( ولو ) ( قال طلقي نفسك إن ضمنت لي ألفا فقالت ) في مجلس التواجب كما اقتضته الفاء ( طلقت وضمنت أو عكسه ) أي ضمنت وطلقت ( بانت بألف ) لأن أحدهما شرط في الآخر يعتبر اتصاله به فهما قول واحد فاستوى التقديم والتأخير ، وبه فارق ما يأتي في الإيلاء ( فإن اقتصرت على أحدهما ) بأن ضمنت ولم تطلق أو عكسه ( فلا ) طلاق لعدم وجود المعلق عليهما ، وليس المراد بالضمان هنا ما مر في بابه لأن ذلك عقد مستقل ولا التزام مبتدأ لأنه لا يصح بغير النذر ، بل التزام بقبول في ضمن معاوضة فلزم لأنه وقع تبعا لا مقصودا ، وألحق بذلك عكسه وهو إن ضمنت لي ألفا فقد ملكتك أن تطلقي نفسك ، ولا يشكل ما تقرر بما يأتي أن تفويض الطلاق إليها تمليك لا يقبل التعليق ، لأنه علم مما تقرر أن هذا وقع في ضمن معاوضة فقبل التعليق واغتفر لأنه وقع تبعا لا مقصودا بخلاف ما يأتي ، وما نوزع به في الإلحاق
[ ص: 413 ] بأن معنى الأول التنجيز ، أي طلقتك بألف تضمنينه لي ، والثانية التعليق المحض ، ونظيره صحة بعتك إن شئت دون إن شئت بعتك يرد بأن الفرق بين هاتين إنما هو لمعنى مر في البيع لا يأتي هنا كيف والتعليق ثم يفسد مطلقا إلا في الأولى لأن قبوله متعلق بمشيئته وإن لم يذكرها ، والتعليق هنا غير مفسد مطلقا فاستوى تقدمه وتأخره ( وإذا علق بإعطاء مال فوضعته ) أو أكثر منه فورا في غير متى ونحوها بنفسها أو بوكيلها مع حضورها مختارة قاصدة دفعه عن التعليق ، فإن قالت لم أقصد الدفع عن ذلك أو تعذر عليه الأخذ لحبس أو جنون أو نحوه لم تطلق كما قاله السبكي ( بين يديه ) بحيث يعلم به ويتمكن من أخذه بلا مانع له منه كما قاله الأذرعي وغيره ( طلقت ) بفتح اللام أجود من ضمها وإن لم يأخذه لأنه إعطاء عرفا ولهذا يقال أعطيته فلم يأخذه ( والأصح دخوله في ملكه ) قهرا بمجرد الوضع لضرورة دخول المعوض في ملكها بالإعطاء لأن العوضين يتقاربان في الملك ، وعلم منه أنها لو كانت سفيهة لم تطلق بإعطائها ، والثاني لا يدخل في ملكه فيرده هو ويرجع لمهر مثلها وكالإعطاء الإيتاء بالمد وقول الشيخ في شرح منهجه أن مثله المجيء ينبغي حمله على وجود قرينة تشعر بالتمليك
حاشية الشبراملسي
( قوله : المعلق عليهما ) أي الأمرين المعلق عليهما ( قوله : ما مر في بابه ) بقي ما لو أراده كأن قال إن ضمنت الألف الذي لي على فلان فأنت طالق فضمنته اتجه وقوع الطلاق بائنا لأنه بعوض راجع للزوج ، ولا يتغير الحكم ببراءتها من الألف بإبرائه أو أداء الأصيل كما لو قال لها أنت طالق على الألف فقبلت ثم أبرأها منه أو أداها عنها أحد فليتأمل وفاقا لم م ر ا هـ سم على حج . وهذا بخلاف ما لو قال ما إن ضمنت لزيد ماله على عمرو فأنت طالق فضمنته فهو مجرد تعليق ، فإن ضمنت ولو على التراخي طلقت رجعيا لعدم رجوع العوض للزوج ، وإن لم تضمن فلا وقوع ، وقول سم لأنه بعوض : أي وهو الضمان ، وإنما كان عوضا لصيرورة ما ضمنته دينا في ذمتها يستحق المطالبة به ( قوله : ولا التزام ) أي ولا هو التزام ( قوله : وهو ) أي حقيقة العكس فطلقي نفسك فلعل التعبير بما ذكر بيان للمعنى وإشارة إلى أنه لا فرق بين صيغة الأمر وغيرها [ ص: 413 ]
( قوله : بأن معنى الأول ) أي كلام المصنف ( قوله : والثانية ) أي العكس ( قوله : وإذا علق بإعطاء مال ) قضية ما مر من أنه يشترط في العوض أن يكون المال المعلق عليه مما يصح إصداقه : أنه يشترط مثل ذلك هنا ، وعليه فلو علق بإعطاء نحو حبتي بر فهل يقع بذلك الطلاق بائنا بمهر المثل لكون ما ذكر مما يقصد في الجملة كما لو علق بخمر أو ميتة ، أو يقع رجعيا كما لو علق بدم أو حشرات فيه نظر ، والأقرب الأول لأن ما ذكر وإن لم يعد مالا لكنه يقصد في الجملة فأشبه ما لو طلق بميتة أو علق بها ( قوله : فوضعته ) يعلم منه أنه علق على إعطاء معلوم كألف درهم ، وعليه فلو علق بإعطاء مجهول كإن أعطيتني مالا فهل يقع بأي قدر أعطته وهل يملكه ويقع به الطلاق أو تبين به ويجب مهر المثل فيه نظر ، وقضية ما يأتي فيما لو علق بإعطاء عبد ولم يصفه وقوع الطلاق بأي مال دفعته ويجب رده ، ويستحق مهر المثل ( قوله : طلقت ) هل يشترط لوقوعه الإبصار فلا يعتد بوضعه بين يدي الأعمى ، ويوجه بأنه لا يصح تصرفه في الأعيان أولا ، ويفرق بين هذا ونحو البيع بأن هنا شائبة تعليق فاقتضت الوقوع مطلقا وهل يشترط في ملتزم العوض إذا كان معينا الإبصار أيضا أم لا ؟ فيه نظر ، والأقرب أنه يقع بائنا بمهر المثل فيهما كما لو خالع على عوض فاسد
حاشية المغربي
( قوله : المعلق عليهما ) أي بالمعنى اللغوي ، فوقوع الطلاق معلق على تلفظها به وبالضمان بهذا المعنى ، أما بالمعنى الاصطلاحي [ ص: 413 ] فالمعلق عليه هو الضمان وتعليقها نفسها معلق ( قوله : أي طلقك بألف تضمنينه ) كان الظاهر في الحل ملكتها الطلاق بألف تضمنه لي فإن هذا هو معنى طلقي نفسك إن ضمنت ، وأيضا فإن الذي يضر تعليقه إنما هو التمليك لا الطلاق ( قوله : والتعليق هنا ) أي في خصوص هذه الصورة لما قدمه فيها ( قوله : ويتمكن من أخذه ) كان ينبغي تقديمه على قوله أو تعذر عليه الأخذ إلخ إذ هذا مفهومه ( قوله : وكالإعطاء الإيتاء ) كأن يقول إن آتيتني مالا بالمد ، أما الإتيان كأن يقول إن أتيتني بمال بالقصر فظاهر أن مثل المجيء فيما يأتي فيه .