من جملتها وبهذا يتضح أيضا عدم ورود قول الماوردي عليه يحرم على ذي أربع الخطبة : أي لقيام المانع منه ، وقياسه تحريم نحو أخت زوجته ا هـ .
ولم ير البلقيني ذلك فبحث الحل إذا كان قصده أنها إذا أجابت أبان واحدة ، وكذا في نحو أخت زوجته وهو متجه ، والأوجه حل خطبة صغيرة ثيب ، أو بكر لا مجبر لها خلافا لمن بحث خلافه ، إلا إن أراد إيقاع عقد فاسد ، على أنه يمكن أن يقال : يمنع كون ذلك خطبة لعدم المجيب لها ، ويحل خطبة نحو مجوسية لينكحها إذا أسلمت ، وأفهم قوله تحل عدم ندبها وهو ما نقلاه عن الأصحاب ، وقال الغزالي : تسن : أي وهو المعتمد ، واحتجا له بفعله صلى الله عليه وسلم ، وجرى عليه الناس وأيده غيرهما بأن للوسائل حكم المقاصد ، قال : لكن يلزم منه وجوبها إذا أوجبنا النكاح وهو مستبعد ا هـ .
ولا بعد فيه حيث توقف عليها ، ولا يتأيد ما نقلاه بتصريحهم بكراهة خطبة المحرم مع حرمة نكاحه ، لأن محله حيث لم يخطبها لينكحها مع الإحرام وإلا حرمت ، وكذا يقال في خطبة الحلال للمحرمة وفارقت المعتدة بتوقف الانقضاء على إخبارها الذي قد تكون كاذبة فيه ، بخلاف الإحرام فإن التحلل منه لا يتوقف على إخبارها ، وقد يقال : إن أريد بها مجرد الالتماس كانت حينئذ وسيلة للنكاح ، فليكن حكمها حكمه من ندب وغيره أو الكيفية المخصوصة من الإتيان لأوليائها مع الخطبة ، فهي سنة مطلقا ، فادعاء أنها وسيلة للنكاح وأن للوسائل حكم المقاصد ممنوع بإطلاقه لعدم صدق حد الوسيلة عليها ، إذ النكاح لا يتوقف عليها بإطلاقها لأن كثيرا ما يقع بدونها ، وخرج بالخلية الزوجة [ ص: 203 ] فتحرم خطبتها تصريحا وتعريضا كما مر ، والمعتدة عن نكاح لكن لما كان فيها تفصيل ذكره بقوله ( لا تصريح ) من غير ذي العدة لمستبرأة ( أو لمعتدة ) عن وفاة ، أو شبهة ، أو فراق بطلاق بائن أو رجعي ، أو بفسخ ، أو انفساخ فلا تحل إجماعا لأنها قد ترغب فيه فتكذب على انقضاء العدة ، وظاهر أن هذه حكمة فلا ترد العدة بالأشهر وإن أمن كذبها إذا علم وقت فراقها ، أما ذو العدة فتحل له إن حل نكاحها ، بخلاف ما إذا لم يحل كأن وطئ معتدة بشبهة فحملت فإن عدته تقدم ولا تحل له خطبتها إذ لا يحل له نكاحها ( ولا تعريض لرجعية ) ومعتدة عن ردة لأنهما في معنى الزوجة لعودهما للنكاح بالرجعة والإسلام
( ويحل تعريض ) بغير جماع ( في عدة وفاة ) ولو حاملا لقوله تعالى { ولا جناح عليكم فيما عرضتم به من خطبة النساء } وخشية إلقائها الحمل ليتعجل الانقضاء نادرة فلا ينظر إليها ( وكذا ) يحل التعريض ( لبائن ) معتدة بالأقراء أو الأشهر ( في الأظهر ) لعموم الآية ولانقطاع سلطة الزوج عنها والثاني المنع لأن لصاحب العدة أن ينكحها فأشبهت الرجعية وأورد عليه بائن بثلاث ، أو رضاع ، أو لعان فإنه يحل التعريض لها قطعا ، ورد بأن بعضهم أجرى فيه الخلاف أيضا فلعل المصنف يرتضيه ، والعدة عن شبهة قيل مما لا خلاف فيه وقيل مما فيه الخلاف ، ولجوابها وجواب وليها حكم خطبته في التفصيل المذكور ثم التصريح ما يقطع به في الرغبة في النكاح كقوله : إذا انقضت عدتك نكحتك ، والتعريض ما يحتمل ذلك وعدمه كأنت جميلة ومن يجد مثلك إن الله سائق إليك خيرا لا تبقي أيما ، رب راغب فيك وكذا إني راغب فيك كما نقله الإسنوي عن حاصل كلام الأم واعتمده وهو بالجماع كعندي جماع يرضي من جومعت محرم ، ونحو الكناية وهي الدلالة على الشيء بذكر لازمه قد يفيد ما يفيده التصريح ، كأريد أن أنفق عليك نفقة الزوجات وألتذ بك فيحرم ، وقد لا فيكون تعريضا كذكر ذلك ما عدا وألتذ بك ، وكون الكناية أبلغ من التصريح باتفاق البلغاء وغيرهم إنما هو لملحظ يناسب تدقيقهم الذي لا يراعيه الفقيه وإنما يراعي ما دل عليه التخاطب العرفي ومن ثم افترق الصريح هنا وثم
حاشية الشبراملسي
( فصل ) في الخطبة ( قوله : في الخطبة ) أي وما يتبعها من حكم من استشير إلخ ( قوله : وهي ) أي شرعا ولغة ( قوله : التماس ) أي التماس الخاطب النكاح من جهة المخطوبة ( قوله : وعدة ) أي وتسر كما يأتي ( قوله : وسيعلم من كلامه ) أي بمعونة ما قرره فيه وإلا فليس في كلامه ما يعلم منه ذلك ( قوله : فساوت غيرها ) أي المعتدة عن شبهة ( قوله : حرم على مطلقها خطبتها ) [ ص: 202 ] ومنها توافقه معها على أن تتزوج غيره لتحل له فيحرم ( قوله : وإن لم يعرض ) الواو للحال ( قوله : وفيه نظر ) أي في الحل ( قوله : والأوجه حرمته ) أي ما ذكر من خطبة المستفرشة ( قوله : وهو متجه ) أي بحث الحل ( قوله : على أنه يمكن أن يقال ) قد تدفع هذه العلاوة بأن الخطبة هي التماس النكاح وقد وجد وإن تعذرت الإجابة لمانع ، إلا أن يعتبر في مسمى الخطبة أنما التماس النكاح ممن تعتبر إجابته وهو الظاهر ، وقد يقال : يكفي في مسمى الخطبة كونه ممن تعتبر إجابته بعد زوال المانع ، وفيه بعد ، ( قوله : وأفهم قوله ) أي المصنف ( قوله قال لكن يلزم إلخ ) أي قال المؤيد ( قوله ولا يتأيد ما نقلاه ) أي عن الأصحاب ( قوله : مع حرمة نكاحه ) أي فلا يتم أن للوسائل حكم المقاصد ( قوله : وفارقت ) أي المحرمة ( قوله وقد يقال ) من كلام م ر وهو معتمد ( قوله : إن أريد بها ) [ ص: 203 ] أي الخطبة ( قوله كأن وطئ ) أي الشخص وقوله بشبهة متعلق بوطء وقوله فإن عدته أي الحمل ( قوله : ولا تحل له ) أي لصاحب الحمل ( قوله : إذ لا يحل له ) أي لبقاء عدة الأول ( قوله : ولا تعريض للرجعية ) أي ولو بإذن الزوج ( قوله : والإسلام ) أما في الرجعة فظاهر وأما في الإسلام فهو بمعنى أنه يتبين بإسلامها أنها لم تخرج عن الزوجية ( قوله : بغير جماع ) أي أما به فيحرم كأن يقول عندي جماع يرضى ( قوله : فلعل المصنف يرتضيه ) أي جريان الخلاف ( قوله : والعدة عن شبهة ) هذا علم من قوله قبل وما أورد على مفهومه من المعتدة عن وطء شبهة إلخ ، ولعل حكمة ذكره هنا التنبيه على حكاية الخلاف فيه ( قوله : ما يقطع به ) أي بسببه ( قوله : وهو بالجماع ) أي [ ص: 204 ] التعريض بالجماع
حاشية المغربي
[ ص: 201 ] فصل ) في الخطبة ( قوله : ويحرم خطبة المنكوحة ) أي وأما المعتدة فستأتي في المتن لكنه كرر هذا أيضا قبيل المتن الآتي ( قوله : من بقية موانع النكاح ) أي سائر الموانع على ما يأتي بما فيه ( قوله : حيث تحل خطبتها مع عدم خلوها إلخ ) الظاهر أن هذا المردود ممن يرى الزعم الآتي من جواز خطبة المعتدة عن شبهة ولو بالتصريح ، فحاصل الرد عليه تضعيف ما ذهب إليه فليتأمل ( قوله : من المطلقة ثلاثا ) أي بعد انقضاء العدة ( قوله : وبهذا يندفع قول من ادعى ) عبارة [ ص: 202 ] التحفة : قول من قال إلخ وهي الأصوب تأمل ( قوله : ووجه اندفاعه أن هنا مانعا هو إفسادها إلخ ) هلا كان المانع عدم استبرائها الذي هو من موانع النكاح ( قوله : عليه ) متعلق بورود ، وعبارة التحفة أو بهذا يتضح أيضا أنه لا يرد عليه قول الماوردي إلخ ( قوله : وقياسه تحريم نحو أخت زوجته ) كذا في نسخ الشارح ، وهو صريح في أنه كلام الماوردي وليس كذلك ، وإنما هو كلام ابن النقيب كما علم من حواشي شرح الروض ، فلعل الكتبة أسقطت من الشارح . قال ابن النقيب قبل قوله وقياسه إلخ ( قوله : ولم ير ذلك البلقيني ) قال الشهاب سم : يمكن تقييد كلام الماوردي بغير ما قاله البلقيني فلا يتنافيان ( قوله : قال ) أي الغير المذكور ( قوله : ولا بعد فيه حيث يتوقف عليها ) عدل عن قول التحفة ولا بعد فيه إذا سلم كونها وسيلة ، فقد كتب عليه الشهاب سم ما لفظه : هذا لا يظهر كفايته في نفي البعد بل لا بد من توقف النكاح عليها وإلا فلا وجه لوجوبها ( قوله : مع الخطبة ) أي بضم الخاء ، ويوجد في بعض النسخ من الخطبة وهو تحريف ( قوله : إذ النكاح لا يتوقف عليها إلخ ) قال الشهاب سم : [ ص: 203 ] قد يمنع اعتبار التوقف في الوسيلة بل يكفي فيها الإفضاء ولو في الجملة ( قوله : والمعتدة عن نكاح ) الأصوب حذف قوله عن نكاح ( قوله : بشبهة ) متعلق بوطء ( قوله : عن ردة ) أي من الزوج إذ المرتدة لا يحل نكاحها فلا تحل خطبتها من حيث الردة ( قوله : معتدة بالأقراء أو الأشهر ) أي خلافا لمن قال إن كانت عدتها بالأقراء حرم قطعا ( قوله : أبلغ من التصريح ) لا خفاء إن الأبلغية فيها ليست من حيث إفهام المقصود ، فالصريح أبلغ من هذه الحيثية بالاتفاق لعدم احتياج الذهن فيه إلى الانتقال من أمر إلى أمر آخر ، والأبلغية في الكناية للملحظ الذي أشار إليه الشارح [ ص: 204 ] بمعنى أن الكلام الذي اشتمل عليها يوصف بالبلاغة باصطلاحهم