[ ص: 322 ] ( فصل ) في الإعفاف . ( يلزم الولد ) الحر ولو مبعضا الموسر بما يأتي في النفقات كما هو ظاهر الأقرب ، ثم الوارث وإن سفل وكان أنثى أو خنثى وغير مكلف وكافرا اتحد أم تعدد ، فإن استوى اثنان فأكثر قوة وإرثا وزع عليهم بحسب الإرث على ما رجحه في الأنوار وهو المعتمد ( إعفاف الأب ) الكامل الحرية المعصوم المعسر ولو كافرا ( والأجداد ) ولو من قبل الأم حيث اتصفوا بما ذكر
( على المشهور ) لئلا يقع في الزنا المنافي للمصاحبة بالمعروف ، ولأنه من وجوه حاجته المهمة كالنفقة .
والثاني لا يلزمه وهو مخرج كما لا يلزم الأصل إعفاف الفرع ، وخرج بما ذكر المعسر وغير الأصل والأصل الأنثى لأن الحق لها لا عليها وإلزامه بالإنفاق على زوجها معها عسر جدا على النفوس فلم يكلف به والرقيق وغير المعصوم ، لو قدر على إعفاف أصوله لزمه ، فإن ضاق ماله قدم العصبة وإن بعد كأبي أبي أبيه على أبي أمه .
فإن استويا عصوبة أو عدمها قدم الأقرب كأب على جد وأبي أم على أبيه ، فإن استويا قربا فقط بأن كان في جهة الأم كأبي أم وأبي أم أم أقرع بينهما ولو بلا حاكم ، وإعفافه يحصل في الرشيد
( بأن يعطيه ) بعد النكاح ولا يلزمه قبله
( مهر ) مثل
( حرة ) تليق به ولو كتابية ولو بعد أن نكحها موسرا ثم أعسر قبل وطئها وامتنعت من التسليم حتى يسلمه كما قاله البلقيني
( أو يقول له انكح وأعطيك المهر ) أي مهر مثل المنكوحة اللائقة به ، فلو زاد ففي ذمة الأب
( أو ينكح له بإذنه ويمهر ) ها
( أو يملكه أمة ) تحل له
( أو ثمنها ) بعد شرائها لأن الغرض حاصل بواحد من ذلك ، ولا يكفي شوهاء وصغيرة ومن بها عيب يثبت الخيار ولو شابة وجذماء ،
[ ص: 323 ] وكذا لو لم يثبته كعمياء كما قاله الأذرعي ، وليس له أن يزوجه بأمة لأنه مستغن بمال فرعه .
( عليه مؤنتهما ) بتثنية الضمير بخطه : أي الأب ومن أعفه بها من حرة أو أمة ، وفي بعض النسخ مؤنتها : أي مؤنة من أعفه بها وهو أحسن وموافق لما في المحرر ، لأن مؤنة الأصل معلومة من بابها ولأنه لا يلزم من إعفافه مؤنته إذ قد يقدر عليها فقط .
نعم يمكن الاعتذار عن المصنف بأنه إنما نص على ذلك لدفع توهم أنه متى أعفه سقطت مؤنته وأن ما يأتي في النفقات مفروض فيما إذا لم يعفه ، ولأن الغالب أن من احتاج للإعفاف يحتاج للإنفاق ، وحمل بعضهم كلامه على الزوجة والأمة بعيد لأن العطف فيهما بأو مع أنه يوهم وجوب إنفاقهما لو اجتمعا وليس كذلك ، ولا يلزم الفرع أدم لزوجة أصله ولا نفقة خادمها كما قاله البغوي لأنها لا تتخير بعجزه عنهما ، ولو كانت تحت الأصل من لا تعفه كشوهاء وصغيرة لزم الفرع إعفافه ، فلو أعفه حينئذ لم يلزمه سوى نفقة واحدة يوزعها الأب عليهما ، ولا تتعين للجديدة كما شمله كلامهم خلافا لابن الرفعة
( وليس للأب تعيين النكاح دون التسري ) ولا عكسه
( ولا ) تعيين
( رفيعة ) لمهر ومؤنة أو لثمن بجمال أو شرف لما فيه من الإجحاف بالفرع
( ولو اتفقا على مهر ) أو ثمن
( فتعيينها للأب ) إذ لا ضرر فيه على الفرع وهو أعلم بغرضه
( ويجب التجديد [ ص: 324 ] إذا ماتت )
الزوجة أو الأمة بغير فعله كما هو ظاهر
( أو انفسخ ) نكاحه
( بردة ) منها لا منه كما صرح به الزركشي لأنه معذور كالموت ، أما الفسخ بردته فهو كطلاقه من غير عذر وكردته ردتهما معا كما لا يخفى
( أو فسخه ) أي الزوج النكاح
( بعيب ) في الزوجة ، ويفهم منه فسخها بعيبه بالأولى فلا حاجة لقول بعض الشراح : إن الأولى فسخ بالبناء للمجهول ليعم فسخ كل منهما ، وكالردة الفسخ برضاع كما لو كان تحته صغيرة فأرضعتها زوجته التي أعف بها لأنها صارت أم زوجته
( وكذا إن طلق ) ولو بغير عوض أو أعتق الأمة
( بعذر ) كنشوز أو ريبة
( في الأصح ) بخلافه بغير عذر لأنه المفوت على نفسه ، وظاهره أنه لا يقبل منه العزم على عدم عوده لما صدر منه وإن ظن صدقه .
والثاني المنع فإن الأب قصد قطع النكاح ، والعذر في الأمة أن تكون مستولدة أو غيرها ولم يجد من يرغب في شرائها وخاف ريبة منها أو اشتد شقاقها ، ولا يجب التجديد في عدة الرجعية ، ويسرى المطلاق ، ومر ضابطه في مبحث نكاح السفيه ويسأل الحاكم الحجر عليه حتى لا ينفذ منه إعتاقها كما قاله القمولي ، ويتجه انفكاكه عنه بمجرد قدرته على إعفاف نفسه من غير قاض ، لكن قولهم في الفلس إن الحجر متى توقف على ضرب الحاكم لا ينفك إلا بفكه ينازع في ذلك
( وإنما يجب إعفاف فاقد مهر ) وثمن أمة لا واجد أحدهما ولو بقدرته على الكسب كما قاله الشيخ أبو علي ، وجزم به في الشرح الصغير وإن جعله في الكبير على الخلاف في النفقة : أي فلا يكلف الكسب على الصحيح ، إذ الفرق بينها وبين ما هنا تكررها فيشق على الأصل الكسب لها بخلاف المهر أو ثمن الأمة ، ولأن البنية لا تقوم بدون النفقة ولأنها آكد إذ لا خلاف فيها بخلافه .
نعم يظهر تقييد ذلك بما إذا قدر على تحصله به في مدة قصيرة عرفا بحيث لا يحصل له من التعزب فيه مشقة لا تحتمل غالبا
( محتاج [ ص: 325 ] إلى نكاح )
أي وطء لشدة توقانه بحيث يشق الصبر عليه وإن أمن الزنا أو إلى عقده لخدمة لنحو مرض وتعين طريقا لذلك لكنه لا يسمى إعفافا كما أفاده السبكي ، ولو احتاج إلى استمتاع بغير الوطء لنحو عنة لم يلزم الولد ذلك كما هو ظاهر كلامهم ورجحه الزركشي
( ويصدق ) الأصل
( إذا ظهرت ) منه
( الحاجة ) أي أظهرها ولو بمجرد قوله وإن لم يحتف بقرينة إذ لا تعلم إلا منه
( بلا يمين ) لأن تحليفه يخل بحرمته ، نعم يأثم بطلبه كاذبا ، فإن كذبه ظاهر الحال كذي فالج صدق بيمينه فيما يظهر حيث احتمل صدقه ولو على ندور .
حاشية الشبراملسي
[ ص: 322 ] فصل ) في الإعفاف
( قوله : في الإعفاف ) أي وما بتبعه كحرمة وطء الأب أمة ولده وإنما اقتصر على الإعفاف لأنه المقصود ( قوله : بما يأتي في النفقات ) أي بحيث لا يصير مسكينا بما تكلف به كابن البنت مع ابن ابن الابن ( قوله : اتحد أم تعدد ) أي الولد ووجه شمول الولد المذكور في كلام المصنف المتعدد أن الولد جنس يطلق على الواحد والكثير بخلاف الابن ، وفي المختار الولد يكون واحدا وجمعا ، وكذلك الولد بوزن القفل وقد يكون الولد جمع ولد كأسد ا هـ ( قوله : قوة ) عبارة حج : قويا ، وهي الصواب ( قوله : وهو المعتمد ) أي خلافا لحج حيث قال بالتسوية ( قوله : المنافي للمصاحبة بالمعروف ) أي المشار إليها في قوله { وصاحبهما في الدنيا معروفا } ( قوله والأصل الأنثى ) ظاهره وإن خاف عليها الزنا ( قوله والرقيق ) كان الأولى أن يقول ومن فيه رق ليشمل المبعض ( قوله : فإن استويا ) أي الفرع الرشيد ( قوله : أقرع بينهما ) أي وجوبا ، فلو أعف غير من خرجت له القرعة أو هجم وأعف أحدهما بلا قرعة أثم وصح العقد ( قوله : فلو زاد ) أي على مهر المثل ( قوله : بعد شرائها ) أي الواقع من الأصل ( قوله : وجذماء ) أي مقطوعة اليد ، فإن من بها المرض المخصوص يقال له مجذومة لا جذماء على ما في الصحاح ، فلا يقال الجذماء داخلة فيمن فيه عيب ، لكن في القاموس أن من بها ذلك المرض يقال لها جذماء وللرجل أجذم ا هـ .
وعليه فعطف الجذماء على من بها عيب من عطف الخاص على العام إن أريد به المجذوم ، فإن أريد به الأقطع كان مباينا
[ ص: 323 ] قوله : وليس له أن يزوجه ) أي فلو خالف وفعل لم ينعقد النكاح ( قوله فعلى وليه أقل هذه الخمسة ) لعل المراد الأقل في الجملة ، وإلا فصور المهر ليس فيها أقل بالنسبة لأنفسها وإن كانت أقل بالنسبة للأمة والثمن الأمة مع الأمة ( قوله : والخيرة في ذلك ) أي فيمن يعفه بها ( قوله : لشدة شبقه ) أي فإن كان عدم الكفاية لاحتياجه للخدمة فقياس ما مر في المجنون وجوب الزيادة ، إلا أن يفرق بأن المجنون يزوج من ماله بخلاف الأب ، وقد يؤيد وجوب الزيادة قول الشارح الآتي محتاج إلى نكاح أو إلى عقده لخدمة لنحو مرض ( قوله : تفيد المنع ) معتمد ( قوله إنما نص على ذلك ) أي على مؤنة الأب ( قوله : إذا لم يعفه ) هو بضم الياء من أعف .
قال في المصباح : يقال عف عن الشيء يعف من باب ضرب عفة بالكسر وعفافا بالفتح امتنع عنه فهو عفيف ، واستعف عن المسألة مثل عف ، ورجل عف ، وامرأة عفة بفتح العين فيهما وتعفف كذلك ، ويتعدى بالألف فيقال أعفه الله إعفافا ، وجمع العفيف أعفة وأعفاء ا هـ ( قوله : وجوب إنفاقهما ) أي الزوجة والأمة ( قوله : لأنها لا تتخير بعجزه عنهما ) أي الأدم والخادم ( قوله : لم يلزمه ) أي الفرع ( قوله : ولا تعيين رفيعة ) لو تعدد من يعفه لكن ميله لواحدة منهن أكثر بحيث إنه إن لم يزوج بها خشي العنت وكان مهرها زائدا على مهر المثل اللائقة به فهل يلزم الفرع إعفافه بها [ ص: 324 ] أو لا ؟ فيه نظر ، والأقرب الثاني لما فيه من الإجحاف بالفرع ( قوله أو الأمة بغير فعله ) وليس منه الحبل حتى لو أحبلها فماتت بالولادة يجب التجديد .
وكتب أيضا حفظه الله : أو الأمة بغير فعله : أي أما بفعله فلا تجدد ، وظاهره إن طالت المدة وأضر به التعزب ، ولو قيل باعتبار موت أقرانها فيجدد له أخرى لم يكن بعيدا ، اللهم إلا أن يقال بقاء الأقران يتفاوت ( قوله : فهو كطلاقه من غير عذر ) أي فلا يلزم الفرع التجديد له إذا أسلم بعد حصول الفرقة ما دامت حية صالحة ( قوله : وكالردة ) أي منهما ، وقوله الفسخ برضاع : أي فيجب التجديد ( قوله أو أعتق الأمة بعذر ) راجع للطلاق والعتق ( قوله : بخلافه بغير عذر ) هل من ذلك ما لو كان تحته شوهاء أو صغيرة فأعفه بغيرهما ثم دفع له نفقة فقسمها الأب بينهما على ما مر ، أنه المعتمد ففسخت الجديدة لعدم تمام نفقتها أو لا لعذر الأب بلزومه بالتوزيع فيه نظر ، والأقرب الثاني ، فيجب التجديد له ( قوله : وإن ظن صدقه ) ولو قيل إذا غلب على الظن صدقه وحقت ضرورته بحيث خشي عليه نحو زنا أو مرض يهلك أنه يجدد له أخرى لم يبعد ا هـ حج .
وهو قريب بل لو قيل بوجوب ذلك وإن لم يظن صدقه فيما قال لم يبعد حيث خيف هلاكه أو وقوعه في الزنا ( قوله : ويسري المطلاق ) لعل المراد الذي عرف ذلك منه قبل الإعسار ، فلا يرد أنه إذا طلق لغير عذر لا يجب التجديد له أو أنه طلقها رجعيا ثم راجع ثم طلق ثلاثا ثم ماتت ، وقولنا ثم طلق ثلاثا أي فعل ذلك ثلاث مرات ، ثم رأيته في سم على منهج ( قوله : ومر ضابطه ) أي وهو أن يطلق ثلاث مرات ولو في زوجة وعبارته ثم ، فإن كان مطلاقا بأن طلق بعد الحجر أو قبله كما هو ظاهر ثلاث زوجات أو ثنتين ، وكذا ثلاث مرات ولو في زوجة واحدة فيما يظهر ( قوله : من غير قاض ) معتمد ( قوله : نعم يظهر تقييد ذلك إلخ ) معتمد ( ; قوله : من التعزب فيه )
[ ص: 325 ] ذكر نظرا للمعنى إذ المدة زمان ( قوله لكنه ) أي العقد للخدمة ( قوله : وإن لم يحتف ) أي يقول ( قوله : صدق بيمينه فيما يظهر ) لعل المراد فيما يظهر أنه الراجح فلا ينافي أن ذلك من كلام الأذرعي كما في شرح المنهج .
حاشية المغربي
[ ص: 321 - 322 ] ( فصل ) في الإعفاف ( قوله : فإن استويا قربا فقط ) أي لا عصوبة ( قوله : في الرشيد ) قيد في الفرع كما يعلم مما يأتي ( قوله : مهر مثل حرة ) انظر لو كان إنما نكح بأكثر أو بأقل ويعلم حكم الزيادة مما بعده ( قوله : ولا تكفي شوهاء ) لعله إن لم يردها [ ص: 323 ] الأب فليراجع ( قوله اتجه تزويجه بها ) قال حج ويتزوجها الأب للضرورة وهو مع قوله الآتي عقب قول المصنف محتاج إلى نكاح وإن أمن الزنا صريح في عدم اشتراط توفر شروط تزوج الأمة فيكون مستثنى مما مر في تزوج الأمة لكن في حواشي التحفة لسم أنه لا بد من توفر الشروط كما هو ظاهر . ا هـ . فليحرر ( قوله : أقل هذه الخمسة ) لا يخفى أنها ترجع إلى مهر حرة أو ثمن أمة ، على أن الصورتين الأوليين ليس بينهما فرق معنوي فتأمل ( قوله : إذ قد يقدر عليها ) أي الأصل على مؤنته فقط ( قوله : ومؤنة ) انظره مع أن المؤنة مقدرة سيما وقد مر أنه لا يجب لها أدم ( قوله : ولو اتفقا على مهر أو ثمن ) أي ولم تكن معينة الأب أرفع مؤنة بقرينة ما قبله [ ص: 324 ] قوله : بغير فعله ) لعله أو بفعله المعذور فيه كدفعها لصيال أخذا مما يأتي فليراجع [ ص: 325 ] قوله أي وطء ) إنما حمل النكاح على الوطء لقول المصنف المار إعفاف ( قوله : لخدمة لنحو مرض ) وظاهر أنها تكفي هنا وإن كانت شوهاء فليراجع